"التشيع".. من حب "عليّ" إلى إقامة الدولة الصفوية الإثنى عشرية!


مر التشيع بعدة مراحل تاريخية ارتبط بالعديد من الأحداث التي مرت بأئمتهم، وانقسم إلى عدة فرق متمايزة تختلف عن بعضها البعض في الأصول والفروع، وتختلف بشكل عام عن باقي فرق الأمة.

 

المرحلة الأولى

كان التشيع عبارة عن حب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وأهل البيت دون انتقاص أحدٍ من إخوانه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه المرحلة استمرت حتى ظهور دجال اليمن، وهذه المرحلة يتفق فيها الشيعة الاوائل تمامًا مع ما عليه أهل السنة والجماعة وسلف الأمة في الماضي والحاضر.

 

المرحلة الثانية

وهي مرحلة ظهور عبد الله بن سبأ اليهودي ودعوته إلى معتقداته الضالة من القول بأن عليًا هوي وصي رسول الله صىل الله عليه وسلم، والقول بالنص والرجعة والطعن فيمن سبقه من الخلفاء والغلو في علي إلى حد تأليهه، وهذه المرحلة هي مرحلة استقطاب واستمالة ضعاف النفوس وجهلة الناس وإرضاعهم هذه الفلسفة.

 

قال الطبري، في تاريخ الأمم، إن ابن سبأ بث دعاته وكاتب من كان استفسده في الأمصار وكاتبوه، ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم.. وأوسعوا في الأرض إذاعة وهو يريدون غير ما يظهرون".

 

المرحلة الثالثة

إظهار معتقدات الغلو في علي وغيرهما وذلك بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، وانشغال الصحابة بغخماد الفتنة التي حصلت بمقتله فوجد هؤلاء الضلال متنفسَا لتلك الظروف، وقويت تلك العقائد الفاسدة في نفوسهم، إلا أنه مع كل ذلك بقيت هذه العقائد محصورة في طائفة مخصوصة ممن أصّلهم ابن سبأ وليست لهم شوكة ولا كلمة مسموعة عند أحد سوى من ابتلي بمصيبتهم في مقتل عثمان، وشاركهم في دمه.

 

ومما يدل على ذلك ما نقله الطبري: "وتكلم ابن السوداء وقال: (يا قوم إن عزكم في خلطة الناس فصانعوهم)"، وهذا قول من لا منعة له ولا قوة، إذ لو كانت لدعوته شوكة لما قال لأتباعه "خالطوا الناس وصانعوهم".

 

ولا ينكر دور هؤلاء السبئيين وقتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه في إشعال نار الحرب بين الصحابة رضوان الله عليهم، وخلال هذه المراحل السابقة لم يكن للشيعة فوة أو دولة تحميهم وتتبنى عقائدهم الفاسدة.

 

المرحلة الرابعة

اشتداد أمرهم وقوتهم واجتماعهم تحت قيادة واحدة وذلك بعد مقتل الحسين رضي الله عنه للأخذ بثأره والانتقام له من اعدائه، يقول الطبري في حوادث سنة أربع وستين للهجرة: وفي هذه السنة تحركت الشيعة للكوفة وأعدوا الاجتماع بالنخيلة سنة خمس وستين للمسير لأهل الشام للطلب بدم الحسين بن علي وتكاتبوا على ذلك.

وكان مبدأ أمرهم ما ذكره الطبري من رواية عبد الله بن عوف بن الأحمر الأزدي أنه قال: "لما قتل الحسين ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة، فدخل الكوفة، تلاقت الشيعة بالتلاوم والتندم ورأت أنها قد أخطأت خطئًا كبيرًا بدعائهم الحسين إلى النصرة وتركهم إجابته، وقتله إلى جانبهم دون أن ينصروه، ورأوا أنه لا يغسل عارهم والإثم عنهم في مقتله إلا بقتل من قتله أو القتل فيه، ففزعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من رؤوس الشيعة إلى سليمان بن صرد الخزاعي وكانت له صحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم وإلى المسيب بن نجية الفزاري، وكان من أصحاب عليّ وخيارهم، وإلى عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وإلى عبد الله بن وائل التيمي، وإلى رفاع بن شداد البجلي، ثم إن هؤلاء النفر الخمسة اجتمعوا في منول سليمان بن صُرد.

 

وكان هذا الاجتماع عامًا يشمل كافة الشيعة وقد اجتمع إلى سليمان نحوًا من سبعة عشر ألفًا، ثم لم تعجب سليمان قلتهم، فأرسل حطيم بن منقذ فنادى في الكوفة، وخرج الناس معهم فكانوا قريبًا من عشرين ألفًا.

 

وفي هذه الأثناء قدم المختار بن أبي عبيد الثقفي إلى الكوفة، فوجد الشيعة قد التفت علي سليمان بن صرد  وعظموه تعظيمًا زائدًا وهم معدون للحرب، فلما استقر المختار عندهم بالكوفة دعى إلى إمامة المهدي "محمد بن الحنفية" ولقبه بالمهدي فاتبعه على ذلك كثير من الشيعة وفارقوا سليمان بن صرد.

 

وصارت الشيعة فرقتين، الجمهور مع سليمان يريدون الخروج ليأخذوا بثأر الحسين، وفرقة أخرى مع المختار يريدون الخروج للدعوة إلى إمامة محمد بن الحنفية، وذلك على غير أمر ابن الحنفية، وإنما يتقولون عليه ليروجوا على الناس به، وليتوصلوا غلى اغراضهم الفاسدة.

 

وعلى إثر ذلك ظهرت فرقة المختارية وغيرهم، وقد تتبع المختار بن أبي عبيد قتلة الحسين وقاتلهم وقتلهم دون تفريق بين شريف ووضيع، وأصبح للشيعة بعد ذلك بفرقها وجود على المسرح السياسي للدولة الإسلامية، فأكثروا من الخروج على الخلافة الإسلامية منذ ذلك الحين.

 

المرحلة الخامسة

انشقاق الرافضة عن الزيدية، وباقي فرق الشيعة، وتميزها بمسماها وعقيدتها، وكان ذلك تحديدًا في سنة إحدى وعشرين ومائة، عندما خرج زيد بن علي بن الحسين على هشام بن عبد الملك، وأظهر بعض من كان في جيشه من الشيعة الطعن في ابي بكر وعمر رضي الله عنه، فمنعوهم من ذلك وأنكر عليهم فرفضوه، فسموا "الرافضة" وسميت الباقية معه بالزيدية، وبعد وفاة جعفر الصادق ظهرت فرقة الإسماعيلية واختلفت عن الإمامية في الإمام السابع.



 

المرحلة السادسة

"ظهور الدولة الشيعية" رغم وجود علامات بارزة في حياة فرق الشيعة، والتي كان لها أكبر الأثر في بلورة الفكر الديني والسياسي لدى الشيعة، كحادثة مقتل الحسين، وخروج حفيده زيد بن علي، إلا أنه لم تكن للشيعة دولة تجمعهم.

 

وعبر التاريخ الإسلامي المجيد، قامت للشيعة العديد من الدول في شرق الدولة الإسلامية وغربها، وقد امتازت هذه الدولة بوصف واحد "الخروج على الخلافة الإسلامية الشرعية"، واقتطاع أجزاء من جسدها، ومن رحمة الله أن العديد من هذه الدول لم يكتب لها البقاء، فقد جاءت سيوف السنة فاقتلعت جذور هذه الدول الشيعية واستأصلت شأفتها.

 

من هذه الدول القرامطة في البحرين، والفاطميين العبيديين في بلاد المغرب العربي ومصر، والدولة البويهية، ودلوة الحمدانيين، ومن العجب تبدل الأحوال حيث صارت مصر قلعة لأهل السنة، وإن أصبحت إيران وفارس وطنًا قوميًا للروافض بعد أن كانت تربة خصبة أمدت أهل السنة والجماعة بالعديد من الفقهاء والعلماء والمحدثين طوال تسعة قرون.

 

أما الحكومة البويهية (233هـ - 447 هـ) الشيعية المتسلطة، فقد سيطرت على الخلافة العباسية ابتداء من عهد الخليفة العباسي "المطيع لله" سنة 333هـ، وحتى عهد الخليفة العباسي "القائم بأمر الله" سنة 447 هـ، وبنو بويّه اصلهم من بلاد الديلم بالجنوب العربي من شاطئ قزوين، وقد ساعدتهم الظروف وضعف الخلافة العباسية على أن يسيطروا على بلاد فارس والأهواز ومعظم بلاد ما وراء النهر، وقد تعاظمت قوتهم حتى دخلوا بغداد سنة 334 هـ وتسلطوا على الخلافة العباسية، ونكلوا بالناس أشد تنكيل، وكان هذا التاريخ الحقيقي لسقوط السلطان الفعلي للخليفة العباسي.

 

واشتهر آل بويه بذم الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كان الناس قبل البويهيين يحترمون الصحابة جميعًا، فلما جاءت حكومة البويهيين الشيعة ظهرت عقائدهم المنحرفة، وظهر سب الصحابة، وكتب ذلك على جدران المساجد صراحة سنة 351 هـ، وبرزت البدع الشيعية في يوم عاشوراء أول مرة سنة 352 هـ عندما أمر "معز الدولة" في العاشر من محرم، أن يضرب الناس عن العمل وأن يعلنوا الحداد ويلبسوا اللباس الأسود.

 

وظهرت بدع عيد الغدير ولم يكن لأهل السنة القدرة على المنع لأن الحكومة كانت شيعية خالصة، قامت بإزكاء الصراع الطائفي بين أهل السنة والشيعة، وأصبحت مناسبة عاشوراء موعدًا دائمًا للفتنة الطائفية...، ويقتل في هذه الصراع المئات بل الآلاف، وامتد القتال ليشمل القبور فأحرقت وبعثرت، حتى قام الشيعة بحرق قبر الإمام أحمد بن حنبل سنة 443هـ، وفتح هذا الصراع الطائفي الكجال لإحياء الصراع العرقي والقمعي.

 

سنة البويهيين في ابتداء اللطم والنياحة والتطبير:

 

أكد شيخ الشيعة الصدوق في كتابه الهداية طبعة أولى، تحقيق مؤسسة الهادي 1418هـ، صـ 127 حيث يقول: "في سنة 352هـ أمر البويهيون بإغلاق الأسواق في اليوم العاشر من المحرم وعطلوا البيع، ونصبوا القباب في الأسواق وعلقت عليها المسوح، وخرجت النساء منتشرات الشعور يلطمن في الأسواق، وأقيمن النائحة على الحسين (ع)، وهذه الحادثة ظهرت لأول مرة في تاريخ بغداد، وهي من الأمور التي لا تعرفها العرب لا في الجاهلية ولا في الإسلام، غير أنها أصبحت عرفًا ومناسبة دينية عند الجعفرية الإمامية الإثنا عشرية".

 

ويقول عباس القمي في الكنى الألقاء الجزء الثاني صـ 457 بتصرف: "وفي سنة 360هـ أعلن المؤذنون بدمشق في الأذان حي على خير العمل، بأمر جعفر بن فلاح نائب دمشق للمعو زلم يجسر احد على مخالفته".

 

ومن العجب أن البويهيين حكموا أكثر من مائة عام، فلماذا لم يقوموا بتنصيب خليفة من آل البيت، خاصة وأن الخليفة العباسي المطيع أعلن أنه سيعتزل الخلافة، والأكثر عجبًا أن الرافضة دائمًا يتباكون على آل البيت وهم أكثر من ظلم آل محمد عبر التاريخ.

 

ولم يكن لهذه الدولة بقاء ولم تحتفظ معها الشيعة بأي شكل من أشكال التنظيم السياسي، بل تحول الشيعة إلى الشتات دون دولة تقيم لهم شعائرهم ودينهم.

وظل الشيعة المشتتين يحلمون بوجود دولة تجمعهم وتحمي معتقداتهم، وتحقق أهدافهم وتعجل بخروج المهدي من سردابه، وظل الشيعة – لا سيما الفرس منهم – يحلمون بعودة الإمبراطورية الفارسية وابتعاثها من سباتها مرة أخرى ولو على أنقاض الإسلام ومذاهبه الصحيحة، وتحقق لهم الأمر منذ ان غلب الصفويون على بلاد فارس "إيران حاليًا".

 

ففي البداية كانت أغلبية المسلمين الساحقة في إيران من أهل السنة الشافعية إلى أن قامت هذه الدولة الصفوية على يد إسماعيل الصفوي في عام 902هـ - 1501م، وأعلن أن دولته شيعية إمامية  (إثنا عشرية)، على الرغم أن علماء الشيعة حذروه بأن لا يفعل ذلك لأن الاغلبية الإيرانية الساحقة تنتمي إلى أهل السنة؛ لكنه رفض وقال مقولته المشهورة: "إنني لا أخاف من احد، فإن تنطق الرعية بحرف واحد، أمتشق الحسام، ولن اترك أحدًا على قيد الحياة".

 

وقام بصك عملة الدولة منقوشًا عليها مع اسمه عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله)، وتذكر الروايات أن إسماعيل الصفوي عندما فرض سلطته على مدينة تبريز – أول عاصمة للدولة الصفوية – واجه صعوبة الحصول على مؤذن يلفظ كلمة "أشهد أن عليا ولي الله"، وهذا ما كان سببًا في اعتماد الشاه إسماعيل الصفوي ومن بعد ابنه "طهما سب" وحفيده "الشاه عباس الأول" على استخدام مشايخ شيعة "جبل عامل" في لبنان للقيام بمهمة نشر تعاليم التشيع في البلاد.

 

وكان أول من دعي من لبنان لهذه الغاية "نور الدين علي بن العلي الكركي" المشهور "بالمحقق الثاني" ثم تبعه بعد ذلك آخرون من أمثال محمد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد العاملي المشهور بـ"الشيخ البهائي" والذي كان يعد ثاني أهم شخصية في البلاد بعد الشاه عباس الصفوي وغيرهم من أقرانهم اللبنانيين الذين أصبحوا فيما بعد من كبار علماء البلاط الصفوي، وخصصت مرتبات ضخمة لعلماء الدين الشيعي ومنحهم إقطاعات وقرى زراعية وأوقاف خاصة، كي يستطيعوا الوقوف مع السلطان وغكسابه شرعية دينية بصفته حامي الدين الشيعي، وفي ظل هذه الدولة ظهر مؤسس من مؤسسي دين الرافضة "محمد باقر المجلسي" صاحب "بحار الأنوار"، ليأخذ الغلو في الظهور.

 

وهكذا مر الشيعة بعدة مراحل تاريخية حتى انتهى بهم الأمر إلى قيام دولة شيعية فارسية تدافع عن الاثنى عشرية وتحيي شعائرهم، وهي دولة "إيران" الحالية.

اقرأ المزيد

إيران الوضع يتفاقم .. نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وإضراب عمال النفط

تصاعدت أزمة الغاز والوقود والطاقة في إيران، وزادت الطوابير الطويلة من السيارات أمام محطات الوقود في مدن

"الإنقاذ الإيرانية": عشرات القتلى والجرحى بسبب سوء الأحوال الجوية

قال رئيس منظمة الإنقاذ، مرتضى سالمي، إن تساقط الثلوج وسوء الأحوال الجوية في إيران تسبب في مقتل وإصابة العديد من الإيرانيين بسبب الحوادث الجوية

داعية: عجزوا عن تنظيم جنازة "سليماني" وينتقدون السعودية في إدارة الحج

سخر الشيخ أحمد موسى، الداعية الإماراتي، من عجز نظام الملالي في إيران عن تنظيم جنازة قاسم سليماني

إيران.. ارتفاع أسعار المواد الغذائية يطحن الشعب الإيراني

ذكرت صحيفة "أرمان أمروز"، أن إيران شهدت ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية بشكل مطرد على مدار العام

اندلاع حريق بطائرة إيرانية على متنها 100 راكب في طهران

اندلع حريق بطائرة في مطار مهر أباد في طهران، وما زال الركاب على متنها، حسبما ذكرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية

"أبرزها النفيس".. محكمة مصرية تقضي بإغلاق كل المواقع والقنوات الشيعية

قضت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، اليوم الأحد، بقبول الدعوى المقامة التي طالب بإغلاق ووقف بث المواقع والقنوات الشيعية بصفة عامة

تعليقات


آخر الأخبار