بيان حكم الخلافة العامة
بقلم - عبد الصمد بن أحمد السلمي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإن بعض الجهلة ردّا على الإخوان المسلمين قد ينكر مشروعية الخلافة العامة، وهذا من مقابلة البدعة بالبدعة، والخطأ بالخطأ.
والخلافة العامة لجميع المسلمين هذه واجبة، لكن بشروط:
- أنها من صلاحيات ولاة الأمر؛ فهم الذين يجتمعون فيما بينهم ويقررون الاجتماع تحت خليفة واحد.
ومن شروطها:
- القدرة، وتنفيذ الواجبات الشرعية يكون بالقدرة { فاتقوا الله ما استطعتم }، فمتى استطاعت أي دولة الاجتماع مع دولة أخرى؛ كالجزائر وتونس مثلا تحت راية حاكم واحد وجبت؛ لأن في الاجتماع قوة، وهو ما أمر الله به من الاتحاد والاجتماع.
ومن شروطها:
- أن لا يؤدي الاجتماع إلى مفسدة؛ فلو رفضت الجزائر مثلا الانضمام إلى تونس في إطار حاكم واحد، وكان ينشأ عن هذا تقاتل الدولتين لم يجز.
وهذا بخلاف المقاطعة تنفصل عن الدولة الأم فإن على ولي الأمر مقاومتها ولو بقتالها، ما لم يكن في القتال مفسدة أكبر من مصلحة القتال.
وأول من عليه أن يدعو الدول الإسلامية إلى الاجتماع تحت راية واحدة هم العلماء؛ فهم ينصحون لولاة أمور المسلمين بضرورة الاجتماع تحت راية واحدة حتى يعود لهم عزهم ومكانتهم، والعامة يعاونون ولاة أمورهم على ذلك.
وأما الفروق بين خلافة أهل السنة وخلافة الإخوان فهي كالتالي:
- خلافة الإخوان تكون بالجماهير = الديمقراطية = حكم الشعب؛ فهم يجهزون الشعوب للانقضاض في كل دولة على حكامها؛ فإذا نجحوا اجتمعوا تحت راية المرشد.
وعند السلفيين تكون بولاة الأمر والعامة يساعدونهم.
- الخلافة عند السلفيين مقيدة بالاستطاعة؛ فإذا رفض ولاة الأمر الاجتماع تحت راية خليفة واحد، فليس للمرء أن يخالف الشرع فيخرج عليهم وينازعهم، بل يناصحهم.
وعند الإخوان: العمل ليل نهار بالمكر والتلون وبمخالفة الشرع؛ فعندهم هي أمر قدري تصنعه بيديك = الجماهير.
- الخلافة عند السلفيين لا تلغي شرعية الحكومات الإسلامية القائمة ووجوب السمع والطاعة لها في المعروف؛ بل تدين الله بالدفاع عن دولها المسلمة ولا تسمح للعابثين بالمساس بها.
وعند الإخونجية كل حكومة غير إخونجية فجزاؤها المكر والخيانة والتعاون مع الغرب ضدّها.
- الخلافة عند السلفيين لا تلغي شرعية الواجبات الشرعية، وأن نعطل الشريعة حتى نحكم، وأن صلاة الجمعة والجماعة تسقط، وأن المساجد معابد جاهلية، وابدأ بنفسك فانهها.
وعند الإخوان: ابدأ بالحكام فانههم عن الجلوس على الكرسي ولو كانت الرقاصة ( بتؤدي دور مميز ).
- الخلافة العامة لا علاقة لها باستقامة الرعية وراعيها على السنة كما يصوره بعض المتأثرين بالإخونج إن إقامة الخلافة معركة مثل أحد من خالف انهزم ولم يصل للكرسي.
الاستقامة هي أصالة لله والدار الآخرة ولا تعلق بشيء من عاجل الدنيا إن ناله واصل استقامته وإلا انتكس.
- الخلافة عند السلفيين تقوم بالتناصح والتواصي بالحق بين الراعي والرعية، وكل مسلم يساهم بما آتاه الله لاجتماع المسلمين وفق الشرع.
أما عند الإخونجية فتقوم على الانتظار والتربص وإعداد القادة والدورات الوثنية، والغش والخداع لولاة الأمر .
والخلاصة: بما أن إقامة الخلافة من الواجبات الشرعية التي يختص بها ولاة الأمر والعامة يعاونونهم؛ فإن قاعدة التعامل بين ولي الأمر والعامة هو التعاون والتناصر لإقامة الحق، وليس التباغض والتعادي والتربص به لإزاحته والجلوس مكانه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وكل بني آدم لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتعاون والتناصر، فالتعاون والتناصر على جلب منافعهم، والتناصر لدفع مضارهم ، ولهذا يقال : الإنسان مدني بطبعه ، فإذا اجتمعوا فلا بد لهم من أمور يفعلونها يجتلبون بها المصلحة، وأمور يجتنبونها لما فيها من المفسدة، ويكونون مطيعين للآمر بتلك المقاصد والناهي عن تلك المفاسد، فجميع بني آدم لا بد لهم من طائفةِ آمر وناهٍ، فمن لم يكن من أهل الكتب الإلهية ولا من أهل دين فإنهم يطيعون ملوكهم فيما يرون أنه يعود بمصالح دنياهم ، مصيبين تارة ومخطئين تارة» مجموع الفتاوى ( 28/ 39 ).
استفدت معظم هاته التقريرات من كلام للشيخ الدكتور محمد بن عمر بازمول وزدت عليه.
اقرأ المزيد
يُعرف المرء بطرحه نتيجة ما يمليه عليه اتجاهه، سواء كان التأثير قادمًا من لب اتجاهه أو من جهة ما يخدم اتجاهه من الخوادم الفكرية والسلوكية
سألني أحد الأفاضل: يا شيخ محمد ..نريد حلا صريحا أمام هذه الأحداث يُخرج بعض السلفيين من الحيرة أمام هذا التهييج الإعلامي الإخواني!!
لا يفتأ دعاة التغريب يحاولون النَّيل من ثوابت الدِّّين وقيم المجتمعات والدُّول المسلمة؛ ويمَنُّون أنفسهم بأن يروها وقد استبدلت الأدنى بالذي هو خير
لا شكَّ أنّ لكلِ مصطلح مدلوله وتجد هذا واضحاً وحقيقياً في الاتجاهات المتناقضة والمتعاكسة كالفرق بين التوحيد والشرك.
الحمدلله.. الأصل في الحركات الباطنية أنّها كالحيّة تغير جلدها حسب الظروف المحيطة بها وإن تغيرت وتباينت عن قريناتها وشقيقتها اللاتي هنّ من نفس جنسها
فهذه كتابة يسيرة حول شخصية غريبة تكلم عليها جمع من أهل العلم على اختلاف مذاهبهم العقدية والفقهية