طرح الثعالب
كتبه - عبدالله بن محمد الشبانات
باحث شرعي مهتم بالشأن الوطني والقضايا المعاصرة
يُعرف المرء بطرحه نتيجة ما يمليه عليه اتجاهه، سواء كان التأثير قادمًا من لب اتجاهه أو من جهة ما يخدم اتجاهه من الخوادم الفكرية والسلوكية الخادمة للب اتجاهه، وهذا موجود منذ القدم في جميع نحل وملل الباطل.
ولا بد لفهم المقصود من هذا المقال أن نضرب عدة أمثلة، ونركز في شرحها لتتضح لنا آلية عمل الأبواب الخلفية بين الفِرق و حتى لا يتوهم بعض أهل السنة أن فلانًا رجع إلى السنة كونه خالف أو انتقد طرحًا بدعيًا واحدًا أو أكثر وهو في الحقيقية أيّد طرحًا بدعيًا آخر؛ لكن بشكل ماكر ولم يرجع إلى مذهب السلف عند التحقيق في ذلك، قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه (لست بالخب ولا الخب يخدعني) والخب هو المكّار.
فمن الأمثلة أن المُتَأوّلة لآيات الصفات يُسَمّون النفاة وهم الجعدية والجهمية ولم يدفعهم و يرسلهم في الحقيقة إلا رحم الباطنية الأولى؛ فلما وجدوا وقفة صارمة من نسيج واحد من العلماء والأمراء من السلف الصالح نكصوا على أعقابهم وأتوا بطرح جديد أخف صراحة من الطرح الأول ظاهرًا؛ لكنه يحمل أُسس الأول وذلك على يد غيلان الدمشقي، فتراهم إذا فشلوا في جهة التفريط أتوا من جهة الإفراط هذا مع تعدد أوجه التفريط وتعدد أوجه الإفراط، فنحن نجد الجهم بن صفوان جبري في القدر بينما تجد فريقًا من سلالته الفكرية قدرية وهم المعتزلة والجزء الآخر من سلالته جبرية مثله، وهم الأشاعرة ولكن هذا اختلاف ظاهري لأن مآل اعتقاد الجبر أو القدر واحد في النهاية وكذلك تجدهم يختلفون عن الجهم في طرحهم في الأسماء والصفات وذلك في خطوات الاستدلال فقط، أما المآل فلا يختلف بمعنى أنّك إذا أردت هدم صرح أو بنيان سيكون هنا بأحد طريقتين:
إما بتخفيف مكوناته والتفريط في وضع المكونات المطلوبة من عدة أوجه، و إما بتكثيف وضع المكونات والإفراط في وضع المكونات المطلوبة من عدة أوجه، وبهذا يتضح لنا الباب الخلفي بين الإفراط والتفريط؛ بل الأبواب الخلفية بين ملل ونحل الباطل لكن لا يوجد باب خلفي واحد فضلا عن أن يكون بابًا مغلقًا بين منهج السلف وبين غيره البتة، فليس للمخالف إذا أراد أن يدخل منهج السلف إلا أن يترك مذهبه الفاسد ويدخل مع الباب الوحيد للحق وهو الكتاب والسنة بفهم عموم سلف الأمة الصالح، ولكنه لا يستطيع إذا أراد أن يحمل معه شيئ من تركته الأولى الظاهره وهي مذهبه أو شيئا من تركته الباطنة وهي إرادة تنحية فهم عموم السلف أو إضعافه على أقل تقدير.
وهذا من الطرح الماكر، ومن أمثلته أننا نجد السلف يطلقون على الجبرية و القدرية مسمى واحد وهو القدرية ويصفونهم بمجوس هذه الأمة لكن القدرية والجبرية يظهرون أمام الناس على أنهما ضِدان بل متناقضان وهذا من الطرح الماكر، لأن مآل قول الجبرية وتطوراته والذي تبنته الأشعرية واستقروا عليه من عهد الجويني وما بعده يقول بأن الإنسان يخلق فعل نفسه جبرًا من الله أي أن الله وضع فيه قدرة خلق الأعراض؛ بل قالوا قولاً أشد من قول المعتزلة فقالوا بقول الفلاسفة أو اقتربوا منه شكلا.
كذلك المعطلة والممثلة وكلهم نفاة لصفات الله جل وعلا ولكنهم يظهرون أمام الناس كأنهم فرقين وحزبين متناقضين والصحيح أنّ مآلهم واحد فكل مؤول مشبه لأنّه لم يؤول إلا عندما خشي أن يشبه فأوّل الصفات فرجع وشبه الله بالمعدومات، بل وجعله محتاج إلى خلقه لكي تكون له صفات ولكي يسمع ويرى فقالوا خلق سمع يسمع به وخلق بصرا يبصر به ثم تراجعوا فقالوا سميع بلا سمع وبصير بلا بصر أي بلا سمع ذاتي أو بصر ذاتي فرجعوا إلى أنّ منتهى قولهم هم ومن قبلهم هو الحلول والاتحاد وأنّ الخالق مخلوق وهو نهاية قول الباطنية الأولى.
وفي عصرنا هذا نجد الكثير من طرح الثعالب سواء بين المسلمين أو بين الناس قاطبة فتجد أنّ الاتجاه الإشتراكي والاتجاه الرأسمالي كأنهما متضادان والصحيح أنّ مآلهم واحد وهي الاشتراكية الاجتماعية بمفهومها الفلسفي الباطني وأنّ الكل شركاء في كل شيئ وهذا الإتجاه بدت ظواهره العملية أثناء أزمة كورونا فكلما ازداد تضخم وتركز المال في أيقونات الاتجاه الرأسمالي الغربي أكثر وأكثر احتاج إلى أتباع أكثر من ذي قبل وقل المنافسون بشكل و اضح إلى أن يتركز المال في شخص واحد اعتباري أو معنوي يعمل الكل لديه ويشتري الكل منه وهو بدوره يتحكم بهم ولا يجعل لأحد سلطة على أحد بل السلطة له وحدة والقانون له وحده وهذه عين الشيوعية الشمولية الاشتراكية ومغزاها الأخير، اذا فالرأسمالية متفقة مع الإشتراكية في المآل لاشك.
••ومن ذلك وأقصد به طرح الثعالب عندما أيّد الفيلسوف الغربي (هوبز) الملكية المطلقة وهو فيلسوف (المجتمع المدني) وعرّابه ومُنظّره الأول والذي يؤيد قيامه تنظيم الاخوان في عصرنا مع أنّ أُسس فلسفة المجتمع المدني ترفض الملكية ولكنه أراد أن يفهم اتباعه بطرح ثعلباني أنّ فكرة المجتمع المدني بما أنّها ولدت ضعيفة فلابد من حاضنة لها ولا أحسن حاضنة من الملكية وبعد أن قويت تطبيقات فكرة المجتمع أخذ هوبز ومن أيّده بتحويل الملكية إلى ملكية دستورية لتكون حاضنة بمعنى الكلمة للمجتمع المدني الذي لا شوكة له ولا قوة له بل يعتمد على الفردية فيسهل التحكم به من أي جماعة باطنية كتنظيم الإخوان مثلا لأنّ المجتمع المدني يرفض أيّ سلطة ظاهرة مباشرة بل هو ينساق مثل النعجة ورآء السلطة الباطنية الخفية وهذا ما يجيده الصهاينة وتنظيم الإخوان و أيّ تنظيم باطني آخر لذلك قال هوبز (الدولة إله فان) أي منتهي.
ليأتي دور الدولة المدنية ثم مرحلة مابعد الدولة المدنية وهي المؤسسات المدنية التي تعمل بدون دولة إمعان في تحقيق الفردية وكل مرحلة تحتاج طرحا آخر غير الطرح الأوّل وهنا نجد المرتع لطرح الثعالب عند الأبواب الخلفية جليا أمامنا في أنّ كيف لتنظيم باطني أيّ تنظيم باطني ولنأخذ على سبيل المثال تنظيم الإخوان بخرفانه ونعاجه فكيف يؤيد قيام دولة أيّ دولة فضلا عن دعمه لدولة ملكية إلا أن تكون حاضنته و مرحلية لقيام كيانه الباطني بما يسمى الدولة المدنية تمهيدا للتكوين الباطني الكبير والذي تأتلف عليه باطنية اليهود وباطنية النصارى وباطنية المنتمين للإسلام وباطنية البوذ وباطنية باقي الشعوب كلها لقيامه، وذلك بعد تعزيز الفردية ليتسنى له اقتناص بني آدم كلٌ على حده قال ﷺ (إنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية).
إذًا فكل جماعة تخرج عن تيارها الأم ولا ترجع و تتمسك بمنهج السلف كما يجب يكون لها أبواب خلفية تنفذ وتطل على تيارها الأم وأخواتها وهنا عند الأبواب الخلفية يكون طرح الثعالب فتدعي الجماعة الجديدة أنّها على منهج السلف كما ادعت الأشعرية أنّهم أهل السنة وفي الحقيقية هم إمتداد للمعتزلة.
ومن هنا نريد أن نعرف الباب الخلفي بين فِرق الإخوانيين عمومًا وخصوصًا بين الثوريين السروريين وبين الإخوانيين الجدد المتظاهرين بالوطنية خوفًا أو الإخوانيين المتغيرين فعلاً عن الإخوانية، ولكن ليس إلى منهج السلف؛ بل ما يظنون أنه منهج للسلف، والسبب هنا لأنهم لم يأخذوا الوطنية في طرحهم على أساس أنّها مرتبطة بأصل من أصول السنة بمعنى أنّها جُزء من العقيدة تشتمل على تأييد وتفنيد أي تأييد ما يدعمها وتفنيد ما يضادها أي بمفهومها الحقيقي الذي قامت عليه ولأجله وهي كينونة وجود الجماعة وإمامهم بالسمع والطاعة ومحاربة وتفنيد ما ينقض أو يضاد هذه الأركان الثلاثة الإمام والجماعة والبيعة ومقتضياتها بل كان طرحهم في الوطنية طرح الثعالب فأيدوا ظواهر الوطنية وتحولوا إلى ظواهر صوتية فقط تطبل وتزمر من غير هدف تنموي حقيقي
وتُظهر الوطنية بشكل باهت مجرد شعارات جوفاء ممجوجة فلم يقوموا بأركان النصرة الحقيقة للوطن وهي التأييد والتفنيد معا تأييد الجماعة و إمامهم والبيعة وتفنيد و إبطال ماسواها كلها قال ﷺ (فاعتزل تلك الفرق كلها) أي اعتزالا شرعيا والاعتزال الشرعي هنا المراد به تنفيذ أمرين معا وهما الاول اجتناب الفِرق و الثاني التبرئ منها والدعو إلى إقامة الكينونة المطلوبة الجماعة و إمامهم و البيعة و لكنهم دعوا إلى تحكيم قاعدة تنظيم الإخوان الأولى [نعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه] فلم يعتزلوا تلك الفرق كلها بل ضموها مما يدل في المقابل دلالة واضحة على أنّهم لم يتولوا الإمام والجماعة والرابطة التي بينهم وهي هالبيعة بل تبنوا الديمقراطية و الحزبية و فرّقوا نسيج وحدة الأمة وما دعوة المغامس وابن بيّة ووسيم و أمثالهم عنّا ببعيد وذلك لإحياء أكبر ايقونات المجتمع المدني بأن تكون التعددية هي الأساس و ليس نسيج الوحدة، لقد قام الإخوانيون الجدد بنقد السرورية في ظواهرها وآثارها لا في أصولها وأيقوناتها.
وللتوضيح أكثر نرجع لمثالنا السابق فإن الأشعري عندما نقد المعتزلي اتهمه أنّه يثلب في الذات الإلهية ولكنه لم يصف الداء الحقيقي الذي جعل المعتزلي يثلب في الذات الإلهية ألا وهو البعد عن السنة ومنهج السلف الصالح لأنّ الأشعري مصاب بنفس الداء فتجده كالمعتزلي في موقفه من الإحتجاج بالسنة، وهنا في الولاية العامة في عصرنا ومع تنظيم الإخوان تتكرر المسألة فتجد الاخواني الخائف أو المتغير الذي لم يأخذ الوطنية على أصولها الشرعية السلفية يؤييد الظواهر والمآلات ولا يؤيد الأُسس والأصول التي قامت عليها الولاية الشرعية وبالتالي لن يفند أضداد أصل الولاية العامة مادام لم يعرف أصولها فيلجاء ويضطر الى تعليق الأمره كله بالنظر في المصلحة والمفسدة فقط كاجتهاد فقهي يخضع لسياسة الأمور وللذوق والرأي وهنا تكمن الأبواب الخلفية بين الفرقة الجديدة والفرقة القديمة وتتضح ويكون لطرح الثعالب مجال وصدى واضح لكل مخدوع بهم فتجد الإخواني الخائف أو المتغير.
أي المتراجع عن تأييد بعض أفعال الإخوانيين أو بشكل إجمالي ينتقد فعل تنظيم الإخوان كفعل السرورية فيما سمّوه بالربيع العربي من الثورات لوجود المفسدة و أنّ المصلحة مع ضده وليس لأن أصول العقيدة عند السلف ترفض هذا الفعل من أساسه ولذاته لا استنادًا على النظر في المصالح والمفاسد ابتدأ.
فلو أنّ الأشعري أرجع ذمه و انتقاده للمعتزلي بأنه خالف منهج السلف ونقض أصول استدلالهم لما صار للنظر العقلي الموهوم (الرأي) مكان عنده، ولو أنّ الإخواني الذي يظهر هذه الأيام بمظهر الوطني سواء كان خائفا أو متغيرا أي متراجعا كتراجع الأشعري عن مذهب المعتزلي لو أنّه علق وأرجع وربط الأمر بالولاية العامة بأصول السنة وبالأثر لا بالنظر في المصالح والمفاسد لفهم ولنجى ولصار سلفيًا.
فتوجيه النبي ﷺ باعتزال تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة في حالة إن لم يكن هناك إمام ولا جماعة معنى هذا الأثر أنّ الأمر في أصول النظام السياسي لا بدائل له في حالة انتقاضه و أنّه متعلق بالأصول لا بالنظر في المصالح والمفاسد فلو أنّه متعلق بالنظر في المصالح والمفاسد لكان هناك بديل بل بدائل ولكنه ﷺ قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة.
••• إذًا في النظام السياسي في الاسلام لايوجد بديل عن هذه الكينونة وهي الإمام والجماعة والبيعة و أيّ شكل سياسي يقوم على غير أساس منها وبوجودها بصفتها الشرعية نكون معه في حالة (فاعتزل تلك الفرق كلها) رفضًا له، مع العلم أنّ حذيفة لم يورد في سؤاله للنبي ﷺ كلمة الفِرَق لكن النبي ﷺ أوردها في جوابه ليعلمنا إما أن يكون النظام السياسي قائم على هذه الأركان وهي الإمام والجماعة والبيعة أو أنّه الاعتزال لما سواه من الأشكال الأخرى ديمقراطية كانت أو غير ذلك.
... ففي قوله ﷺ (فاعتزل تلك الفرق كلها) رفض للتعددية من اصلها و خصوصا التعددية السياسية لأن سياق الحديث عن الحكم و السياسة.
والاعتزال هنا اعتزال شرعي ومعناه أن يقوم على أمرين، أخذ الأصل والتبرئ مما يخالفه قال تعالى على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام (واعتزلكم وما تدعون من دون الله) تفسيره كما جاء في ابن كثير أي أجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله. إذًا فلا بد للمتغير أي المتراجع عن منهج الإخوان أو عن حبهم أن يتبرأ من أصولهم لا من ظواهرهم والمفاسد التي أحدثتها أصولهم ومن أهم أصولهم الديمقراطية والمجتمع المدني ودولة المؤسسات وقاعدة نعمل فيما اتفقنا عليه… إلخ، وكل ما يخالف الأركان الثلاثة الجماعة والإمام و البيعة.
ولكن طرح الثعالب يخالف هذه القاعدة وهي قاعدة التبيين و التي تقوم هنا على ركنين التأييد والتفنيد فتجدهم يؤيدون ظواهر الأصول و آثارها لا الأصول نفسها، ويفندون ظواهر الضد والنقيض لا أُسسه ومنطلقاته، وهذه هي طريقة تعامل الفرق التي لها أبواب خلفية فيما بينها.
فتجد هذا الإخواني الخائف او المتغير كتغير الأشاعرة على المعتزلة يتناول الوطن على أنّه قائم على النظر في المصلحة والمفسدة و ليس لأنّه فطرة و أصل أمر الله به على وجعل له اركانا في شرعه سبحانة هي من أصول السنة وهنا المفارقة بين السلفي الذي يتناول مكونات الوطن وأركان قيامه على أنّه أمر قاطع من الله و أصل من أصول السنة لا بديل عنه فيجب تأييده وتفنيد كل ما يضاد أو يناقض أركان قيامه وبين هذا الشخص المتغير أو الخائف الذي تناول أمر قيام الوطن على أنّه نظر في مصلحة ومفسدة فخالف من قبله من الحزبيين ليس بطرح سلفي بل بالطرح الذي يثلب في آثار و نتائج فكر من قبله فيشق هذا المتغير طريقا جديداً ليس على السنة لكن هذا الطريق الجديد له أبواب خلفية تنفذ إلى أُسس الفكرة السابقة التي تغير عليها وانتقد نتائجها وآثارها وللتوضيح أكثر و أكثر نجد أنّ هذا المتغير كان في السابق يؤيد الثورات أصبح يرفضها وينتقد من يؤيدها و فلسفة رفضه لها ليس من منطلق سلفي بل من منطلق بدعي أو ثانوي أي بالنظر في المصلحة والمفسدة بل إنّه يدعي أنّه في موقفه هذا يوافق السلف وهذا من طرح الثعالب والذي تكرر بين الأشاعرة والمعتزلة وادعاء الأشاعرة أنّهم صاروا أهل السنة بانتقادهم للمعتزلة ولا يزال يتكرر هذا الوضع والجبل السلفي صامد لا يترنح ولا يراوغ كروغانهم، فتجد الإخواني المتغير يدعي أنّه صار سلفيًا بنقده تنظيم الإخوان نقدًا ظاهريًا.
ومن الاشباه والنظائر في هذا الأمر نجد أنّ المعتزلة كانوا يرون وجوب الخروج على ولي الأمر إذا ظلم واعتبروا ذلك أصلاً من أصول عقيدتهم فلما ضربتهم المطارق السلفية على رؤوسهم نتج الأشاعرة فقالوا معارضين للمعتزلة ومضللين لهم يجوز الخروج على ولي الأمر الظالم ولا يجب وإذا لم تكن هناك مفاسد فيحب الخروج عليه وذلك عند أكثرهم، فأصبحوا يروغون روغان الثعالب.
والشخص المتغير على الاخونج في هذا الزمان، والذي لم يسلك مسلك السلف في نقده لهم مثله مثل الأشاعرة.
فلا شك أن الطرح الإخواني قائم على أن الدولة عندهم يجب أن تقوم على غير الملكية نهائيا لأن الملكية في نظرهم البدعي استبداد وهذا راجع إلى تفسيرهم معنى الاستبداد لذلك تبنوا جميع أيقونات الإتجاه اليساري وحاولوا أسلمتها من ثورات وديمقراطية ودعوة للإشتركية و دعوة للحرية …الخ فالإخواني المتغير تجده يشق له طريقا لايؤيد الأيقونات اليسارية ولكنه يسوغها بطريقة أُخرى من باب المصلحة والمفسدة
••• إذا فهذا المتغير على الاخونج والذي لم يسلك مسلك السلف هو بمثابة قنبلة موقوتة ربما تنفجر إذا تهيأ لها الجو المناسب.
والخلاصة في أربعة أمور:
الأول: ليس كل من تغير أي تراجع عن بدعته و فكره المنحرف السابق مثل فكر و بدعة تنظيم الإخوان يكون بذلك سلفيا فربما اتى بطريقة أُخرى ولكنها ليست على طريق السلف.
الثاني: أنّ البدع اللاحقة عالة على البدع السابقة و أنّ اظهرت اللاحقة عدائها ونقدها للسابقة بل تجد ان البدع اللاحقة ترجع بعد عدة أطوار إلى الإستمساك صراحة بأصول البدع السابقة بعد أن كانت تنتقدها وهذا ظاهر في مثالين:
المثال الأول في أطوار الأشاعرة في صراعهم مع المعتزلة.
والمثال الثاني في أطوار السرورية الإخوانية مع البنائية الإخوانية حيث تبنت السرورية بعد زمن ما كانت تنتقده في البنائيه و ما طرح مزسي عنّا ببعيد قبل وبعد الثورة،
وكذلك يظهر في الإخوانيين الجدد سواء الخليجيين أو غيرهم فتجدهم ينتقدون الإخوانية البنائية أو السرورية في نتائجها وليس في أصولها وأما موقفهم من الحكام (الولاية العامة) فيظهرون على أنّهم وطنيون لكن ليس بالمفهوم الصحيح بل يحكمون قاعدة الإخونج التعددية [نعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه] فيضربون نسيج الجماعة و إمامهم ويهيؤون للديمقراطية والنفس اليساري الجو.
الثالث: أنّ أيّ شخص متغير يعلن رجوعه عن بدعة و انحراف من سبقه ممن كان يؤيدهم يجب أن يكون رجوعه متضمن شيئين التأييد والتفنيد اما التأييد فيكون للأصل السلفي الذي يخالف أصولهم.
والتفنيد لكل ما يضاد أو يناقض الأصل السلفي الذي أيّده مجددا و يخالف بدعته التي كان يؤيدها في السابق وليس تفنيد بدعته السابقة فقط التي رجع عنها كلا بل يشمل تفنيد كل بدعة تخالف الأصل السلفي المؤيد و أيّ صورة تخالف هذه الصورة فإنها تتضمن طرح ثعالب البدع و تتضمن وجود أبواب خلفية تعيدهم إلى بدعتهم الأولى.
الرابع: وهو خاص ببدعة العصر التي قامت عليها حزبية تنظيم الإخوان وهو التخبط في النظام السياسي ونجمل الأصل السلفي في اثرين الأول الذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حيث قال عليك بجماعة المسلمين وامامهم قال حذيفة فإن لم يكن لهم جامعة ولا امام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على اصل شجرة).
فالحديث يؤكد أنه لا بديل لهذا النظام لأنه في حالة عدم وجوده أمره باعتزال تلك الفرق كلها التي أتت كل واحدة منها بنظام من عندها لأنه لا مجال هنا للتعددية مع السلفية لأنها مرفوضة أصلاً فالتعددية هي أساس لطرح الثعالب.
والأثر الثاني قوله عمر رضي الله عنه: (لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمام ولا إمام إلا بسمع وطاعة)، فعمر بين الطريق الذي يقوم به الإسلام من جهة الدولة حصرًا وهو وجود جماعة بإمام واحد وله البيعة.
اقرأ المزيد
فإنَّهُ لَا يخفَى علَى كلِّ مُسلمٍ ومسلمةٍ مكانةَ السنَّةِ النبويةِ وحجّيتَهَا وشرفَهَا، فإنَّ شرفَهَا منْ شرفِ صاحبِهَا -صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليْهِ-، ومَنْ تأمَّلَ طريقةَ القرآنِ
سألني أحد الأفاضل: يا شيخ محمد ..نريد حلا صريحا أمام هذه الأحداث يُخرج بعض السلفيين من الحيرة أمام هذا التهييج الإعلامي الإخواني!!
لا يفتأ دعاة التغريب يحاولون النَّيل من ثوابت الدِّّين وقيم المجتمعات والدُّول المسلمة؛ ويمَنُّون أنفسهم بأن يروها وقد استبدلت الأدنى بالذي هو خير
من فطرة الله أنّ المجتمع البشري يتكون من عدة أجزاء وأعضاء وذلك لتحقيق سنة التكامل
رد مركز تفسير الإسلام على التصريحات المغلوطة التي أدلى بها "علي الهويريني" خلال برنامج الليوان حول تفسير حقيقة العبادة.
رد الشيخ يوسف بن عيد، الباحث في الأمن الفكري، على فتوى الدكتورعبدالله بن محمد المطلق بإجازة إمامة المرأة لزوجها في صلاة التطوع في المنزل.