واقع الدعوة إلى الله والمشروع الوطني


بقلم - عبدالله بن محمد الشبانات

 

المشروع الوطني هو المحافظة على الإنجاز وتنميتة؛ والذي قام على أساس من السعي إلى الهدف الحقيقي الذي قامت عليه الدولة.

 

فعندما تكون أجزاء ومراحل المشروع الوطني نابعة من الأساس الذي قامت عليه الدولة ومترجمة له فستكون الدعوة الى الله وبلا شك من بين هذه الأجزاء هي واسطة العقد في مسيرة المشروع الوطني فسيره ومُضيّهُ سيكون سلسًا وقويّا متى ما تطابقت الدعوة فيما تدعو اليه مع أساس الدولة.

 

فكون الدعوة إلى الله جزء مهم من المشروع الوطني هو أمر بدهي لمن عرف حقيقة الدعوة إلى الله ومدى ارتباطها بالمشروع الوطني من حيث تأسيسه وذلك بما للدعوة الى الله من تأثير مباشر وإيجابي على المشروع الوطني وأساسه الذي قام عليه وهو توحيد الله وذلك عن طريق التعليم والوعظ والتثقيف، إذا فأي أمر من أمور الدولة له تأثير مباشر وإيجابي نحو المشروع الوطني وأساسه الذي قام عليه فهو مهم جدًا والمحافظة عليه من ضروريات استمرار الدولة.

 

فإذا اتضح لك هذا؛ فعندها يكون من الطبيعي والمؤكد أن تكون الدعوة إلى الله تحت إشراف ولي الأمر تنظيمًا ودعمًا ولا يسمح لأي حزب أو تيار أو جماعة غير جماعة المسلمين القائمة (الدولة) بالسيطرة عليها والتحكم بمشورة العلماء فيها عند ذلك سيكون للدعوة إلى الله اثر إيجابي بل رئيسي في تعزيز المشروع الوطني و حمايته من الدخلاء.

 

كذلك من المعلوم بالضرورة والملاحظ بداهة في دول العالم أنّ الدين من أهم أُسس الدولة فنحن نجد دُولاً غارقة في الليبرالية تكتب في دساتيرها هويتها الدينية وتعلنها صراحة وليس هذا اعترافًا منها بالدين بقدر ماهو تجذر للدين في النفس البشرية-وإلّا فالليبرالية تحاول التخلّص من الدين-فاتخاذ الدين هو فطرة فُطِر الناس عليها.

 

وهذا الشيئ موجود حتى في الدول التي ترفع شعار محاربة الدين علانية كالحكومات الشيوعية فقد استخدمت الدين لتؤثر على شعوبها، فقد كان ستالين وهو رئيس الاتحاد السوفيتي في أوج عزها ينادي بابا الكنيسة الارثودوكسية لمباركة الجيش الشيوعي في معاركه ضد ألمانيا الكاثوليكية.

 

ولقد عمل الحزبيون على خطين لضرب الدعوة إلى الله في السعودية لإدراكهم مدى أهـمية هذا الأمر في تعزيز المشروع الوطني، فحاولوا إخراج الدعوة إلى الله من تعزيز المفهوم الوطني عموما والسعودي خصوصًا.

 

فالليبراليون وخصوصًا النتشوية منهم حاولوا دائمًا ومازالوا يحاولون تزهيد الدولة وأصحاب القرار في أهمية الدعوة إلى الله وذلك بإظهار الدعوة إلى الله انها تكرّس التشدد مستغلين سيطرت الطرف الحزبي الآخر على كثير من المناشط الدعوية وهذا الموقف منهم ماهو إلّا إدراكًا لدور الدعوة إلى الله في تقوية المشروع الوطني ودعمه ولإدراكهم أنّ هذا الأمر وهو الدعوة إلى الله بإشراف الدولة عليه سيضعف جانبهم الداعم للحرية بالمفهوم الفردي والتفلت من الدولة والنظام فالليبرالية تحاول إضعاف مفهوم الوطن عند الرعية ليتحول الوطن إلى مكان لجني المال ولحمايتهم دون أن يقدموا أيّ دعم له بل يكونون على العكس من ذلك عبء عليها.

 

وأمّا الفريق الحزبي الثاني كتنظيم الاخوان والليبراليون الكانطيون على حد سواء في كثير من الأمور وكذلك التبليغ ومن تأثر بهم، يحاولون إيهام الناس أنّ الدولة لا تريد هذا المنشط وإنّما وضعته مجاملة للعلماء وأهل الدين فقط.

 

فعلى صعيد تنظيم الإخوان تجدهم يريدون السيطرة على هذا المنشط المهم الذي ينبع من ديننا الإسلامي وبالتالي من مجتمعنا المسلم لكي يسيرونه على ما تقتضيه مصلحة جماعتهم وحزبهم، ورؤيتهم الأخلاقية الكانطية وتخلية أمر الدعوة من التحويد أن يكون هو المسيطر والمحور الرئيس.

 

فتنظيم الاخوان حاول السيطرة على المناشط الدعوية الرسمية مدعيا أمام اتباعه انه يدعمها ويقويها لكي لا تهدمها الدولة والتيار الليبرالي النتشوي وهو في الحقيقة يريد ضرب ثلاثة عصافير وليس اثنان بحجر واحد:

فالأول: أن يوهم الناس أنّ الدولة تحارب الدعوة مع الليبراليين وأنّ أي هذا التيار الإخواني واقف سدًا منيعًا أمام هذا الأمر.

الثاني: أنّ يمرر أجندته من خلال قنوات رسمية مدعومة من الدولة.

الثالث: إيهامه الناس أنّ الدعوة لن يكون لها أثر، وستموت في حال استبعاده عنها.

 

إذًا فممارستهم لأمر الدعوة الى الله الذي يعد من اهم اسباب تعزيز  مفهوم الجماعة والأساس الذي قامت عليه واختطافهم و تطبيقهم له على هذا النحو لهو من أشدّ الأمور خطورة على الدولة وهي الجماعة هنا عمليًا.

 

وأمّا التبليغ فإنهم لا يريدون أن يكونوا في دعوتهم تحت مظلة الدولة أبدًا؛ بل تحت مظلة رؤساء الجماعة في الهند وباكستان وهذا أمر خطير ومجاهرة بالأسلوب الباطني في التعامل مع الدولة وأنّهم مستغنون عنها وأنّهم يريدون تجيير الدعوة لصالح مراكزهم الدعوية سواء مراكز عملية كما في باكستان والهند وبنجلاديش أو مراكز فكرية كالصوفية و من دار في فلكها كالإخونج فولائهم ومن يرتب لهم دعوتهم هو قابع خارج الدولة فجماعة التبليغ إنطلاقا من هذا المفهوم تُعدّ من الخوارج وان لم يحملوا السيف فهي جماعة بدعية صوفية نورانية.

 

وأما السلفي فإنه إذا مارس الدعوة إلى الله فهو يدعو إلى نفس الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية فهو مساهم أساسي وفاعل في دعم المشروع الوطني بمعنى أنّه بعمله هذا يحقق أمر الله من الدعوة للتوحيد وتعزيز الجماعة(الدولة) وما قامت عليه.

 

فخير من يقوم في هذه البلاد على الدعوة إلى الله هم الوطنيون أو السلفيون سمهم ما شئت، فلن تخطئهم بأحد هاتين التسميتين في دولة التوحيد (لاإله الا الله محمد رسول اللهفرحم الله الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب فقد ادركوا هذه الحقيقة واجتمعوا عليها وضربوا أروع مثل في التاريخ الحديث لإقامة دولة مشروعها الوطني قائم على أساس توحيد الله والسنة ورفض الخرافات والبدع وقد سار على هذا النهج أبنائهم و أحفادهم من بعدهم وما وضع وزارة تخدم الدعوة إلى الله وتسهيل طريقها ودعمها إلا إدراك من قيادتنا وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بأهمية الدعوة إلى الله على أساس سلفي يدعو للتوحيد ونبذ الخرافة والشرك.

 

إن الدعوة إلى الله تغذية علمية معنوية للمشروع الوطني وتذكير وتدعيم للإساس الذي قامت عليه الدولة وهو هنا عندنا توحيد الله ونبذ الشركيات وهو غاية خلق الجن والإنس قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلّا ليعبدون) أي ليوحدون، فاذا تطابقت الغايات الفطرية بالغايات الدينية في المشروع الوطني قلّت العوائق وانطلقت الدولة بالتنمية بجميع جوانبها على أكمل وجه وعادت على المشروع الوطني بالخير والنماء وهذه حقيقة لا يدركها إلّا الموحد صاحب السنة الذي يعي مفهوم وعلاقة التطابق بين الدولة والجماعة سواء في الجانب العلمي أو العملي.

 

وختامًا أُذكركم بقول الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله:

(العداء لهذه الدولة عداء للحق، عداء للتوحيد، أي دولة تقوم بالتوحيد الآن من حولنا، من يدعو إلى التوحيد الآن ويحكم شريعة الله ويهدم القبور التي تعبد من دون الله مَنْ؟، أين هم؟، أين الدولة التي تقوم بهذه الشريعة؟، غير هذه الدولة اسأل الله لنا ولها الهداية والتوفيق والصلاح ونسأل الله أن يعينها على كل خير ونسأل الله أن يوفقها)، آمين.ا.هـ

اقرأ المزيد

الحلاج والفكر الثوري

فالمتأمل في بعض الشخصيات القلقة وبرزوها في التاريخ الإسلامي قد تظهر له جوانب أخرى في حياتها

بيان حكم الخلافة العامة

فإن بعض الجهلة ردّا على الإخوان المسلمين قد ينكر مشروعية الخلافة العامة، وهذا من مقابلة البدعة بالبدعة، والخطأ بالخطأ

ردًا على "المطلق".. بالأدلة الشرعية: إمامة المرأة للرجل غير جائزة

رد الشيخ يوسف بن عيد، الباحث في الأمن الفكري، على فتوى الدكتورعبدالله بن محمد المطلق بإجازة إمامة المرأة لزوجها في صلاة التطوع في المنزل.

شاهد.. الدكتور "الحدادي" يرصد خطورة العلمانية على الإسلام والمسلمين وسبل الوقاية

رصد الشيخ الدكتور علي بن يحيى الحدادي، مخاطر العلمانية على الإسلام والمسلمين، مستعرضًا أهم السبل التي يمكن اتخاذها لمواجهتها ومنع انتشارها

ننشر أجوبة الإمام "ابن باز" على أسئلة حكم الصلح مع اليهود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه أجوبة على أسئلة تتعلق بما أفتينا به من جواز الصلح مع اليهود وغيرهم من الكفرة صلحا مؤقتا أو مطلقا

الشيخ "العتيبي" يوضح مفهوم "السلفية الحقة" المتمثلة في التمسك بالكتاب والسنة

أوضح الشيخ وجب بن علي العتيبي، المستشار بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، مفهوم السلفية الحقة المتمثلة في التمسك بالكتاب والسنة.

تعليقات


آخر الأخبار