التبرئة.. دلالات براءة الأجهزة الأمنية من تلفيق قضية اغتيال النائب العام


إعداد – عمرو فاروق

الباحث في شئون التطرف والإسلام السياسي


(1) كانت الأجهزة الأمنية في بداية التحريات ترى أن عملية اغتيال النائب العام، كبيرة على الإخوان، لما فيها من تجهيز عالي، ودقة في الرصد والمتابعة، وأن لجان الإخوان النوعية مشكلة من مجموعة هواة.

(2) في 1 يوليو 2015، وبعد اغتيال النائب العام بيومين، أعلنت الأجهزة الأمنية تصفية 13 قيادة إخوانية في مواجهة مسلحة داخل إحدى شقق مدينة 6 أكتوبر، ورجحت بعض التقارير الإعلامية أن هذه الخلية متورطة في اغتيال المستشار هشام بركات، وأنه عثر بحوزتهم على وثائق وأدلة تكشف تخطيطهم لتنفيذ عمليات ضد مؤسسات الدولة.

لكن لم يخرج بيان رسمي يؤكد حقيقية هذه الترجيحات.

(3) اتجهت أعين الأجهزة الأمنية في البداية للمجموعات الجهادية، وفي مقدمتهم تنظيم "المرابطون"، بقيادة هشام عشماوي، وفق ما تم نشره 2 يوليو 2015، كانت الترجيحات تشير إلى أن العملية تمت على غرار محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد إبراهيم.

لكن لم تصدر الأجهزة الأمنية أية بيانات رسمية، عن صحة هذه المعلومات.

(4) في 4 فبراير 2016، مصادر أمنية (بيان غير رسمي) ترجح لوسائل إعلامية، أن خلية تابعة لتنظيم "أجناد مصر"، الذي أسسه همام عطية، تم القبض عليها في منطقة البساتين، هي من وراء اغتيال النائب العام.

(5) استغرقت عملية القبض على العناصر المتورطة في الاغتيال 7 أشهر من يونيو 2015، حتى مارس 2016، ما يعني أن الوصول للجناة الحقيقيين استغرق الكثير من الجهد والبحث والمتابعة والتحري ايضا، عن أعضاء هذه الخلايا النوعية، ولم يكن الأمر عشوائيا.

(6) من الوهلة الأولى ربما يظهر أمامنا أن هناك حالة من التخبط فيما تم نشره من تفاصيل حول هذه العملية، لكن الحالة التي كانت عليها الأجهزة الأمنية في هذه المرحلة من الإنهاك المتزايد نتيجة مئات العمليات الإرهابية، وعشرات التنظيمات والخلايا التكفيرية المسلحة العشوائية، وضعها في نوع من التشتت والإجهاد والاستنزاف، في ظل غياب ملحوظ للمعلومات.

لكن النهاية تشير إلى أن قرار الإعلان عن الجناة الحقيقيين لإغتيال النائب العام لم يكن عشوائيا، وإلا لكانت الداخلية اكتفت بتلفيق التهمة لأي من التنظيمات الأخرى مثل خلية هشام عشماوي، أو أجناد مصر، أو محمد الظواهري، أو داعش، أوغيرها من الكيانات العشوائية التي تكاثرت مثل السرطان خلال تلك المرحلة.

(7) كانت الخيوط الأولى لكشف خلية التنفيذ عند القبض على محمد اﻷحمدي في 7 نوفمبر 2015، بعد فشل عملية بمنطقة "أبو كبير"، نفذتها الخلايا العنقودية التابعة ليحيى موسى في محافظة الشرقية، ليتم عقبها تحريات مكثفة على مدار 4 أشهر في سرية تامة، لرصد باقي العناصر المختبئة، والإمساك ببعضهم اثناء رصد ومراقبة شيخ الأزهر، والسفير اﻹسرائيلي، في 17 يناير 2016.

(8) ضم التنظيم امراة واحدة، مجهولة ليست من ضمن الكوادر النسائية المشهورة والمعنية بالتنظيم النسائي للإخوان، هي "بسمة رفعت إبراهيم" التي تلقت مبالغ مالية تجاوزت 200 ألف دولار من يحيى موسى، لتوصيلها لعناصر الخلايا العنقودية.

والسؤال الذي يطرح نفسه، إذا كانت القضية ملفقة، فلماذا لم يتم وضع اسم ابنة أحد قيادات مكتب الإرشاد أو القيادات الكبرى داخل التنظيم.

(9) الغريب أن بسمة رفعت، اعترفت في تحقيقات النيابة، على زوجها العقيد السابق بالقوات المسلحة، ياسر عرفات، ولم تكن الأجهزة الأمنية على علم بانتمائه لأي من التنظيمات.

وكان اعترافها مفاجأة لقاضي التحقيقات، الذي اندهش من جرأتها عما أخبرت به، مذكرا إياها بأن لديها ابناء صغار في الخارج وأن ما قالته من شأنه يورط زوجها، لكنها قالت نصا: "حتى لا تعلم الأجيال القادمة أن النساء هن من تصدرن للجهاد، وتخاذل الرجال وجلسوا في البيوت".

(10) تنظيم يحيى موسى يختلف كليا عما تسير عليه الجماعة تنظيميا، إذ أن الكيان عبارة عن "خلايا عنقودية"، وليست "خلايا هيكلية"، من دوائر أزهرية كونه تولى مسؤولية النشاط الطلابي داخل جامعة الأزهر، ويعد بمثابة "تيار ثالث"، يختلف عن منهجية الحرس القديم، ومنهجية محمد كمال مؤسس اللجان النوعية المسلحة.

(11) يحيى موسى استعان وفقا لاعترافات المتهمين بـ(3) ضباط من حركة حماس، في التدريب العسكري، للخروج بعناصره بشكل يختلف عن مجموعات الهواة التي أسسها محمد كمال.

(12) استنكرت حماس، اتهامها بالمشاركة في تنفيذ مشاهد عملية الاغتيال، لاسيما أن تلك المرحلة شهدت عودة وترتيب للملف الاستخباراتي مع حماس، وكانت النتيجة أن وفدا رسميا من حماس زار القاهرة بعدها بساعات، وتم إطلاعهم على كافة تفاصيل القضية وتحرياتها.

حينها أبدت حماس أنزعاجها من حجم المعلومات التي أثبتت تورط عناصرها في القضية، لتأكد أن التعاون تم بشكل غير رسمي، وأنها على استعداد لتسليم المتهمين، لكن تم التغاضي مقابل التعاون في تأمين الحدود الشرقية لمصر.

(13) كلمة محمود الأحمدي، المتهم الرئيسي في القضية، بأن اعترافاته تمت تحت الضغط والإجبار، لا تعني أنه لم يشارك في وقائع التنفيذ والتخطيط، لاسيما أن الإخوان يعتبرون أن الحرب خدعة، وأن الكذب جائز شرعا إذا كان في حالة الحرب، ويجوز توظيفه واستخدامه لحماية المجاهدين.

(14) الاعترافات الأولية التي أدلى بها المتهمون كانت هي الحقيقة بعينها، فقد جاءت تحت فكرة "الزهو" والتباهي، بالفعل نفسه، وأنه عين الجهاد، وأن أمثالهم لا يمكن لهم التبرأ من تهمة "الجهاد"، والدفاع عن الإسلام، (من وجهة نظرهم).

(15) تضمنت اعترافات المتهمين في النيابة تأصيلا شرعيا وفقهيا لما يقومون به، وهي المرحلة التي شهدت نشر مجموعة من الدراسات البحثية والمنهجية تعني "أن السلمية ليست من ثوابت الإسلام وليست من ثوابت الجماعة، وأن النزعة الجهادية استقرت كعقيدة فى صلب منهجية حسن البنا"، تحت عناوين متعددة "فقه المقاومة الشعبية"، و"فقه دفع الصائل"، "دليل السائر ومرشد الحائر "، و"كشف الشبهات لما عليه الناس".

(16) حملت اعترافات المتهمين في الفيديوهات التي بثتها الأجهزة الأمنية، الكثير من الثقة، والإيمان المطلق بدورهم في علمية اغتيال النائب العام لكونه صاحب القرار المصيري بفض اعتصام "رابعة"، وإذا كان عناصر هذه الخلية مظلومين كما يدعون فلماذا لم ينكروا من البداية، طالما أن المصير محتوم ومحدد، إما الإعدام أو السجن المشدد.

اقرأ المزيد

ما لم يُذكر عن الصحوة في الليوان!

الصحوة المراد محاربتها أو التي يسميها الإخوانيين "صحوة" ليست مرتبطة بتحريم ما حرمه الله من التبرج والسفور ومظاهر الفجور عند الرجال والنساء

المخاطر المترتبة على استخدام الجماعات المتطرفة لـ"القوة الناعمة"

تكلمت في مقالات سابقة عن أساليب هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في استخدام القوة الناعمة

حِمَارٌ فِيْ الميْدَانِ..!

جلسَ الحمارُ حزيناً منكساً بالذلِّ ويكأنَّـه يعاتبُ نفسه عَلَى أمرٍ ما، وكانَ قريباً من أحد الأنهارِ، فاقْـتربَ من شاطئ النَّهْـرِ

الدكتور عبدالسلام السحيمي يوضح أسباب الانحراف في الفكر وسبل الوقاية

استعرض الدكتور عبدالسلام بن سالم السحيمي، رئيس الهيئة الاستشارية بالجامعة الإسلامية، أسباب الانحراف في الفكر وسبل الوقاية من ذلك

فضل قتال الخوارج

من شر المذاهب وأخبثها مذهب الخوارج، وهم الذين يكفرون المسلمين بالكبائر، ويستحلون دماءهم، والذين ينكرون على ولاة الأمر بالسلاح

سبل مواجهة استخدام جماعة الإخوان لـ"القوة الناعمة"

تكلمت في مقالات سابقة عن أساليب هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في استخدام القوة الناعمة، والتي منها: القدرة السياسية والمعنوية والتقنية والاقتصادية

تعليقات


آخر الأخبار