"أحمد الفيتوري" الحكيم المقدام الذي اغتالته يد الإرهاب في بنغازي


في الثالث والعشرين من يناير الموافق عام 2018م، استهدف الإرهابيون مسجد بيعة الرضوان في بنغازي عقب صلاة العشاء ليسقط العشرات بين قتيل وجريح، كان من بين هؤلاء أحمد الفيتوري، آمر سرية القبض والتحري الخاصة التابعة للقيادة العامة بالجيش الليبي، خير من أنجبت بنغاازي، المعروف لدى القاصي والداني بـ"الشجاع المقدام".

 

مُتحدث لبق.. لا يجلس مجلسًا إلا واستحوذ عليه

 

ولد أحمد بن محمد بن علي الفيتوري في منطقة السلماني الشرقي عام 1978م، متزوج وله أبناء، خريج كلية الاقتصاد قسم المحاسبة، ويعد من أبرز تجّار بنغازي المعروفين بالسمعة الحسنة، شخص على درجة كبيرة من الوعي والفهم والثقافة وله دراية بالمجالات الكثيرة كـ (الشؤون العسكرية، الاقتصاد، الطب، الهندسة، القانون، والعرف الليبي السائد)، مُتحدث لبق يُجيد النطق بعدة لغات تصل إلى أربع لغات.

 

ووضعته تلك المعرفة موضع ثقة بين أقرانه، فكان لا يجلس مجلسًا إلا واستحوذ بفهمه عليه، صاحب علاقات كثيرة داخل وخارج الوطن، رجل حكيم لديه سرعة التفكير وحسن التصرف والتدبير في أحلك الظروف، صاحب نفس طويل؛ فلا ييأس ولا يمل حتى ييأس العدو، إنسان ناجح صاحب شخصية قيادية قوية، يعرف ذلك القاصي والداني، شجاع مقدام لا يخشى في الله لومة لائم ولا يستحيي من قول الحق.

 

نشاطه الدعوي والخيري

 

أحمد رجل نشيط في العبادة ذو مظهر جميل، مشهود له بالمحافظة على الصف الأول في الصلاة ومدوامته على صلاة الفجر في جماعة وفي الصف الأول، وكان أحد أبرز الداعمين لطلاب العلم القادمين من خارج ليبيا وغيرهم.

 

وعن نشاطه الدعوي والخيري، يقول يقول يوســـف الغـريــاني، أحد أقرانه: "جمعتني بالفيتوري علاقة أخوية حميمة، فهو يعتبر شقيقنا الأكبر الذي يجمعنا، فكانت لديه طريقة خاصة ينجذب لها الشباب، فكان صحاب خلق، فكل شخص يتعامل مع الشيخ أحمد يشعر بأنه أغلى شخص لديه لما يلقاه من حسن التعامل فهو إنسان بشوش كريم رحيم بإخوانه؛ وكان يساعد المرضى بالعلاج واليتامى والأرامل والمحتاجين ويهتم بشؤون المساجد والموائد الرمضانية، ناهيك عن توزيع الأضاحي في عيد الأضحى المبارك والتي قد تصل إلى 100 رأس من الغنم، وكذلك توزيع الملابس والأحذية في المواسم السنوية من كل عام ".

 

ويتابع "الغرياني": "كان مما شهدت عليه قبل وفاته هو منح أحد الشباب المقبل على الزواج مبلغ 3,000 دينار ومنح آخر 10,000 دينار"، ويضيف: "ومن مواقفه معي شخصيًا قبل وفاته بأسبوعين قال لي: "يا يوسف لدي رجل أعمال صديقي بدولة الكويت، أنا اخترتك أنت بين الشباب للعمل معه فما رأيك؟، فقلت له: دعني أفكر بالأمر!، وبعدها بأيام وبعد سلامي من صلاة المغرب، تبسم في وجهي وقال لي: قد شرعت لك في الأمر".

 

رجل مناضل.. معروف وقت الشدة

 

أما عن علاقته برجال الدولة، قال "الغرياني": "هي علاقة وطنية فالشيخ أحمد يحظى باحترام الجميع ولديه علاقات قوية بكل القادة العسكريين، أما علاقته بالقائد العام فهي علاقة محبة واحترام وتقدير متبادل، وكان يصطحبني معه أحيانًا في زياراته الرسمية وقد رأيت ذلك الاحترام والتقدير في أعين الجميع، وبعد أول زيارة لي بعد استشهاده إلى القيادة العامة وكنت برفقة الشيخ أيمن شقيقه وأخي عادل أبو طبل لإتمام بعض الإجراءات، استقبلنا الجميع ببالغ الأسى والحزن والأسف؛ حتى قال أحهم: "أحمد رجل مناضل.. وعرفناه في أوقات الشدة".

 

ويضيف "الغرياني": "أحمد الفيتوري رجل وطني غيور وفيٌّ مخلص لا يحب أن يخذل إخوانه ودائمًا ما يناصرهم إذا ما وقع بهم العدوان والظلم.. كان يحب مرافقة الرجال الشجعان ويكره صحبة الجبناء والمخذلين، يحب المواجهة ويكره الغيبة والحديث خلف الظهر".

 

قائد مقدام لا يخشى إلا الله

 

وحول وضعه العسكري في بنغازي، يقول "الغرياني": "أحمد الفيتوري هو آمر الكتيبة الوحيد في ليبيا الذي يسير بمفرده بلا حراسة ولا يركب المصفحات إلا أخيرًا، فهو رجل نظيف عادل فلا يظلم ولا يطغى ولا يتجبر، وأذكر بأني يومًا من الأيام عندما رأيته في طريقي قمت بمضايقته بسيارتي مازحًا، وقلت له بعدها: "يا شيخ أحمد ألا تتخذ لك حراسًا ليحرسوك؟"، قال لي كارهًا ومستهجنًا ذلك: "هل تريدهم يصيرون طابور خلفي!".

 

ويستطرد، أحد أقرب أصدقائه، قائلًا: "أحمد الفيتوري رجل يخشى الله نحسبه كذلك، لم يقتل ولم يعذب أحدًا في جهازه المكلف بإمرته، بل كان يتحقق بدقة ويتحرى الصدق، يُحسن التعامل مع السجناء والموقوفين، كان يتريث فلا يطلق الأحكام حتى يتبين وأما من ضلع تورطه بالأدلة والبراهين الواضحة في جرائم القتل؛ كان يقوم بإحالته إلى الجهات المختصة على الفور، ومن ظهرت براءته يخلي سبيله ليعود إلى أهله كما كان".

 

ويضيف: "أحمد الفيتوري كان يعمل مجانًا فقد كان لا يتقاضى راتبًا نظير إدارته للقوة، وهذا سر لا يعرفه إلا القليل، بل كان يدفع من ماله الخاص للجهاز ولبعض العناصر ممن يعانون من ضائقة مالية".

 

وعن الأكاذيب والشائعات التي تروج عن اجتماعاته السرية، نفى "الغرياني" ذلك بقوة، وقال: "أحمد الفيتوري وبعد تحرير مدينة بنغازي قام بتسليم الجهاز إلى أحد الضباط، ولم يدخل للمقر منذ أسبوعين أو أكثر وكان يُهيءُ نفسه للحياة المدنية السابقة والاعتيادية، فلا اجتماع سري بالمسجد ولا غيره".

 

ويؤكد أن تلك الشائعات روجت ضده لتشويه السلفيين بشكل عام، مضيفًا: "الشيخ أحمد كان في كل ليلة يمارس المشي بفناء المسجد لمدة 30 دقيقة أحيانًا نراقبه حتى يفرغ وأحيانا نمشي معه لنُسلّيه، وكان لا يرغب في أن تكون له رتبة عسكرية لأنه يفضل التفرغ لممارسة مهنته التجارية القديمة ونشاطه القديم".

 

جهوده العسكرية في دحر الإرهاب والمهربين

 

وعن جهوده العسكرية في دحر الإرهاب والمهربين، قال "الغرياني": "أحمد الفيتوري شارك في القتال ومساندة معسكر الصاعقة بمنطقة المساكن قبل سقوطه في يد الخوارج، وشارك في معركة بنينا التاريخية، وشارك في اقتحام الصابري في الخامس من أغسطس 2016، وفي ذلك اليوم استشهد البطل الخلوق علي البدري رحمه الله، شارك أيضًا في معركة قاريونس يوم استشهاد أخونا البطل محمد البركي رحمه الله، وأصيب الشيخ أحمد بإصابة في ظهره أجرى بعدها عملية جراحية خارج البلاد ثم شارك في معركة تحرير الموانئ النفطية؛ فكانت أول قوة تخرج من بنغازي باتجاه الموانئ النفطية هي قوة التحري والقبض التي يقودها الشيخ أحمد رحمه الله وبفضل الله تمكنوا مع غيرهم من تحريرها من قبضة الإرهاب، وصولاً إلى بن جواد وهي لازالت إلى الآن تخضع لسيطرة قواتنا المسلحة" .

 

ويضيف: "الشيخ أحمد كان له بــاع أيضًا في مطاردة المهربين في الجنوب الليبي فمن خلال الصحراء تمكن من القبض على العشرات منهم ومصادرة بضائعهم وسيارتهم وأسلحتهم وتسليمها للقيادة العامة، كما دخل إلى مدينة تازربو منسقًا مع أهلها وطرد المليشيات منها ومكّن الحاكم العسكري فيها إلى يومنا هذا" .

 

ويختتم بقول: "مما يحسن ذكره بأنه بفضل الله ثم بعلاقاته الشخصية، استجلب عبر طائرة ركاب مدنية عدد من الأدوات والمعدات العسكرية والكلاب البوليسية المدربة على كشف المتفجرات والمخدرات، وهذا الأمر من الصعوبات التي لا تتأتى لغيره من الناس، حيث قام بعد ذلك بتوزيعها على عدة جهات أمنية وعسكرية، وهي الآن تعمل بشكل جيد".

اقرأ المزيد

مصر.. الأمن الوطني يحبط أضخم مخطط إخواني لاستهداف البلاد

استهدفت الأجهزة الأمنية المصرية 19 شركة وكيانًا اقتصاديًا، تديره بعض القيادات الإخوانية بطرق سرية، حيث تقدر حجم الاستثمارات فيه ربع مليار جني

السعودية.. نشاط مكثف لـ"الشؤون الإسلامية" استعدادًا لاستقبال شهر رمضان

استعدادات مكثفة واجتماعات دورية تجريها وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية بقيادة الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل

"المتحولون الخمسة".. كيف طوعوا الفتاوى لخدمة تنظيم الإخوان والحفاظ على الكرسي؟

ينتهج تنظيم الإخوان الإرهابي استراتيجية قائمة في المقام الأول على المراوغة والبراجماتية؛ فحيثما توجد مصلحة الجماعة

الإمارات تسد الطريق أمام "متاجرة الإخوان" بوفاة المعتقلة علياء عبد النور

سد بيان النيابة العامة الإماراتية حول وفاة المعتقلة علياء عبد النور، بسرطان الثدي صبيحة السبت، الطريق أمام متاجرة تنظيم الإخوان الإرهابي

تحقيق استقصائي يكشف عن تمويل قطري ضخم لـ"الإخوان" في هولندا

كشف موقع تحقيقات استقصائية بريطاني عن تمويل قطري ضخم لأنشطة الإخوان في هولندا

بالصور.. مدون إماراتي يكشف خفايا الحملة الإلكترونية القذرة ضد مصر

كشف إبراهيم بهزاد، المدون الإماراتي الشهير، خفايا الحملة الإلكترونية القذرة التي تديرها حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي

تعليقات


آخر الأخبار