عنصرية أم تمييز؟!
بقلم - عبدالهادي السلمي
العنصرية داء خبيث عانت منه الكثير من المجتمعات ففتك ببعضها و أدخل بعضها في دوامات من الصراع والنزاعات، والعنصرية أمر بغيض أساسه الكبر والتعالي والنظر بعين الاحتقار والتقليل من قدر الغير وشأنه أما بسبب اللون أو العرق أو الديانة أو المكانة الاجتماعية .
العنصرية نوع من "التمييز" على أساس أفضلية (عرق وجنس و لون و ديانة) الأمر الذي يؤدي إلى عدم المساواة بين البشر ينتج عنه حرمان لحقوق الغير وفيه ظلم وإجحاف، والعنصرية بمجملها محرمة في الإسلام وعليه فهي ممارسة محظورة في المملكة العربية السعودية فالمساواة والعدل مطلب منصوص عليه في النظام الأساسي للحكم فالمادة الثامنة تقول :(يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية).
إلا أنه قد اختلط لدى الكثير عدم التفريق ما بين مصطلح "العنصرية" ومصطلح "التمييز" بإطلاقه فأصبح المصطلحين لديهم بمعنى واحد وذلك نتيجة سوء فهم و لغط وعدم تفريق ما بين "التمييز السلبي" و"التمييز الإيجابي".
فالتمييز السلبي أو "العنصرية" سلوك وممارسة مذمومة ومرفوضة بكل أشكالها وصورها؛ أما "التمييز الإيجابي" فيحتاج منا إلى مزيد من التأمل والتوضيح لفهم مدلولاته وأسبابه والمغزى منه .
غالب دول العالم وخاصة الديمقراطية منها تنظر لـ"التمييز الإيجابي" بصورة مغايرة عن "العنصرية" حيث نجدهم يمارسون التمييز الإيجابي مراعاة لخصوصية التركيبة السكانية والنسيج المجتمعي والعادات والتقاليد المتوارثة؛ لذلك تمارسه تلك الدول معتبرين ذلك نوع من "التمييز الإيجابي" لاعلاقة له بـ "العنصرية".
فتراهم يعرفون "التمييز الإيجابي" بأنه هو اعتماد مبدأ الأفضلية وفق سياسات خاصة تراعي عوامل (العرق واللون والدين والجنس) وللتوضيح نأخذ أمثلة على ذلك :
في الولايات المتحدة الأمريكية تجد غالب المؤسسات التعليمية تتبنى سياسة "التمييز الإيجابي" لضمان قبول نسبة معينة من الأقليات العرقية كالأميركيين من أصول إفريقية ولاتينية في فصولها الدراسية، وعلى الرغم أن من هذا "التمييز" موضوع جدل على الصعيد السياسي والقانوني؛ إلا أن المحكمة العليا هناك حسمت الأمر وأصدرت قرارات تسمح لتلك المؤسسات التعليمية باعتبار العرق عاملا مقبولا عند قبول الطلبة وفق سياسة "التمييز الإيجابي".
وفي كندا تلزم معظم الجامعات بأن يكون للسكان الأصليين متطلبات دخول أقل و فرص أكثر لهم للقبول في منح دراسية حصرية .
وفي المناطق الشمالية الغربية من الشمال الكندي يعطى السكان الأصليون أفضلية في الوظائف والتعليم ويسمى وضعهم P1 .
أما إيرلندا الشمالية فيلزم القانون على جهاز الشرطة في إيرلندا الشمالية بتجنيد 50% من الجهاز من الطائفة الكاثوليكية و50% من البروتستانت والمجموعات الأخرى .
وأيضًا في البرازيل تلزم الحكومة بعض الجامعات البرازيلية في (مناطق ذات أكثرية من البرازيليين الأصليين) أنظمة لتفضيل قبول البرازيليين الأصليين الذين اساسا يعدون أقلية في كامل البلاد .
وفي الهند فإن الحكومة تمنح الأفراد المنتمين إلى فئات عرقية ومناطقية نسب عالية في الحجز السياسي وكذلك في المناصب المهنية والتعليمية بنسب متفاوتة مابين 30 % إلى 70% في عدد من الولايات .
وكذلك تايوان شرعت قوانين يلزم الشركات التي لديها 100 موظف أو أكثر والتي ترغب في التنافس للحصول على عقود حكومية أن يكون لديها على الأقل 1% من موظفيها من السكان الأصليين التايوانيين .
أما في بريطانيا دولة الحريات نلحظ صور من التمييز فيها عبر منح الألقاب الملكية بامتيازاتها (سير، فارس)، بالإضافة للنبلاء (الدوق، الماركيز، الكونت، فيكونت، البارون) حيث يوجد في بريطانيا أكثر من ألف نبيل يحملون ألقابًا متوارثة ينتقل فيها اللقب إلى أقرب وريث "ذكر" وغالبًا ما يكون الوريث سليل حامل اللقب الأول وفي بعض الأحيان قد ترث "النساء" ألقاب النبالة!! ووفقًا لهذا التمييز يحصل النبلاء على امتيازات خاصة من أهمها أحقية الترشيح المباشر للانضمام لـ مجلس اللوردات بالبرلمان البريطاني !!
المقصود أن مصطلح "التمييز" مصطلح مطاط له جوانب إيجابية وأخرى سلبية ولا يجب أن يستخدم على إطلاقه عند سن أي قانون مراعاة للخصوصية والقيم المتوارثة وللحفاظ على الهوية وتقاليد الحكم وأن كل تلك الدول رغم أنها ديمقراطية وتطالب بممارسة الحريات والمساواة إلا أنها تمارس أشكالا واضحة من "التمييز" وبصورة قانونية بحجة أن ذلك مؤداه لنتائج إيجابية؛ وعلى هذا الأساس نجد تلك الدول لا تشرع أية قوانين أو أنظمة تكافح "التمييز" بذاته وبدلا من ذلك يعتمدون قوانين تكافح "خطاب الكراهية" وبشكل عام .
اقرأ المزيد
رأينا في الأيام الماضية مروقًا خراجيًّا لعماد المبيض ودعواه "كذبًا" وهو جالس على "كنبة" سعيد الغامدي في لندن أن الدولة السعودية
فمع تداول صور المطاف وهو خال من الطائفين بسبب عمليات التعقيم والحفاظ على حياة الناس وصحتهم من انتشار وباء كورونا
الباشا الثوري محمد علي مفجر ثورة التصحيح وحامل هم الغلابة على عاتقه، الذي لا يؤمن بوجود إله لهذا الكون أصلا
إن ما يشهد به ويشاهده شعب المملكة العربية السعودية والعالم أجمع من جهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز
الكلمة التي ألقاها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح والإمام العادل سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله