خرم الأحزاب والولاية العامة.. دراسة تكشف خطر الحزبية على العقيدة والتنمية
إعداد – الباحث الشرعي عبدالله بن محمد الشبانات
إنّ الكشف عن كُنْهِ الشيئ وطبيعته يفسر سلوكه وتطلعاته، ولا يمكن أن تكشف عن هذا الكُنْهِ إلّا بالنظر إلى الإتجاه الذي انطلق فيه والعقيدة التي ارتكز عليها، وهذا الشيئ واضح في عموم الكينونات.
فمثلا يعد مفهوم الحزب السياسي من المفاهيم الواضحة والجليّة والتي من اسمها تعرفها وتدرك معناها؛ فضلاً عن إطلاعك على تعريفاتها ومراقبة سلوكها عيانًا أمامك، فالتحزب في الأصل هو التبعّض والتجزؤ على أرضية كينونة المجتمع وخصوصًا المجتمع السياسي وهذه حالة مخالفة لمقاصد الشريعة والعقول السليمة.
وذلك أنّ كينونة المجتمع مبنية على الاجتماع بداهة وعقلا والاجتماع والمجتمع من المفاهيم البشرية الواضحة فإذا اتيت بالمفهوم الحزبي وهو على الحقيقة التجزؤ وخصوصًا بمعناه السياسي واضفته الى فعاليات المجتمع ونشاطاته خصوصًا السياسي منها فانك تضيف مكوناً نشازًا مضادًا لمفهوم المجتمع يخرج به من معناه الحقيقي وهو التجمع الى معناه المضاد له وهو التفرق لأن التحزب يخالف التجمّع والتوحّد والذي هو بمعنى الاجتماع والوحدة، وامتدادا وتأصيلاً على ماسبق نجد أنّ مبدأ وأساس الديمقراطية قائم على المنازعة التنافسية على السلطة بين الأحزاب والكتل والتيارات والمنازعة مبدأ ترفضه الشريعة قال الله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) أي قوتكم وهنا تضعف وتتوقف التنمية بل تنهار بينما تستمر الديمقراطيات وتقرّ بشكل نظري وعملي هذا المبدأ المتخلف ألا وهو مبدأ المنازعة والتنافس على السلطة ظنا منها انها تعطي مجالا للمساواة وهذه مساواة في غير محلها واذا اتت المساواة في غير محلها انقلب ظلما ومصادرة لحقوق الآخرين فليس كل مساواة تكون حق و عدل.
إذًا فلا مبدأ التنافس ولا مبدأ التنازع أقرّه الإسلام في الوصول إلى السلطة قال صلى الله عليه وسلم ( إنّا لا نعطي هذا الأمر أحد سأله) أي الإمارة وقال صلى الله عليه وسلم عن الإمارة (إنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة)؛ فلذلك نجد انه من حيث الأصل الشرعي لا يُلزِمك بالأمارة أحد إلّا ولي الأمر وليس بطلب منك.
وعندما ننظر في الأمر نجد أنّ هذين المبدأين التنافس والتنازع هما أساس تحرك الديمقراطية في أحزابها وانتخاباتها ومظاهراتها.
وهذه الثلاث من أهم ايقونات الديمقراطية، فيتبين لك هنا مناقضة الديمقراطية لأُسس الإسلام وأصوله وليس مضادته ومعارضة فقط ويتبين لك كذلك موافقة الديمقراطية لمذهب الخوارج القائم على المنازعة والتنافس ومذهب التصوف في تعدد الولاءات والبيعات .
ولقد حاول المذهب الفردي اضعاف مكونات السلطة وأهمها أهل الشوكة والإمام وذلك لإضعاف المجتمع فقام بتقطيع اوصال السلطة فأحدث للناس الفكر الديمقراطي بحجة أنّ الوصول إلى العدل والمساواة لن يتم إلّا ببعثرة أجزاء السلطة و تنحية أهل الشوكة و أهل الحل والعقد عن دورهم، كما شكل المذهب الفردي للناس من قبل عبادة الأصنام بحجة الاقتراب من الذات الإلهية…
لذلك لا يمكن لعقلية كعقلية الحزب والذي هو من أكبر أيقونات الديمقراطية أن ترتقي إلى مفهوم الدولة بمعناها الحقيقي وتستوعبه والمتمثل في الوحدة والإجتماع والتنمية لأن الحزب لا يمثل الدولة بل يمثل تحزبه ووجوده الفعلي والقانوني ومصالح التحزب وتحقيق رؤية التحزب والتي لايمكن إن صبت إلا أن تصب في مصلحة الحزب أولا ثم مصلحة الدولة ظاهريًا فيما يُثَبِّتُ مركز الحزب وقدمية في وحل الديمقراطية، هذا إن أحسنا الظن وإلّا فان الأصل في الأحزاب أنّها تتنازع وتتصارع فيما بينها وتعد هذا جزء من طبيعتها ومن مصلحتها مما يعود بالسلب على التنمية التي هي صيد الدولة وهدفها.
والمستعرض لتعريفات الحزب يجد أنّها تدور حول الوصول للسلطة لتحقيق ما يمليه عليها اتجاهها الفكري، وهذا اتهام لكينونة الدولة بأنّها لاتملك أهداف ولا اتجاه ولا رؤية ومصادرة لوجود الدوله المعنوي الذي ينبع من الأساس الذي قامت عليه وتفريغه منها و إبقاء لوجودها الشكلي ليملئ برؤى الحزب الحاكم وتطلعاته وهذا إسفاف من الفكر الديمقراطي بمفهوم الدولة أيما إسفاف لأنّ الحزب لايعيش فكرة الدوله بل يعيش فكرة الحزب و التحزب فهو بهذا ضد فكرة الدولة أساسًا.
فالدولة بوضعها السوي تمثل المجتمع بوجهه السياسي و هي تنبع من وجود المجتمع لامن وجود الأحزاب التي هي في معناها ضد بل نقيض لمعنى المجتمع فالحزب يمثل نفسه فقط، فالدولة في الفكر الديمقراطي غائبة غياباً حقيقياً وحاضرة حضوراً شكلياً فقط، فعلى هذا ينافي الحزب هنا و بمعناه الديمقراطي تماما وجود الدولة بمعناه السوي الإجتماعي فينافي بذلك.
عقيدة أهل السنة والجماعة في البيعة و الولاية العامة واتجاه الطاعة لمن تكون فكينونة الحزب خليط بين عقيدة الخوارج وعقيدة التصوف فعقيدة الخوارج في الولاية على الحقيقة لا تنصرف لولي الأمر الحاكم بل لرئيس الفرقة الخارجة وهي هنا في الديمقراطية تنصرف لرئيس.
الحزب وعقيدة الصوفية في الحقيقة تجعل اتجاه البيعة لأكثر من شخص فهي لشيخ الطريقة ولرئيس البلاد فالفكر الصوفي لا يمنع تعدد البيعات في حالة اقتضت مصلحة الطريقة الصوفية ذلك فالحزبية بهذا وغيره خارجة عن عقيدة اهل السنة والجماعة في الولاية جزما.
وقد تبنت جماعة تنظيم الإخوان هذه العقيدة الحزبية واستبدلت نظام السياسة في الإسلام واشترت بدل منه نقيضه ومضاده ألا وهو نظام السياسة الديمقراطي الخرافي، وذلك لتحقق أهدافها و لأنّها تحمل في طيات فكرها عقيدة الخوارج التي لا تلتزم بالبيعة وتنقضها عند أدنى خلاف تراه مع ولي الأمر وكذلك تحمل في طياتها فكرة أهل التصوف في تعدد البيعات بين رئيس الدولة ورئيس الحزب والمرشد.
إذًا فالعقيدة السلفية ترفض كينونة الحزب وخصوصا الحزب بمعناه السياسي لأنه يخالف الفطرة الاجتماعية السوية، ونجد هذا قد تجلى في عصرنا؛ عندما نستعرض الحوار الذي جرى بين الملك السلفي الملك عبدالعزيز رحمه الله وبين حسن البنا الصوفي الحزبي والذي يرويه الامير فهد بن محمد قائلا(سمعت عن مقابلة الملك عبد العزيز لحسن البنا رئيس جماعة الإخوان المسلمين، وعرض البنا على الملك عبد العزيز فتح مكتب لـ(الإخوان) في المملكة ،ووافق الملك عبد العزيز، وقال له (ما يخالف لكن من ستعينون في هذا المكتب؟)، واقترح حسن البنا اثنين من جماعة الإخوان، ورد عليه الملك عبد العزيز وقال: (نسيتوا واحد؟)، وقال حسن البنا (من هو؟)، فرد عليه الملك عبد العزيز (أنا.. أجل حِنّا (منّا) مسلمين؟ كلنا إخوان مسلمين) جريدة الجزيرة السعودية. العدد رقم 14969 الأحد 16 ذي القعدة 1434
من هذه المحاورة نجد أنّ الفكر الديمقراطي الحزبي ويمثله هنا الإخواني حسن الصوفي قد اصطدم هنا بالعقيدة السلفية التي ترفض الكينونة الحزبية داخل الجماعة وقد نبه الملك عبدالعزيز حسن البنا إلى هذا الأصل السُنّي العظيم وهي أنّ الجماعة هي الأساس الأوّل للتنمية والوسيلة الكبرى و الأهم للحفاظ على الضروريات الخمس فبين الملك عبدالعزيز لحسن البنا بطريقة بسيطة ذكية أنّ التحزب والديمقراطية تحمل متناقضات داخلها و أنّ هناك تعارض وتناقض سلطوي في الأيقونات الديمقراطية خصوصا في علاقة الحزب مع السلطة أيّا كانت وهذا التعارض السلطوي يؤدي حتما إلى التنازع التنافسي على السلطة فقال له الملك (نسيتوا واحد) أي أنّ الديمقراطية لا تأبه للسلطة الحقيقة وهذه من خصال الخوارج ولو أبهت الديمقراطية بالسلطة فلن تعطيها قدرها الحقيقي بل ستزاحمها وهذا يناقض أصول العقيدة السلفية في الحكم.
ولكن حسن البنا لم يتنبه ولم يتعض من هذا الموقف مع هذا الإمام الجهبذ من أنّ السلطة وتكوين حزب وجماعة من بين جماعة المسلمين ليست هي المطلب بل الحفاظ على جماعة المسلمين هو المطلب الأساس والديمقراطية تعارض هذا.
وكما أسلفنا فقد جعلت الديمقراطية طلب السلطة والمنافسة التنازعية هي الأساس للعملية الديمقراطية وهذا مخالف لأصول وقواعد الشريعة؛ لتأتي الديمقراطية بثالثة الأثافي فتجعل هذا المطلب أي طلب السلطة والإمامة من حق أيّ فرد في المجتمع سواء رجل أو أُنثى مسلم أو غير مسلم وصادرت بذلك حق أهل الشوكة في نصب الإمام وضربت أُسس المجتمع الديني والثقافي.
فأدى ذلك إلى اختلال في توازن المجتمع وذلك لإتخلاط المهام والوظائف كما صادرت الديمقراطية مقام ولاية الأمر والولاية الكبرى وفرقتها بين الأحزاب و التيارات فضيعت ركن الإمامة وهيبتها ومن أمثلة ذلك لجوء الفكر الديمقراطي للسيطرت على الامر -بعد ان فرّق مفهوم السلطة وقطعه عمليا وعلميا الى إحداث مهام لسلطات اصغر من الولاية العامة ليضبط ما أحدثه من خلل كتوسيع سلطة النيابة العامة والتي في اصلها تتجه لأهل الجرائم من عامة الناس فجعلها تتعامل مع الكينونة الحزبية سواء وصلت الى السلطة ام لم تصل فأنزل قانونيا مقام الإمامة مقام العامة وهذا فيه إضعاف للمجتمع راجع الى اضعاف مقام الولاية العامة ولو لم يفعل ذلك ايضا لواجه فوضى فهو كالغراب الذي ضيع مشيته ولم يضبط مشية الطاووس.
وخلاصة الأمر هذا هو مقصد الاتجاه الفردي؛ فكما أنّ الانتخابات إتجهت لتضعف مكونا هاما في المجتمع ألا وهو مكون أهل الشوكة فقد اتجهت الديمقراطية بالفكر الحزبي السياسي إلى مفهوم السلطة ورأسها ومقام الولاية العامة واضعفته وصادرت طبيعته وكثيرا من خصائصه، ونعود ونقول هذه هي اهم اهداف الاتجاه الفردي على مر العصور وهو اضعاف المتجمع وتفكيكه ليسهل عليه وضع العقائد الباطلة وتمريرها.
فمن المضحك المبكي عندما ترى العلاقة بين رئيس الدولة المنتخب والحزب الحاكم الذي خرج منه هذا الرئيس تتوتر في غالب الاحيان وذلك راجع الى طبيعة ومكانة من صار حاكما وبين الفكر الديمقراطي فإذا صار رئيس الدولة هو نفسه رئيس الحزب فهذا مخل بالأُسس الديمقراطية جزما واذا لم يكن رئس الدولة هو رئيس الحزب الحاكم صار رئيس الدولة محكوما من الحزب وهذا ينافي الحالة السويّة، وإذا استقل الرئيس عنهم صار غير ملزم برؤية الحزب الذي أوصله الى سدة الحكم فيحق لحزبه وللأحزاب الأخرى منازعته بأي شكل تتطلبه الحالة في لحظتها اما بمظاهرات او عن طريق المحكمة الدستورية… الخ
إذًا فالجريان الطبيعي للطاعة بين ولي الأمر وبين الرعية قد اختل واضطرب لتدخل عنصر ثالث ألا وهو الحزب الحاكم الذي أوصل هذا الحاكم للسلطة وكل هذا على الحقيقة والمعطيات الواقعية بصرف النظر عن الواقع التآمري.
إننا في هذا المعترك نجد أنّ الفكر الديمقراطي قد مسخ مقام الولاية العامة وجعله غير مستقر ومزقه بهذا التجاذب بين الحزب الحاكم أو الإتلاف ورئيس الدولة وهذه معضلة واقعية في الديمقراطية فيتبين لك هنا مدى اهتراء الفكر الديمقراطي وضياعه وتخبطه لأنّك لا تستطيع أن تضبط العلاقة بين المكونات الاجتماعية الطبيعة وسلوكها الفطري الاجتماعي وبين المعطيات الديمقراطية وسلوكها الفردي الاستقلالي.
وهنا تقع الإشكالية التي يحملها المذهب الفردي دائما هو وأبنائه وبناته وإن اختلفت مسمياتهم عبر مر العصور فالكُنه واحد و الحقيقة ثابتة و إن تغيرت الأسماء، فجميع ايقونات وركائز الديمقراطية عملية كانت أو علمية تنطلق وتطل هي وفكر الخوارج من كوة و احدة، وأهمها وبدون ترتيب الثورات والمظاهرات والأحزاب والانتخابات فنجد (الفتن) وابنتها الكبيرة في عصرنا الثورات وكذلك ابنتها الصغيرة المظاهرات، ونجد (تفريق الجماعة) وابنه في عصرنا هو الحزب، ونجد (منازعة الأمر أهله) وابنتها في عصرنا الانتخابات، ونجد (الخارجي) وأحد أهم أبنائه في عصرنا هو الديمقراطي الحزبي ليبراليًا كان أو إخوانيًا.
ولقد أشرت في مقال سابق عن عيوب المذهب الفردي أنّه من أوّل خطوة عملية له يحتاج إلى غيره والمشكلة انك تجد غيره هذا مناقض لذات المذهب الفردي في أصول و مراحل عده، فصفة التناقض والتضاد موجودة في أصول المذهب الفردي بكل منتجاته من ليبرالية وديمقراطية ورأس مالية وعلمانية.
وعلى صعيد علاقة الأحزاب الأخرى بالحزب الحاكم يتبين لك أنّ المنازعة لولي الأمر أساس من أُسس الديمقراطية فعند فوز الحزب الحاكم يبدأ المجتمع مرحلة جديدة من دوامة المنازعة التي تشغل الرأي العام عن ما ينفعه بالطعن في صحة نتائج الإنتخابات و حكم الحزب الحاكم وتدخل الشعب (الرعية) وهم مادة التنمية وتشغلهم في لغط وقيل وقال عن التنمية (الإعمار).
وهذا شيئ مؤكد بل يتعدى إلى الدخول في كثير من الأحيان إلى فتن تهلك الحرث والنسل وتضيع المكتسبات الثقافية والمادية وتُؤخر الأمة والمجتمع؛ فيصير المجتمع منشغلا إمّا بفترة بالانتخابات وخدمة الأحزاب و المرشحين والتيارات أو منشغلا بما بعد الانتخابات من الطعن في نتائجها وتصيد الأخطاء على الحزب الحاكم أو الدفاع عنه فهل يظن عاقل أو من يملك ذرة من عقل أنّ وضع المجتمع بهذه الطريقة سيكون سويّا !!؟؟ أبدا لن يكون سويّا .
لقد أخرجت الديمقراطية بخرافاتها المجتمع من السلوك السوي إلى سلوك نشاز ممسوخ مخالف لفطرته التي فطره الله عليها وهي وظيفة عمارة الأرض قال تعالى: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ )، فكل مراحل الديمقراطية تُناقض عملية ووظيفة الإعمار في الأرض قطعًا، فانظروا ماذا جنت الديمقراطية على البشر بخرافاتها وأوهامها وذلك بمكوناتها الممسوخة وأوّلها الأحزاب والانتخابات.
كذلك من طوام الفكر الديمقراطي وتحركه بالعقلية الحزبية نجد أنّ الحزب الحاكم أو الرئيس المنتخب يعاني من عدة معضلات في تعاملة مع مركزه القانوي بسبب العقلية الحزبية التي تشكل أساسا من أُسس الديمقراطية كالتشكيل الوزاري للحكومة التنفيذية خصوصا اذا كانت الحكومة إئتلافية ونقول هذه معضلة تضاف الى المعضلات السابقة التي تسببها العقلية الحزبية في الديمقراطية.
وما لبنان في أزمة تشكيل حكومته عنا ببعيد وتكرار ذلك والأمثلة كثيرة من دول العالم عموما فها هو رئيس الدولة بحزبه الحاكم يقف مشلولاً في مركزه القانوني وأحسن أحواله المشي ببطء وعجز ولا يعرف كيف يتعامل مع مهمته بسبب هذا الدين الديمقراطي الذي حدى بكثير من الدول الى محاولة الهروب من النموذج الديمقراطي ومحاولة الاقتراب من النموذج الاعتيادي لكن بأبجديات ديمقراطية وبطرق ملتوية سببت اشكالايات ومعضلات فكرية وقانونية اخرى ابعدتهم اكثر واكثر عن النموذج الاعتيادي وهو النموذج الذي يرتكز على اهل الشوكة بأُسس من الدين والثقافة المتشكلة من الدين والحالة المحلية والرصيد التاريخي، فكونوا بذلك مسخا فرنكشتانيا آخر يسمونه ديمقراطي لكنه غير مسخ الديمقراطية الحقيقي فرفضه اساطين الفكر الديمقراطي فانطلق بعض هؤلاء الفرانكشتانين محالولين ربطه بالدين الاسلامي ليوجدوا له شرعية وأساسا ثقافيا وفلسفيا وعبثا حاولوا لأنهم بشرعنة هذا المسخ الجديد ألغوا أُصولا من الدين الإسلامي وحرفوا أُخرى متعلقة بالولاية العامة و أُصولها كإلزامية حكم الله للبشر؛ بل دخلوا في نواقض كثيرة للإسلام من جهة ونواقض للديمقراطية و مضادات لها من جهة أُخرى.
و ما تركيا الأردوغانية عنا ببعيد فهي خير مثال لذلك فقد سعى أردوغان وحزب العدالة والتنمية بعد تمكنهم من السلطة إلى إيجاد نموذج او طريقة تجمع بين النموذج الديمقراطي وطريقة إبقاء حزب العدالة على السلطة وعبثا يحاولون فهم الى النموذج الفرعوني (الأنا) أقرب منهم الى النموذج الديمقراطي الخرافي فنحن نجد فرعون مرة يستبد ويخالف أصول الحق لدرجة ادعاء الألوهية ومرة يظهر المشاورة الكاذبة لشعوره بالهزيمة النفسية أمام الحق وخوفه من أن يتبع الناس موسى عليه السلام فالنموذج التركي استغل غموض وتناقضات الفكر الديمقراطي ليثبت نفسه في السلطة كما استغل حكام أوروبا تناقضات الفكر الديمقراطي وتعاملوا معها بأسلوب ناعم مكيافلي وليس بأسلوب فرعوني تركي.
وأخيرًا رسالة الى الممسوخين أذكرهم بكلام للشيخ صالح آل الشيخ من أن الليبرالية والعلمانية عقيدة وأنّ الإسلام عقيدة فلا يمكن أن تضيف على الإسلام عقيدة أخرى.
مما سبق نخلص إلى عدة أُمور:
أولاً: أنّ العقيدة الحزبية من أهمّ ركائز الديمقراطية.
ثانيًا: أنّ التنافس التنازعي أساس للديمقراطية بينما الإسلام يرفضه جملة وتفصيلا وهذه من اهم المفارقات.
ثالثًا: أن الفكر الفردي قائم على التجزؤ والتبعّض بينما الفطرة تتجه إلى الاجتماع.
رابعًا: أن الفكر الفردي بعقيدته الديمقراطية ضرب التنمية بضربه مقام الإمامة وذلك بتفعيل عقيدة التحزب والتنافس كما ضرب من قبل مكون اهل الشوكة بالإنتخابات وادعاء أن الكل له حق الحكم.
خامسًا: ان الديمقراطية أحدثت في مقام الولاية شرخًا ونقصًا وتوترًا؛ فالشرخ تمثل في جعل الإمام تحت ولاء حزبه الذي أوصله للحكم ومحكوم برؤيته ومنشغل بتثبيت مكونات حزبه فصار جريان الطاعة بينه وبين رعيته محكوم بحزبه.
وأما النقص فلوجود نقص الولاية عنده فهو معرض لأن يوقف من النيابة وعن ممارسة ولايته، وأما التوتر فهو راجع إلى وجود عقيدة التنازع بين مقام الإمامة او الرئاسة سمه ما شئت وبين الأحزاب الأخرى من طعن في صحة ولايته وصولا إلى الطعن في قرارته.
سادسًا: أن بعض الأحزاب الحاكمة عند وصولها للسلطة حاولت الإلتفاف على الفكر الديمقراطي الممسوخ فأتت بمسخ آخر لا يقل تناقضا وتضادا عن الديمقراطية الأساسية كما في تركيا الأردوغانية وغيرها من الدول الأوروبية.
سابعًا: أن الجمع بين الإسلام والديمقراطية كالجمع بين نقيضين فالإسلام عقيدة والديمقراطية عقيدة أُخرى فلا يمكن أن تضيف إلى الإسلام عقيدة جديدة كما يحاول الإخوانيون وأشباههم من الليبراليين الكانطيين.أ.هـ
اقرأ المزيد
احتفاء كبير لقنوات وإعلام تنظيم الإخوان الإرهابي مع أول ظهور لحركة عزم، بالتزامن مع تقارير إخبارية أعدتها قناة الفتنة "الجزيرة القطرية"
تكلمت في مقالات سابقة عن أساليب هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في استخدام القوة الناعمة
كشف الشيخ نايف العساكر، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، عن أخطر أساليب تنظيم الإخوان الإرهابي في تمرير مخططاتهم
جلسَ الحمارُ حزيناً منكساً بالذلِّ ويكأنَّـه يعاتبُ نفسه عَلَى أمرٍ ما، وكانَ قريباً من أحد الأنهارِ، فاقْـتربَ من شاطئ النَّهْـرِ
حذر الشيخ عبدالمحسن باقيس، الداعية البارز، من الأساليب التي تنتهجها التنظيمات الخارجية وعلى رأسها تنظيم "الإخوان" الإرهابي لتجنيد الشباب في رمضان.
إنّ احتضان قطر لمجموعة الإتجاه الإخواني وخصوصًا الاتجاه القطبي السروري الثوري يدل على أنّها تعيش في حالة ضياع وطني ودولي ناتج عن ضياع الهوية