"All together".. طماطم وخيار وجزر!
بقلم – هشام الشعراوي
المقال يناقش قضية باتت مطروحة للرأي العام من باب السعي إلى تحقيق المصلحة وتلافي المفسدة بقدر الإمكان من منظورنا الشخصي، ولا يناقشها في إطار الأحكام الشرعية "حلال أم حرام"، "All together" جروب "فيسبوكي" من وجهة النظر العامة خبيث، متدني، عقيم، لئيم.
أصبحنا وأمسينا ما بين ليل ونهار وما بين استهلال قمر وبزوغ شمس على حدثٍ يعد من نوعه هو الأول والغريب؛ حدث لم تكن له سابقة أو قدوة حسنة؛ ولكن غالبًا ما ستقتدي بها الشياطين من بعد، وستكون مسوغًا لكل ضلال وحرام -إلا أن يشاء الله شيئًا-، وباب أعظم سيفتح على مصراعيه لاستقبال الفتن وتمكينها والترويج إليها!.
يقوم على هذا الجروب أحدهم -وهو المُكنّى والملقب بـ - "أبو أسلم السلفي"؛ أنشأه وكرس له، وضم إليه العديد -بل الآلاف- من الأعضاء، ووضع له ما أسماه -أو بالأحرى: ادّعاه- بالضوابط والقوانين، ونعتقد أنه بذلك قد قنَّن الشر المنبعث من فكرة الجروب المشؤومة!.
ما هي فكرة جروب All together""؟
فكرة الجروب هي عبارة عن بدعة قد لا تكون بالجديدة عند عموم المشاركين في موقع "فيس بوك" وإن كانت بالفعل كذلك في أوساط من يسمون مجازًا بالمُلتزمين، أسماها بـ "المشاركة الاجتماعية"، وهي إنشاء جروب "فيسبوكي" قائم على الاختلاط بين الجنسين والدمج بين الرجال والنساء في غرفة إلكترونية واحدة مغلقة، وليس الغريب في حد ذاته هو إنشاء جروب يجمع بين النساء والرجال ولا هو الحدث الأول في حد ذاته، ولكن الغريب في الأمر هو أن الفئة التي جمع بينها مؤسس الجروب كانت ولا زالت لا تقبل بهذا الأمر بتاتًا؛ فهي تتميز -على الأقل ظاهرًا- بتمسكها بأحكام الشريعة الإسلامية، وتتسم بالالتزام الشخصي الديني، أي أن أعضاء هذا الجروب في الغالب من الرجال الملتحين والنساء المنتقبات؛ وهو ما يثير حفيظة الجمع حتى من عوام الناس الذين يمارسون هذا الاختلاط في جروبات أخرى عديدة!، ويثير أيضًا حفيظة الكثيرين من المنتسبين للالتزام الديني والتيارات الإسلامية المختلفة.
الاختلاط الإلكتروني خطر
الاختلاط الإلكتروني قد يكون أقرب وأقوى من الاختلاط المادي!؛ إذ تكون المرأة جالسة في بيتها تكلم رجلاً في شرق الأرض أو غربها بكلام لا يسمعه ولا يقرأه إلا هو، وربما يكون الرجل والمرأة جالسين في نفس القاعة فلا يستطيع أن يرفع صوته -وهي كذلك- خوفاً من أن يسمعهم أحد، وإذا كان هناك آخرون جالسين في الغرفة تقول: أنا لا أستطيع أن أكلمه بهذا الكلام، ولكنها في الاتصال الإلكتروني تكلمه بخبايا نفسها ويكلمها بخفايا نفسه؛ لذلك الاتصال الإلكتروني والاختلاط الإلكتروني اختلاط قريب من الاختلاط الحقيقي ولربما كان أخطر.
وفي هذا نجد العديد من الكوارث والخيانات، وبيوت قد خُرِّبت، وزوجاتٍ يُضيِّعن شرفهن في معاملات تحت مظلة الاختلاط الإلكتروني، وقد صرنا نتداول فيما بيننا أخبار نجد فيها أن فلانًا يقتل زوجته لأنه عثر على أدلة خيانتها له في جوالها المحمول!، وفلانة تعرفت على فلان عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي ثم التقت به في الحقيقة وصار بينهما علاقة مشبوهة ومحرمة، وزوجة وعشيقها الذي تعرفت عليه على شبكات التواصل قتلا زوجها لما وجدهما في وضع مخل بالشرف، وكثير من قضايا الطلاق بسبب التواصل والاختلاط الإلكتروني، وعلاقات محرمة يقع فيها المراهقون الصغار -وما أكثرها- بالآلاف -بل تتجاوز ذلك بكثير-.
ثم يأتي لنا الآن "أبو أسلم السلفي!" ببدعة جديدة من نوعها في أوساط كانت بعيدة عنها إلى حدٍّ كبير، ويهيئ للملتزمين -أو قل: الملتحين والمنتقبات- سُبُلَ الاختلاط ويوفرها لهم، وبعد ما كان الشاذ أو النادر من هذه الطائفة يظل يبحث عن اسم فلانة بعينها على الكوكب الأزرق "فيس بوك" ولا يجده فتنسد عنه وعنها أبواب الشر، إذا بـ "أبو أسلم السلفي" يأتي ليوفر له كل أسماء النساء ليسهل عليه البحث عنهن ويحدثهن على الخاص لينال ما يريده! وإنا لله وإنا إليه راجعون، وكأنه يسعى -ولو من غير قصد- إلى جلب المتاعب والخيانات وخراب البيوت!؛ ومن ثَمَّ أصبحت فئة الملتزمين تتهتك رويدًا رويدًا ويتسرب إليها كل دخيل لئيم، لتتحول المبادئ والقناعات والثوابت إلى سراب شيئًا فشيئًا، ويختلط الحابل بالنابل والطيب بالخبيث، وينقلب الرقي الديني والالتزام الشخصي إلى تدنٍّ وحقارة.. إلا من رحم ربي وعَصَم.
طبيعة المؤسِّس
مُنشِئ الجروب والقائم عليه من الشخصيات التي اعتادت التواصل المستمر على شبكات التواصل الاجتماعي والتواجد الكثيف، ولطالما كان يفاجئ المتابعين بالعديد من الاختراعات الفيسبوكية الجديدة التي وضعته في مصاف من يزدادون شهرة وظهورًا، ومؤخرًا انحرف المسار إلى ضرب فئة الملتزمين والملتزمات بحربة في الظهر؛ لتسيل منهم دماء الطهر والعفاف والبراءة وتمتزج بالدَّنَس، مبررًا ذلك بأنه يعمل على دمج العلاقات الاجتماعية والأسرية ليستفيد منها الجميع، وكأن الناس أجمعين لم تعد لهم سبل استفادة إلا عن طريق الفيس بوك!، وكأن الناس من قبل كانت مشاكلهم الأسرية لا تحل!؛ فجاء هو كالمنقذ أو المُخَلِّص ليحل مشاكل الأسر المصرية!.
والذي لا يعرفه هو أن شيطانه قد لَبَّسَ عليه هذا، وأنه بصنيعه هذا سوف يفتعل من الهواء كثيرًا من المشاكل الزوجية والأُسَريَّة ولكنها هذه المَرَّة من نوع مختلف يزيد الأمور تعقيدًا وتوترًا.
يبرر "أبو أسلم السلفي" الكثير من أفعاله -ولا يزال-، ولكنه في الحقيقة إنما يبرر لنفسه فقط؛ أما الناس فلا شأن ولا حاجة لهم بذلك التبرير، والمهم في هذا المقام هو أنه كان مَن يضم بنفسه الأشخاص في الجروب عنوة!!.
ثم إن استهداف فئة معينة من الرجال الملتحين الملتزمين والنساء المنتقبات الملتزمات جعَلَهُم فريسةَ فِكرته الجديدة الغير موفقة -إن لم نَقُل المتدنية!-، وكأن لسان الحال بقول: كيف تفوت على الشيطان فرصة إغواء هذه الفئة الغضة النقية التقية وتركها بعيدة عن أبواب الشبهات وخَيَّات الشياطين؟!، وكأنه لم يكفِه فساد الملايين من بنات وشباب المسلمين ووقوعهم في مكائد الغرب، وضياع أجيال وأجيال من أبناءنا وبناتنا من جراء الاختلاط الإلكتروني وجرائمه.
"all together" .. ماذا شاهدت في جروب؟
بالرغم من ادعاءات مؤسِّس الجروب والقائمين عليه من ضبط وربط أمور الاختلاط في هذا الجروب، ووضع قوانين وقواعد -من وحي الخيال- لتقليل الشر، إلا أن الناظر -وربما نظرة عابرة!- يرى انتهاكات ومخالفات شرعية كثيرة واضحة وصريحة!، وما دون المخالفات الشرعية مما يتعلق بالحمية العربية والغيرة المصرية من الرجال على أزواجهن!!، والعجيب أنهم كثيرًا ما يدافعون ويبررون لتلك المخالفات، كمثل الذي صنع إنسانًا آليًّا يقتل الناس ثم هو يجري وراءه ليحذر الناس منه، عجيب والله هذا الأمر!!؛ وإلّا فما هو الذي يجبرهم على هذا الصنيع؟! وما هي الفائدة المحققة من وراءه؟! ولماذا تجلب لنا ولنفسك المتاعب؟!!
وأما عن المخالفات المرصودة فكثيرة ومتنوعة، ودعونا نورد لكم بعضًا منها على سبيل المثال:
كثيرًا ما يُنشَر على الجروب رسائل من موقع "صراحة" مثلا لشاب يحكي له معاناته مع الاغتصاب وهو صغير!، وآخر يحكي معاناته مع العادة السرية وبالتفاصيل!، وأخرى تحكي لنا قصة حبها مع خطيبها وكيف خانها بعد ذلك مع بنات كثيرات!!.
ثم انظر مثلا إلى منشور على الجروب لسيدة "متزوجة منتقبة!" تتكلم عن صداقتها لزوجها وتحكي لنا أسرار بيتها في إطار "دراماتيكي" مثير، وتلصق بالمنشور صورة لرجل مُلتحٍ وامرأة منتقبة يتبادلان الأحضان!.
وسيدة أخرى في منشور آخر تحكي قصة قصيرة توضح كيف أن هواء الشتاء يحرك نقابها وثيابها وهي تشعر بالانتعاش والسعادة والفرح والسرور.
ثم سيدة منتقبة وملتزمة تنشر مُلصقًا تشتكي فيه إلى الأعضاء من أن "زوجها بخيل المشاعر ولا يعطيها حقها في المعاشرة الجنسية!! -هكذا تصف الأمر- تقول بأنه يريد أن ينهي الجماع قبل أن يبدأ!!" أيًّ عارٍ هذا؟! وأي تَدَنٍّ في الاخلاق؟! وأي خيبة أمل يا معاشر الملتزمين؟!.
والأنكى من ذلك متابعة المسؤولين عن الجروب بتقاليعهم الواهية الزائفة العفنة، بتقليعة جديدة؛ ألا وهي ضم رسائل الصراحة إليه، لتزداد الفضائح والبلاوى، وليتسلى الجميع على سرائر الخلق.
وليعلم الجميع أن الإدعاء في وجه الإفادة من كم التعليقات على تلك الرسائل إدعاء مزعوم، لأن بكل بساطة الذين يقومون بسرد تلك التعليقات عير مؤهلين لحل مشاكل من هذا النوع.
هل هكذا يريدها القائمون على الجروب: "سَلَطَة"؟!؛ أكرَمُ لهم الآن -ولنا أيضًا- أن يغيروا اسمه إلى ".. "All together" طماطم وخيار وجزر!!".
اقرأ المزيد
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد ﷺ وعلى آله وصحبه الأخيار الطيبين رضي الله عنهم أجمعين
يشد بنا الحديث عن أهم يوم من ايام التعليم عند جميع الطلاب والطالبات ..
بكل صراحة... أنا رجل كثير الشك، دائم التفكير، شديد الفضول، مستمر التحليل والتركيب والربط والمقارنة
الحمد للهِ العظيمِ القادر، الفعَّالِ لِمَا يُريد، الذي خلَق فقدَّر، ودبَّرَ فيسَّر، فكُلُّ عبدٍ إلى ما قَدَّرَه عليه وقضَاه صائر، لا يُسألُ عمَّا يَفعل وهُم يُسئَلون، وأشهد أنْ لا إله إلا الل
يتردَّد كثيرًا في مجالس النّاس هذه الأيام حديثٌ عن مرض يتخوَّفون منه ويخشون من انتشاره والإصابة به ، بين حديث رجلٍ مُتَنَدِّرٍ مازح، أو رجلٍ مبيِّنٍ ناصح،
إن ما يشهد به ويشاهده شعب المملكة العربية السعودية والعالم أجمع من جهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز