الدراما الغربية وإعادة صياغة الأسرة!
بقلم - إسلام مصطفى عبد المجيد
الغزو الثقافي والفكري يُعيد صياغة الأسرة المسلمة العربية بوسائله الحديثة، فتقفز على الشاشات المسلسلات الدرامية التركية وغيرها، والتي تظهر فيها الصبغة الغربية في صناعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وتنجح في التأثير على المجتمع العربي بصورة كبيرة لتهز ثبات الأسرة المسلمة ذات الطابع العربي!
مرور عاجل على أبرز نقاط هذا الغزو وآثاره على الأسرة:
- ارتفاع سقف العاطفة (الرومانسية) في العلاقة بين الرجل والمرأة: فارتفعت على إثرها طموحات الزوجات تجاه أزواجهن، وصارت تتردد صيحاتهن: زوجي غير رومانسي!، لا يكفيني!، أشعر بنقص عاطفي تجاهه، كنت أحبه وأشعر بالشوق له ثم الآن لا أشعر بشيء!، إن لم يكن هذا سبب تطلب على إثره الطلاق!
إن هذا متوقع من استثارة عاطفة المرأة التي تتشوق للعاطفة، وتُعلي سقف أمنياتها العاطفية لدرجة يصعب مجاراتها.. خصوصًا عندما تصطدم بواقع الزوج الذي يعمل من 12- 16 ساعة ليلبي حاجات أسرته في ظل الضغوط الاقتصادية وزيادة متطلبات الحياة، والكماليات التي دخلت في طور الأساسيات!
وهذا سيُجعل الرجل العربي المسلم - إن لم يكن جعله بالفعل - يتحمل زيادة عبء المسئولية العاطفية لزوجته وبناته لتأخذ منه حجمًا أكبر في مشروع حفاظه على أسرته.
- المثالية في العلاقة بين الرجل والمرأة: فلا تتعجب أن تجد من تصرخ بأن حياتها قد انهارت مع زوجها بعد مشكلة أو خلاف طبيعي قد يمر مرورًا عابرًا دون أن يُكدر صفو الحياة، فأدت الرؤية للمثالية المصطنعة إلى عدم تقبل الواقع الذي لا توجد فيه هذه الصورة المرسومة!.
وكذلك الرجل قد لا يتحمل أن يرى زوجته شعثاء من سهر على طفله الذي كان يُقلقها طوال الليل وهو يمر أمام ناظريه المتجملات والصابغات والضاحكات والمتمايلات، ومن تصحو من نومها بكامل زينتها التي لم تُخدش!
وزوجة كانت تتخيل رجلًا لا تظهر منه رائحة عرقٍ من جهد عمله وتعبه ليَسُد عنها حاجتها المعيشية الصعبة، ويده الخشنة الكادة مما عهدته من مشاق!
وترى المرأة على التلفاز الرجل الذي يتنزه مع زوجته، وتتعدد زيارته للكافيهات والمطاعم والمصايف، فتشكو من زوجها الذي لم يخرج بها إلا مرة بالعام! ويظل هو يُصارع من أجل جلسة بمطعم قد تُفضي بربع راتبه!
وكذلك ترى هي نساء المسلسل لا يُرهقن في بيوتهن: مطبخ نظيف مؤنق!، أطفال نظاف جمال مطيعين معتمدين على أنفسهم!، كل سُبل الحياة ميسرة!، عندها من فراغ الوقت ما يجعلها تذهب للنادي وتزور أصحابها وتنام مبكرًا وتستيقظ على صوت العصافير المغردة! لتجد واقعها مخالفًا فتشكو التعب من جهد البيت، وشقاء الأولاد، وعدم النوم، ولم يخبروها في مسلسلها أن الحياة مسئولية وأن هذا واقع طبيعي لا أنه خارج عن حده المعتاد، فتنتج حالة من عدم الرضا.
فكل هذا أدى إلى: عدم تحمل المشكلات، وتعظيمها - حتى تسمع من تطلب الطلاق لأن زوجها لم يحجز لهم مصيف هذا العام! - فترى انهيارات متتالية، ووضع مصير الأسرة على حافة الهاوية لمجرد ما ظنوه طموح لم يتحقق!
- مصادمة القوامة في العلاقة بين الرجل والمرأة: تُظهر كثير من هذه المسلسلات علاقة تكافؤية بين الرجل والمرأة لا يكون فيها الرجل هو حامل القوامة والسيادة، بل تنازعه القوامة ويخضع لها كثيرًا في أمور لا ينبغي أن تكون إلا له.
إن الصورة الغربية المُنكرة لرجل يريد أن يخطب امرأة فينزل على ركبته وهي قائمة ليرفع لها خاتم الخطبة وليمرغ ما بقي من قوامته ورجولته في الأرض تحت حذائه! لتعكس ثقافة تُكسر فيها (ذكوريته) كرمز لنجاح النسوية الغربية، والمُعارِضة لمعنى أن المرأة هي الخاضعة لقوامة الرجل، قال تعالى: (وللرجال عليهن درجة)، وفي الحديث: (ولو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) وأمر المرأة ألا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها، وستسمع مبررات عريضة أن الرجال لا يقومون بمسئولياتهم فلذلك ترجل النساء، ولكنه لا يُغير الحقيقة التي لابد أن تكون لضمان استقامة المجتمع.
- تأجيج حدة الغيرة بين الأزواج: إن تكرار مشهد غيرة امرأة من كلام زوجها مع امرأة أخرى فتأتي لتحرجه وتعنفها وتفسد الموقف، ثم مشهد آخر تقوم فيه امرأة بإثارة غيرة زوجة رجل بصورة تخرجها عن شعورها، ثم موقف غيرة بطل المسلسل على حبيبته بصورة خارجة عن الحد الطبيعي!
وتظهر نتائج ذلك بناء الشكوك في كل العلاقات التي بين الزوج وزوجته، وبين العلاقات الأخرى في المجتمع، ولا تفارق الذهن صور العلاقات المشبوهة التي تُصدرها هذه المشاهد حتى تُتهم كل التعاملات، وتفخر المرأة بإفساد أفسدته بزعم الغيرة وقد لا يكون إلا مجرد وهم أو على الأقل لا يتطلب هذه الدرجة من التصرف الغاضب!
وكذلك.. إن لم تجد في عين زوجها الغيرة والانفعال الذي رأته في عين البطل المُمثل تزعم أنه ديوث أو لا يغار أو لا يحبها أو لا يهتم بها أو لا يخاف عليها، وقد تستثير غيرته بأفعال لا تليق!
بل قد تتصنع الزوجة مشكلة تظهر فيها غيرتها المصطنعة على زوجها لتصورها أن الحب لا يكمل إلا بواجب الغيرة حتى لو لم يكن هذا متحققًا في داخلها، ولكنها لوازم إظهار حبها -زعموا- وإن لم تشعر في داخلها بالغيرة تتهم حبها له بدلًا من أن تحمد الله على العافية وعلى ثقتها بأخلاقه!
فحيز الغيرة يأخذ أكبر من حجمه الطبيعي، والذي يؤدي لفساد لا يخفى على العقلاء! بعكس الغيرة الطبيعية التي قد تتسبب في خلافات ولكن تستمر معها الحياة ولا تتنغص ولا تصبح هي محور الحياة!
- تغير معايير اختيار الأزواج والزوجات لدى الشباب الأعزب: وهذا لا يخفى، فاختلفت معايير الشباب في اختيار الزوجة وفق المثاليات التي يراها في الشكل والقوام وطريقة الكلام ، وأصبح لا يطمح إلا بالكاملات إن وُجدن!
ولو وقع اختياره على واحدة موافقة لما ظنه موافق للمعايير، يجد نفسه أمام إشكالات لم تكن في الحسبان لأنه لم يضعها في معياره الذي صُنع له!
وكذلك المرأة تظل ترفض من يتقدم لها بحجج مختلفة لارتفاع طموحها بمستوى معيشي معين، أو شكلي، أو عاطفي كما طُبع هذا في ذهنها من كثرة مشاهدته!
- هذا بعيدًا عن الانفتاح العاطفي غير المقيد في العلاقة بين الرجل والمرأة غير الشرعية، والمخالفات السلوكية، وتقديس علاقة (الحب) بمعناه الغربي المخالف لمعناه في الإسلام، ولعل لهذا موطن كلام آخر لبيان التأثير على غير المتزوجين لئلا يطول المقال أكثر من ذلك ..
اقرأ المزيد
فالمتأمل في بعض الشخصيات القلقة وبرزوها في التاريخ الإسلامي قد تظهر له جوانب أخرى في حياتها
إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه أجوبة على أسئلة تتعلق بما أفتينا به من جواز الصلح مع اليهود وغيرهم من الكفرة صلحا مؤقتا أو مطلقا
رد الشيخ يوسف بن عيد، الباحث في الأمن الفكري، على فتوى الدكتورعبدالله بن محمد المطلق بإجازة إمامة المرأة لزوجها في صلاة التطوع في المنزل.
فهذه كتابة يسيرة حول شخصية غريبة تكلم عليها جمع من أهل العلم على اختلاف مذاهبهم العقدية والفقهية