تبرئة عثمان بن عفان.. الخليفة المفترى عليه!
يصر أهل الغلو والشر وأقزام التاريخ على التطاول على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، الجيل الفريد علمًا وعملًا، الذي اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه وإقامة دينه وشرعه، وجعلهم وزراء نبيه وورثته من بعده في حمل الأمانة وتبليغ الدعوة حتى وصل إلينا غضًا طريًا.
ويروج الرافضة عن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ست شبهات عفى عليها الزمن، من أجل أن ينالوا من مكانته رضي الله عنه، وقد روجها في السابق الخوارج الذين خرجوا عليه وحرضوا أهل مصر، والكوفة والبصرة، ورد عليهم كبار الصحابة رضوان الله عليهم آنذاك، وأهل العلم.
الفرية الأولى: (قالوا ولى أقاربه)
قالوا ولى أقاربه وهم: "معاوية، وعبد الله بن عامر بن كريز ومروان، والوليد ابن عقبة وهو فاسق ليس من أهل الولاية.. رغم أن هؤلاء جميعًا خمسة من حوالي واحد وعشرين واليًا.
وقبل أن نرد على ذلك بالتفصيل، نذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولى أيضًا عددًا من أقاربه، فلقد ذكر خليفة بن خياط في تاريخه صـ 200: أن عليًا ولى عبد الله وعبيد الله وتمام وقثم أبناء العباس، وولى ابن أخته أم هانئ عبد الرحمن بن هبيرة، وربيبه محمد بن أبي بكر، وعلى ذلك فما ينقمه الرافضة على عثمان قد فعله عليٌّ أيضًا رضي الله عنهما.
ويقول "أبو بكر ابن عربي" رحمه الله في رد هذه التهمة ما نصه: "وأما معاوية فعمر ولاه وجمع له الشامات كلها، وأقره عثمان بل إنما ولاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأنه ولى أخاه يزيد واستخلفه يزيد فأقره عمر لتعلقه بولاية أبي بكر لأجل استخلاف واليه له، فتلعق عثمان بعمر وأقره، فانظروا إلى هذه السلسلة ما أوثق عراها ولن يأتي أحد مثلها أبداً بعدها".
أما ابن حجر قال في الإصابة: "معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب له؛ وولاه عمر الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان وأقره عثمان، وأما عبد الله بن عامر بن كريز فولاه كما قال: "لأنه كريم العمات والخالات".
وفي هذا الشأن أيضًا ذكر ابن الأثير – رحمه الله -، أن عبد الله بن عامر بن كريز هو ابن خال عثمان بن عفان، كان كريمًا ميمون النقيبة، واستعمله عثمان على البصرة سنة تسع وعشرين بعد أبي موسى، وولاه أيضًا بلاد فارس بعد عثمان بن أبي العاص، وكان عمره لما ولي البصرة خمسًا وعشرين عامًا، ففتح خرسان كلها وأطراف فارس، وسجستان وكرمان وزابلستان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، إن لعبد الله بن عامر من الحسنات والمحبة في قلوب الناس ما لا ينكر.
وأما قول القائلين في مروان والوليد فمردود عليهم، وحكمهم عليهما بالفسق فسق منهم، فأما مروان رجل عدل من كبار الأمة عند الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين، فقد روى عنه سهل بن سعد الساعدي وهو أكبر منه سنًا وقدرًا.
كما روى عنه عبد الملك وعلي بن الحسين وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب وغيرهم وكان يعد من الفقهاء، والذي يتأمل الأحاديث المروية عن مروان يجد جملتها من الأئمة الثقات وجميعهم أعلى مرتبة في الإسلام من الذين يبردون الغل الذي في قلوبهم بالطعن في مروان.
وأما تولية الوليد بن عقبة فإن الناس على فساد النيات أسرعوا إلى السيئات قبل الحسنات، فذكر الافترائيون أنه إنما ولاه للمعنى الذي تكلم به حيث قال: "ما وليت الوليد لأنه أخي (أخوه لأمه أروى بنت كريز) وإنما وليته لأنه ابن أم حكيم البيضاء عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوأمة أبيه (وهي جدة الوليد لأمه أروى)".
لكن يجهل هؤلاء أن أول عمل أسند إلى الوليد كان في خلافة أبي بكر الصديق حيث كان موضع السر في الرسائل الحربية التي دارت بين الخليفة وقائده خالد بن الوليد في وقعة المذار مع الفرس سنة 12 هـ.
ولما عزم الصديق على فتح الشام كان الوليد عنده بمنزلة عمرو بن العاص في الثقة، فكتب إلى عمرو بن العاص والوليد بن عقبة يدعوهما لقيادة فيالق الجهاد فسار ابن العاص بلواء الإسلام نحو فلسطين وسار الوليد بن عقبة قائدًا إلى شرق الأردن.
أيضًا في خلافة عثمان رضي الله عنه كان الوليد بن عقبة أميرًا على بلاد بني تغلب وبهذا الماضي المجيد جاء الوليد في خلافة عثمان فولاه على الكوفة، وكان من خير ولاتها عدلاً ورفقًا وإحسانًا، وكانت جيوشه مدة ولايته على الكوفة تسير في آفاق الشرق فاتحة ظافرة.
الفرية الثانية: (تعطيل حد القصاص)
قالوا إن عثمان رضي الله عنه، لم يقتل عبيد الله بن عمر بالهرمزان مع ظهور القصاص ووجوبه، ومرد ذلك أن عثمان دفع ديته من ماله بعد ان شاور الصحابة، لأنه ولى دم القتيل الذي لم يكن له ولي، وفقًا لقاعدة (السلطان ولي من لا ولي له).
ولقد رد ابن العربي ردصا شافيًا وكافيًا في القواصم، قائلًا: "أما تلك القصة سندًا ومتنًا ففيها اضطراب، يقول ابن عبد البر: في الرواية الصحيحة أن عثمان رضي الله عنه تشاور مع المهاجرين والأنصار، ولم يقتل مسلمًا بكافر، وأعطى الدية بدلًا من ذلك فأي مخالفة في ذلك".
الفرية الثالثة: (نفي أبا ذر إلى الربذة)
قال الأفاكون أن عثمان أخرج أبا ذر - رضي الله عنهما - إلى الربذة وهذا ظلم عظيم، ومنكر أثيم، فعثمان رضي الله عنه أعدل وأفضل من أن يفعل بالأفاضل من الصحابة ما لا يستحقون، أو ينالهم بمكروه، وإنما كان هذا من عثمان تخييرًا لأبي ذر.
والدليل على ذلك قال عبد الله بن الصامت: دخلت مع أبي ذر في رهط من غفار على عثمان من باب لا يدخل عليه منه - قال: وتخوفنا عثمان عليه - فانتهى إليه، فسلم، ثم ما بدأه بشيء إلا أن قال: أحسبتني منهم يا أمير المؤمنين؟ - يعني الخوارج - والله ما أنا منهم ولا أدركهم ولو أمرتنى أن أعـض عـلى عـرقوبى قتب لعـضضت عـليهما حتى يأتيني الموت وأنا عـاض عـليها .
قال: صدقت يا أبا ذر، إنا إنما أرسلنا لخير، لتجاورنا بالمدينة، قال: لا حاجة لي في ذلك، ثم استأذنه في الربذة، فقال: ائذن لي في الربذة، قال: نعـم نأذن لك، ونأمر لك بنعـم من نعـم الصدقة تغـدو عـليك وتروح فتصيب من رسلها، اللبن .
قال: لا حاجة لنا في ذلك، يكفي أبا ذر صرمته ثم خرج فنادى: دونكم معـاشر قريش، دنياكم فاعـذموها لا حاجة لنا فيها ودعـونا وديننا .
وقال غـالب القطان: قلت للحسن البصري: أعـثمان أخرج أبا ذر ؟ قال: لا معـاذ الله، وكان محمد بن سيرن - رحمه الله ، إذا ذكر له أن عـثمان بن عـفان سيره، أخذه أمر عـظيم ويقول: هو خرج من قبل نفسه، ولم يسيره عـثمان - رضي الله عـنه.
الفرية الرابعة: (حرق المصاحف)
زعم الدجاجلة الرافضة أن "ذو النورين" أحرق المصاحف، وفي هذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "فوالله ما حرقها إلا على ملأ من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم، جمعنا وقال: ما تقولون في هذه القراءة التي اختلف الناس فيها، يلقى الرجل الرجل فيقول: قرائتي خير من قراءتك وهذا يجر إلى الكفر، فقلنا: ما الرأي، قال: أريد أن اجمع الناس على مصحف واحد، فإنكم إن اختلفتم اليوم كان من بعدكم أشد اختلافًا، فقلنا: نعم ما رأيت".
الفرية الخامسة: (إعطاء العطاء من مال الصدقة)
ومن تلك المطاعن الواهية، قالوا أنه أمر بالعطاء من مال الصدقة وأن الناس أنكروه، وللرد على ذلك يقول أبو نعيم الأصبهاني – رحمه الله -: عثمان أعلم ممن أنكر عليه؛ وللأئمة إذا رأوا المصلحة للرعية في شيئ أن يفعلوه ولا تجعل إنكار من جهل المصلحة حجة على من عرفها، ولا يخلو زمان من قوم يجهلون وينكرون الحق من حيث لا يعرفون، ولا يلزم عثمان فيما أمر به؛ إنكار من أنكر لما رأى من المصلحة.
ولقد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين في المؤلفة قلوبهم يوم الجعرانة، وترك الأنصار لما رأى من المصلحة حتى قال قائلهم: تقسم غنائمنا في الناس وسيوفنا تقطر من دمائهم؟!، فكان الذي دعاهم إلى الإنكار على ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قلة معرفتهم بما رأى من المصلحة فيما قسم، وكان أعظم من إنكار من أنكر على عثمان رضي الله عنه لأن مال المؤلفة من الغنيمة، فلا يلزم عثمان رضي الله عنه من إنكار من أنكر عليه شيئًا إلا ما لزم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى المصلحة فيما فعل اقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم.
الفرية السادسة: (ضرب عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود)
أما الفرية الأخيرة، زعموا أن عثمان بن عفان ضرب عمارًا حتى فتق أمعاءه!؛ فقال أبو نعيم في تثبيت الإمامة: "هذا غير ثابت عنه"، وقال ابن عربي: "وأما ضرب عمارًا فزور وإفك، ودعوى ضربه ابن مسعود وكسر أضلاعه ومنه عطاءه سنتين!، كل هذا باطل وزور لا أصل له".
بل لقد قال الإمام ابن تيمية: "فإن قيل إن عثمان قد ضرب ابن مسعود وعمارًا، فهذا لا يقدح في واحد منهم، فإنا نشهد أن الثلاثة في الجنة، وأنهم من أكابر أولياء الله المتقين، ولقد ضرب عمر أبيّ بن كعب، بالدرة لما رأى الناس يمشون خلفه، وقال: "ذلة للتابع، وفتنة للمتبوع".
اقرأ المزيد
كشفت نقابة المعلمين اليمنيين، عن اجتماعات مكثفة تجريها ميليشيات الحوثي الانقلابية
نقلت صحيفة "جهان صنعت" عن ممثل وعضو المجلس الأعلى للعمال، علي خدايي، قوله أن الخلاف بين العمال وأرباب العمل على الأجور مازال مستمرًا
في تدخل سافر، يؤكد الاتهامات الموجهة إلى النظام الإيراني بإذكاء تيار التطرف في البحرين
كشف موقع "The Intercept" الأميركي أن وثائق سرية مسربة للاستخبارات الإيرانية تضمنت معلومات عن استضافة تركيا لاجتماع بين الحرس الثوري الإيراني
أعلنت وزارة الصحة العراقية، الثلاثاء، عن سقوط عشرات القتلى والمصابين نتيجة انهيار جزء من ممشى