بعد أن ضاعوا …


بقلم - الأمير ممدوح بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود

 

سؤالي إلى كلّ مفتون.. والذي تلوّث بالفتنة التي (لفّتنا) والمنطقة منذ سنوات .

 

الآن نأتي إلى فتح (ملف) يهرب منه (الكلّ) تقريبًا.. حتى من هم أعداء لأعداء ديننا.. ساكتون.. (ولا كلمة).. وأنا بشخصي وعلمي وعملي على ضعفنا وقلة حيلتنا مستعد أن أناقش أيّ أحد في هذا العالم بهذا الخصوص.. والذي يتهرّب منه وللأسف الجميع.. إلاّ بعضهم وعلى استحياء .

 

والموضوع هو سؤال … هل العَالَم (الغير مؤمن) الإيمان المنجّي من جهنّم والعياذ بالله يستطيع أن يفتح فمه ويقل لي : أألذي أضعتموه من طاعة لخالقكم منحكم انسجاماً مع النفس ومع الحياة الطبيعية الطيبة ؟.. قد يتلوّى البعض تلوّي الأفعى على رمالٍ خدّاعة ويجيب : نعم فنحن بخير وطمأنينة وراحة في اتجاهاتنا تلك المخالفة للشرع ، وهو والله يكذب ويخون نفسه .. (فكلّ) من هو بعيدٌ عن إطاعة الخالق في همّ وغمّ وضيق ، قال تعالى { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ } آية 124 سورة طه .. ومن هنا قد نبدأ لننتهي .. قسماً بالله أنّه لا راحة ولا طمأنينة (ولا شيء) حقيقيّ نافع في هذه الدنيا موجود عندكم أبداً يا من ليس في وجدانهم وأعمالهم إلاّ حبّ الدنيا بكلّ ما فيها من شهوات محرّمة كانت أم شهوات قد تؤدي إلى إغضاب المولى عزّ وجلّ .. حتى تقدّمكم واختراعاتكم .. و (امتراعاتكم) .. آخرها الوبال ، كلّ همّ لكم (شبق) لهذه الحياة ونيل أكبر (حصة) من تلك الشهوات ، وإذا أردتم أن (نفصفص) ونفصّل فأنا على ضعفي جاهز .

 

أقول أأعجبكم أم لم يعجبكم .. والأكيد (لن يعجبكم) .. أنّه لا حقيقةً حقّاً في هذه الحياة كلّها إلاّ ما أتى به محمد عليه الصلاة والسلام من ربّه وربّ كلّ شيء .. وهذا (الشيء) لن تفهموه الفهم الصحيح أبداً إلاّ بإيمانٍ صادقٍ وشيءٍ من العلم النافع ، فإنّه سبحانه قد حدّدها تحديداً ربّانياً إلهيّاً بقوله { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) } سورة العصر .

 

أنا على يقينٍ مائة بالمائة بأنّني ومن هو غير مقتنعٍ بما ذكرته في كلّ السطور السابقة على طرفي نقيض .. (فَهُمْ) – حتى الغير (متشدّد) منهم في بعده عن الله وعن دين الله الحقّ الذي هو الإسلام – يظنّون أنّهم خُلقوا لكي يعيشوا .. ونحن الذين يكرهونهم .. نؤمن بأنّنا خُلقنا لعبادة الله سبحانه وتعالى … قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} آية 56 سورة الذاريات .. كي نعيش العيشة الخالدة السعيدة والتي ليس بعدها لا موت ولا ضيق ولا زعل ولا نكد ولا مثقال ذرّة ممّا يُزعج أو يُحزن في الدنيا – وقد يعترض المؤمن بعض المزعجات ولكنّه ينجو دائماً من الموبقات بإذن الله.

 

وحتى تلك المنغّصات في الحياة توضع في حسابه إن صبر لإعلاء مكانته في الدارين عكس .. الآخر كما يُسمّونه والذي هو والعياذ بالله يسبح في (محيطات) من البعد عن ربه وخالقه ويمارس حياته (بحيوانية) لا تخفى على من لجأ إلى ربه وأنصف من نفسه – … وفي الآخرة فإنّ من أطاع ربه ناجٍ بإذنه تعالى من العذاب والخزي العظيم .. هذا غير أنّها مملكة سعيدة إلى ما لا نهاية – أي الآخرة – لكلّ واحدٍ من أهلها – جعلنا الله وإياكم منهم – تسوى الدنيا وما فيها إلى أبعد وأكثر ممّا يتصوّره عقل .. وكيف لا والذي صنعها بيده ووعد بها خلقه من البررة ربّ الدنيا والآخرة وإلههما .. وكلّ ما يُطلب لنيل اللذة والمتعة الدائمتين إلى أبد الآبدين اللتان ليس لهما مثيل أبداً والسلامة من العذاب في الدارين هو الطاعة والانقياد له سبحانه وتعالى .. حتى أصحاب الدنيا ومن يعشقونها الآن و (يركضون) وراء شهواتهم المحرّمة ومع ذلك لا ينالون من الدنيا إلاّ الفتات .. يُحْرَمُون حرماناً ما بعده حرمان في الآخرة إن هم لم يتوبوا ممّا يُغضب الله وإن لم يتب عليهم ربّهم … الجنّة (يا عالم) مُلْك لا يوصف لكلّ فردٍ فيها .. لا يُمكن تفصيلها في هذه العجالة أبداً ولا حتى واحد فيما لا نهاية ممّا فيها من هناءٍ وسعادة – غير أنّه كلّما كان (أحدهم) أتقى من (غيره) كانت جنّته أعلى وأفضل – .. الجنّة (يا ناس) بها درجات تبلغ مائة درجة .. ما بين كلّ درجة ودرجة بُعد السماوات والأرض … قال تعالى : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } آية 17 سورة السجدة .. وقال تعالى { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } آية 20 سورة الإنسان .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر } رواه البخاري .

 

يا من أضعتم دينكم و (تملّصت) منكم سنوات وشهور وأسابيع وأيام وساعات ودقائق وثواني كان من الممكن أن تملؤوا جزءاً كبيراً منها بالراحة والسعادة والنور والسرور لو انقدتم لما أمركم ربكم به ، ولكنكم أطعتم وانقدتم لأبالسة الجن والإنس وفوران من الشهوات سرعان ما ذهبت وبقيت مخازيها وآثارها التي إن لم (يُتاب) منها ولم يرد الله لكم في الآخرة نجاة – لأنكم لم تطلبوها في الدنيا – سترجح موازينكم في الآخرة بغضب يعقبه (عذابات) نسأل الله العافية .. الله وحده هو الذي يعلم كيف يكون حسابكم أو العفو عنكم .. غير أنّ الذي يُشرك شرك أكبر أو لا يُصلّي فهو مخلّد في جهنّم خلوداً إن مات على إحداهما أو كلاهما .. وما هي إلاّ جنّة أو نار لا ثالث لهما أبداً … فيا من هم منّا وأعطوا آذاناً صاغية لغربٍ أو شرق نصراني أو يهودي أو مجوسي … اصغوا ولو مرّة لما ولمن يدلّكم على (محابّ) الله والتي لا نجاة من دونها ويسعدكم في الدنيا وعند الموت وفي القبر وفي يوم القيامة .. ويُبيّن لكم ما يُغضبه سبحانه والتي بها وبال وسَخَط نسأل الله العافية .

 

أيعلم أكثرنا ماذا يحدث له بعد طلوع روحه إلى ما لا نهاية من نعيم أو جحيم ؟ … أكاد أجزم بأنّ أكثرنا وللأسف لا يدري عن هول الانتقال من هذه الدنيا الفانية إلى أعظم حالة وأكبر مشهد في تاريخ الإنسانية جمعاء .. إن كان شرّاً فشرّ وإن كان خيراً فخير … فمن أطاع الله أسعده الله في حياته وعند طلوع روحه وفي قبره وعند خروجه من قبره يوم القيامة وفي يوم القيامة .. جعلنا الله وإياكم والمسلمين من أوليائه وأصفيائه وأصحاب الدرجات العُلى مع نبيّنا ورسولنا وقرّة عيننا وسيّدنا محمد صلى الله عليه وسلـم وعافانا وعفى عنّا من شقاء من يُسمّون الآن … (الآخر) .. وجعلنا الله ممّن يقول الآخر عنهم أنّهم أعداء الحياة وطيور الظلام ووهابيّة وجاميّة .. فَهُمْ والذي نفسي بيده إن شاء الله الفرقة الناجية من بعد الموت إلى ما لا نهاية .

 

أخيرًا.. أنصح نفسي وإيّاكم بقراءة كتاب (الوسائل المفيدة في الحياة السعيدة) للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله –... فهو كتاب قليل الصفحات كثير النفع .. وأرجو وآمل أنّ من يقرأه يناقشني به بعدها إن شاء سواءً عن طريق النّت أو هاتفياً أو يحضر لي أو أحضر له

 

يا أهلي.. ويا من أحبّ من الناس.. ويا مواطنيّ.. ويا هذا العالم الإسلامي.. أرجوكم دقائق تذكرون فيها ما ذكرت سابقاً .. بتفكّر وتدبّر وإنصاف… والسلام على من اتّبع هدى محمد عليه الصلاة والسلام .

اقرأ المزيد

التعامل مع أهل الكتاب

الحمد لله الذي خلق الخلق أجمعين ورفع منهم من استقام على صراطه المستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله القوي المتين

الاعتصام بالله وبذل الأسباب.. أسس شرعية وأصول مرعية لمواجهة "كورونا"

يتردَّد كثيرًا في مجالس النّاس هذه الأيام حديثٌ عن مرض يتخوَّفون منه ويخشون من انتشاره والإصابة به ، بين حديث رجلٍ مُتَنَدِّرٍ مازح، أو رجلٍ مبيِّنٍ ناصح،

المسرحية السرورية والهجرة البريطانية

رأينا في الأيام الماضية مروقًا خراجيًّا لعماد المبيض ودعواه "كذبًا" وهو جالس على "كنبة" سعيد الغامدي في لندن أن الدولة السعودية

"آل الشيخ" جهوده إلى الشيشان.. والإعلام الساقط إلى الخسران

الأمة الإسلامية شرفها الله بأعظم رسالة، ورسالتها قائمة على العبادة، وأشرف أماكن العبادة المساجد

عنصرية أم تمييز؟!

العنصرية داء خبيث عانت منه الكثير من المجتمعات ففتك ببعضها و أدخل بعضها في دوامات من الصراع والنزاعات، والعنصرية أمر بغيض أساسه الكبر والتعالي والنظر

ملحد يقود قطيعًا !

الباشا الثوري محمد علي مفجر ثورة التصحيح وحامل هم الغلابة على عاتقه، الذي لا يؤمن بوجود إله لهذا الكون أصلا

تعليقات


آخر الأخبار