"الفيلولوجيا".. علم استغله المستشرقون لهدم لغة القرآن


إعداد - هشام الشعراوي

 

انكب الغرب على أمتنا الإسلامية على مر العصور حاملًا بين يديه في كل مرة أداة جديدة يحارب بها تراثنا ويتلاعب بمقدراته كيفما شاء.. وفي سلسلة من وباء المستشرقين استكملوها بالعبث في فلسفة اللغة وبالأخص فلسفة اللغة العربية، مستغلين علم "الفيلولوجيا" في تغيير المعنى الاصطلاحي للكلمة تحت مسمى البحث في المعنى التاريخي للكلمة، حيث تخليق معانٍ جديدة على غير المعنى الأصلي لها، وبذلك تتاح لديه القدرة الكاملة –بظنه- على تغيير حقائق وثوابت النص القرآني والحديثي في الإسلام.

 

"الفيلولوجيا".. فرع من فروع علم اللغة أو اللسانيات التاريخية

 

علم اللغة المقارن "Comparative linguistics" أو الفيلولوجيا، هو فرع من فروع علم اللغة أو اللسانيات التاريخية، وهي التي تركز على مقارنة اللغات لتحديد الصلة التاريخية بينها مثل القرابة الوراثية، أو الأصل المشترك للغة، ويهدف علم اللسانيات المقارن أو علم اللغة المقارن إلى بناء العائلات اللغوية وإعادة بناء مجتمع اللغات السابقة وتحديد التغيرات التي أدت إلى ظهور اللغات بالشكل الذي تكون عليه في كل منطقة من أجل الحفاظ على سلامة المصطلحات وإعادة البناء؛ لتكوين أسر اللغات وإعادة تأسيس اللغة الأم.

 

تم تطويرعدة أساليب من أجل التصنيف اللغوي سواء من الفحص البسيط أوالاختبار القائم على الفرضية، ولا شك أن اللغات مرت في ذلك بمراحل تطور كبيرة وطويلة مما يجعلها موضعًا للبحث والاختبار.

 

تطور في خمسينيات القرن الماضي لتحديد تاريخ الانفصال بين اللغات

 

البداية كانت في القرن العشرين، لا يذكر بالتحديد أي وقت فيه، ولكن الدراسات تشير إلى أن أول من اهتم أو بمعنى أدق التدوين الأول لعلم اللغة المقارن يرجع إلى Morris Swadesh موريس سواديش "المدون الأول لعلم اللغة المقارن" التي كانت تستخدم مصطلحات أو كلمات قصيرة لبعض المصطلحات الأساسية في اللغة للمقارنة، واستحدمت "100" عنصر من المفترض تشابههم من الناحية الصوتية للفحص.

 

أيضًا علم اللغة المقارن يعد من علوم الإحصاءات اللغوية وتطور في خمسينيات القرن الماضي لتحديد تاريخ الانفصال بين اللغات من الناحية التاريخية والعرقية ويعتمد على النسبة المئوية، حيث يتم افتراض معدل ثابت للتغيير، خضع العلم في بدايته للتشكيك كثيرًا، وأصبح نادرًا أن يتم تطبيقه، ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة فرضيات جديدة لاختبار الفرضيات الإحصائية المتعلقة باللغة؛ كتشابه الطرق القائمة على الحروف، والحروف المستخدمة صرفيًا ومعجميًا.

 

وقد استخدم علم الوراثة العرقي الذي يدرس العلاقات التطورية المختلفة بين مجموعات الكائنات الحية كالتجمعات السكانية؛ للتحقق من العلاقات بين اللغات  وتحديد التواريخ التقربية للأم واللغات.


"الفيلولوجيا".. علم أراد الغرب به باطلًا

 

لا شك أن علم اللغة علم خطير جدًا لأنه يحدد بناء وقيام الحضارات على بعضها البعض؛ فكلما جاءت حضارة دافعت الحضارة التي تليها بما يعرف بقانون التدافع وكذلك للوقوف على أصل الأشياء وأصل الكلمات.

 

ويُعْنى بدراسة مفردات اللغة وتراكيبها، على وجه من الشمول يستوعب دلالات الألفاظ (semantics)، والأصوات اللغوية (phonetics)، والمقارنات بين اللغات من حيث خصائصها المميزة لها وغير ذلك من المباحث، وقد غالى العرب في العناية بهذا العلم خدمة للغة القرآن الكريم، ومن أبرز عباقرتهم في هذا الميدان "أبو الفتح عثمان ابن جِنّي" صاحب كتاب (الخصائص)، وأحمد بن فارس مؤلف كتاب (الصاحبي) في فقه اللغة وسُنن العرب في كلامها، وابن سيده صاحب (المخصَّص) وجلال الدين السيوطي صاحب (المُزْهِر) وغيرهم.

 

إن التراث الإسلامي عظيم وزافر بالمعارف والثقافات ولا نقبل التلاعب به أبدًا أيًا كان الثمن، ويجب إعلام البشرية أنه لولا وجود الإسلام وأثره ما وجدت أوروبا بأكملها، وأن حضارة المسلمين كانت ولا زالت هي المصباح الذي أنار ظلام الغرب وتخلفه في عصوره الوسطى، مضيفًا أن علماء الإسلام كان لهم الدور الأكبر في ذلك؛ لأن مؤلفاتهم وكتبهم كانت بمثابة دساتير تفوقهم وتقدمهم في الآونة الأخيرة.

 

المستشرقون سخروا العلوم والأدوات الحديثة لمحاربة النص والتراث الإسلامي

 

المستشرقون الغربيون في زماننا هذا هم الأشد عداءً من أي زمنٍ أخر، ويستغلون كل ما في وسعهم من تقدم وعلوم وأدوات حديثة وتكنولوجيا لمحاربة النص والتراث الإسلامي، وها نحن هنا نشاهد اليوم عجائب نواياهم الخبيثة ومحاولة العبث بثوابت المسلمين من نصوص الآيات والأحاديث، وذلك بطرق عديدة خارجة عن المألوف تتمثل اليوم في استخدام علم من العلوم المهمة النافع لفلسفة اللغة، في تحويل مسار اللغة العربية الطبيعي والصحيح والذي تعلمنا به القرآن والسنة، إلى مسار غامض غير معلوم وغير صحيح ولكنه يخدم مخططاتهم نحو العبث بمعاني ونشأة اللغة العربية.

 

"المستشرقون العرب".. قوادوا الفكر الغربي النجس الأكثر ضررًا حاليًا

 

الأكثر ضررًا في هذه المرحلة هو الضرر الناجم من خبث وجهل المستشرقين العرب، بل إن التوصيف الحقيقي لهم إن صح القول "أنهم قوادون للفكر الغربي النجس، وناشرون له دون أدنى دراية بخطره على الأمة الإسلامية"، لافتًا إلى أن هناك بعض المستشرقين الغربيين تُحترم عقولهم لأنهم أنصفوا الإسلام عندما بحثوا فيه حتى ولو كان الغرض الأول من بحثهم هو إظهار عواره المظنون، وعلى النقيض من ذلك هناك مَن هم مِن بني جلدتنا يبحثون بعدم إنصاف ويتأولون بجهل وجناية على الإسلام، فشتان بين هذه وتلك العقول!

 

علم الفيلولوجيا في أساسه مطلوب وله مراكز بحثية عظيمة تعمل على إعمال فلسفة اللغة من جديد، أي منذ بداية نشأة الكلمة وأصلها والمعنى الذي وردت فيه عند العرب الأقحاح لو كان الأمر متعلقًا باللغة العربية، ولكنه من العلوم الخطرة لأنه إذا تملك الباحثين داخل هذا العلم العوار، أو عدم التأهل العلمي، أو عدم الإنصاف سوف يؤدي هذا الأمر إلى الوقوع في كثير من المشكلات، أقربها اضطراب المعاني اللغوية.

 

الغرب يحاول بكل قواه علمية كانت أم غير ذلك، فهو فقط يبحث عن الوصول إلى النتيجة المرجوة، ألا وهي إسقاط الدين الإسلامي وآثاره التي خلفها في الشعوب، وقد رأينا ذلك الإصرار المميت في حركات العلمانية والتكريس لها كعلم والعمل على نشرها بقوة بين المسلمين بطرق شتى، ونحن هاهنا نلحظ اليوم مدى تلاعب الغرب في لغتنا العربية المحفوظة بإذن الله، فهم اليوم يقيمون المراكز البحثية ليبحثوا وهم مدعون في ذلك بلغتنا العربية، ويقررون معاني بعينها ولا يقررون الأخرى ويلغون أيضًا المعاني المعلومة الثابتة لدينا في القرآن الكريم وفي نصوص السنة؛ لذلك وجب على المسلمين علماء اللغة أن يوجهوا علمهم للرد على هؤلاء العابثين بلغتنا، وأن تكون الردود علمية أكثر منها حماسية.

اقرأ المزيد

كيف نواجه الإلحاد؟!

(الحمدلله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)، والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير

بالأدلة.. أكاديمي إماراتي يدحض نظرية "داروين" الإلحادية

رفض الدكتور صالح عبدالكريم، الأكاديمي الإماراتي، الدعوات المطالبة بتدريس كتاب أصل الأنواع لتشارلز داروين

لماذا لم يجمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟

منذ رأت دعوة الإسلام النور وشقت طريقها في مواجهة مقومات الجاهلية وحتى يوم الناس هذا، وهي لا تزال تلقى الكيد والعداء والتربص من أعدائها

شاهد.. الرد على شبهة الشريعة تعتني ببيان الحرام دون بيان الحلال!

دحض الدكتور صالح عبدالكريم، الأكاديمي الإماراتي، الشبهة التي أطلقها محمد شحرور عبر برنامجه لعلهم يعقلون، أن الشريعة تعتني ببيان الحرام دون بيان الحلال.

صفعة على وجه "الملحدين العرب".. دراسة علمية حديثة تنسف نظرية "التطور"

كشفت دراسة علمية حديثة، أن كل البشر ينحدرون من "زوجين اثنين" دون غيرهما، عاشا ما بين 100 إلى 200 ألف سنة حسب تقديرات الدراسة

شبهة التنويريين في أن الدواعش يستدلون بأحاديث في صحيح البخاري

لا يزال التنويريون يرمون كتب السنة بشبهات المستشرقين، ومن ضعيف شبههم قولهم: "داعش والقاعدة تستدلان بأحاديث كثيرة في البخاري".

تعليقات


آخر الأخبار