أهل الشوكة وخرم الانتخابات
إعداد - عبدالله بن محمد الشبانات
من فطرة الله أنّ المجتمع البشري يتكون من عدة أجزاء وأعضاء وذلك لتحقيق سنة التكامل؛ فلو كان عبارة عن جزء واحد لما تحققت الغايات المرادة من خلقه مثله مثل بدن الإنسان فالبدن يتكون من عدة أعضاء قال صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى"، أخرجه البخاري ومسلم.وعلى هذا التأسيس فإن المجتمع يتكون من عدة أعضاء تناسب طبيعته وفطرته التي فطره الله عليها ولكل عضو أو كينونة فيه مهمة مناطة به واختصاص لا استئثار عن الآخرين بحق لهم؛ فالأسرة مغايره للفرد في المهمة والاختصاص والطبيعة، والقبيلة أو الأسرة الكبيرة بتجمعها مغايرة للأسرة المفردة في طبيعتها ووظيفتها واختصاصها، وكذلك أهل الشوكة أو السراة فإن تكوينهم يكون مغاير لتكوين عامة الناس من حيث الشكل والوظيفة والاختصاص، ومقام ولي الأمر مغاير في تكوينه واختصاصه ووظيفته عن أهل الشوكة وعامة الناس الذين بمجموعهم يشكلون الرعيّة في مقابل صاحب البيعة (ولي الأمر).
فعندما نأتي لأهل الشوكة وننازعهم في اختصاص من اختصاصاتهم ووظيفة من وظائفهم الطبيعية ومنها نصب الإمام عمليا ومبايعته على الحقيقة ليبايعه عامة الناس بعد ذلك إمّا حمكا أو حقيقة فإننا نُعرّض المجتمع لما يسمى بالخلل الوظيفي أو التعطيل الوظيفي وهو أكبر سبب يعيق التنمية بلا منازع بل ومن أسباب إثارة الفتنة.
أنّ أهل الشوكة أو أهل الحل والعقد تكوين اجتماعي أصيل تم تشكله من حيث الأصل تشكلاً طبيعيا من داخل المجتمع بناءً على أساس هذا المجتمع والقيم العليا فيه وليس وليد الساعة أو نتيجة اقتراع إجرائي وبعبارة أُخرى أدبية أنّه تكوين اجتماعي تم انتخابه انتخابا طبيعيا من كافة مكونات المجتمع بناء على أساسين علمي وعملي، فالعلمي هو أساس المجتمع وقيمه العليا والعملي هو نتيجة تحرك وأحداث مادية مر بها المجتمع تشكل من هذين الأساسين أهل الشوكة الذين هم أهل الحل والعقد.
وبما أنّ كل ولي أمر لدولة ما يكون تسنمه لرئاسة الدولة مترجم لأساسها التي قامت عليه ولا يقوم هذا قياما عمليا إلّا عن طريق أهل الحل والعقد الذين هم أهل الشوكة وكما عرّف ابن تيمية ماهيتهم في منهاج السنة بأنّ "الإمامة تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماماً حتى يوافقه أهل الشوكة الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة".
فإذا كانت لهم هذه المهمة العظيمة والحساسة فإن منازعتهم في هذه المهمه المتعلقة بسلامة المجتمع وعدم انفراط عقده هو تهديد للمجتمع بالزوال والاضمحلال شيئا فشيئا وبالتالي ضرب لخلافة البشر على الأرض كذلك لن يتم أخذ هذه الوظيفة منهم بسهولة فسنة الدفاع و التدافع حاضرة هنا فإن أهل الشوكة سيحاولون إيقاف أيّ طريقة أو وسيلة تصادر منهم هذه الوظيفة وإن لم يستطيعوا إيقاف هذه الوسيلة أو الطريقة فباختراقها ليؤدوا وظيفتهم مهما كان الثمن ولكن بين هذا وذاك لن يكون تأدية الوظيفة هنا كما لو كان تأديتها بدون نزاع فإن تأديتها مع وجود النزاع سيضعف أداء أهل الشوكة ويعرقله ويشوهه، وحدوث هذه الحالة هي من أهداف الاتجاه الليبرالي الفردي بوجهه الديمقراطي وآلياته النابعة من ثقافته ومن أهمها الأحزاب والانتخابات أو ما يسمى بالعملية الديمقراطية.
ونأخذ هنا من هذه الآليات في هذا المقال الانتخابات وهي هنا إجراء عملي متوجه لعامة الناس لا يحمل الثقة في ذاته ينبع منه قرار بنتصيب الإمام وكونه لا يحمل الثقة في ذاته فلجواز الطعن في مراحله أو نتيجته بالتزوير أو عدم كفائة العملية الانتخابية، ولعدم وجود هذه الثقه والضمانة الذاتية في هذا الإجراء تضمن أن النتيجة حقيقة، فعليه تكون الانتخابات ذات طبيعة هشة رخوة غير موثوقة النتائج وهي ايضا لا تحمل ضمانة تقريرية آنية في نفسها بل تمر بمراحل عملية ليتم استخلاص القرار وهذه المراحل يدخلها الغش او التلف او عدم المهنية الصحيحة او التعذر… إلخ وغيرها وهنا يتضح لنا مدى هشاشة ورخاوة هذه الآلية التي تعوّل عليها الديمقراطية الشيئ الكثير وتتباهى بها بل هي رمزها.
إذًا الانتخابات في حقيقتها آلية ديمقراطية وضعت لمنازعة اهل الاختصاص الطبيعي اختصاصهم ووظيفتهم وهم هنا اهل الشوكة لان وجودهم الحتمي و بشكل طبيعي في تكوين المجتمعات امر يعارض الفلسفة الفردية الليبرالية ويحطمها.
إنّ الانتخابات في احسن احوالها لا تصلح نتائجها إلّا للاستئناس والإستطلاع لا للتقرير والاستظهار والاستخلاص اليقيني ليتكون القرار فيما بعد فضلا عن أن تكون هي ذاتها مقررة مكونة للقرار.
إذًا فالانتخابات لا تصلح لأن تكون متوجهة لاختيار رئيس الدولة لأن مكانة رئيس الدولة مرتبطة بأهل الشوكة وهذا مما فطر الله عليه المجتمعات في أنّ لكل مجتمع رأس و أهل شوكة لا يتم لهذا الرأس أمره إلّا بأهل الشوكة إنّ من المقرر شرعا وعقلا هناك مغايرة بين مُكوّنات المجتمع فهناك مغايرة بين العامة و أهل الشوكة فلو كان هناك تطابق بين العامة وأهل الشوكة وأنّ العامة هم أهل الشوكة و أنّ أهل الشوكة هم عامة الناس لما صار هناك إمام قط فاعتماد الإنتخابات لاختيار الحاكم هو في الحقيقة إبعاد وتنحية قسرية لمؤسسة اجتماعية طبيعية صلبة ليحل مكانها إجراء رخو هش أساسه العامة ظاهريا وعمليا وباطنيا أساسه القوى المعادية لأهل الشوكة وذلك أنّ هذه القوى تُنازع أهل الشوكة هذا الاختصاص للإختلاف الديني والثقافي والقيمي بينهم وبين أهل الشوكة وعامة الناس وإمامهم.
وهنا نرجع إلى زمن عمر رضي الله عنه عندما منع كبار الصحابة رضي الله عنهم و أهل بدر أن يغادروا المدينة لأنّهم أهل الشوكة؛ ولكنهم في عهد عثمان رضي الله عنه مات منهم أناس وغادر المدينة جزء كبير منهم فلم يمنعهم عثمان رضي الله عنه من الذهاب فضعف أهل الشوكة حول عثمان عندها تمكن التيار المعارض لأهل الشوكة والمخالف لهم ولعامة الناس في الدين والقيم والثقافة وهم ابن سباء ومن معه من إحداث الفتنة فطعن هذا التيار في أحقيّة عثمان بالخلافة.
ومُخَادَعَةً من هذا التيّار قام بالمناداة بالخلافة لعلي رضي الله عنه ثم خرجوا عليه بعد ذلك، لذلك لما تولى علي رضي الله عنه الخلافة جعل حاضرة الإسلام الكوفة حتى يبعد هؤلاء الغوغاء عن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يتلفوا البقية الباقية من كبار الصحابة وهم أيضا جاز لهم ان تكون الحاضرة من جهة ديارهم ليفرضوا ما يريدون على علي رضي الله عنه من قرارات لكونهم في هذه المرحلة يُصارعون اجتماعيا وثقافيا لأخذ مكانة أهل الشوكة و تقمّص دورهم لكن حيدرة رضي الله عنه كان فطن لذلك فلم يسلمهم الأمر فدارت الدائرة عليهم بعد خروجهم عليه والحمدلله.
إذًا فالمذهب الفردي بحكم فلسفته قام بمخادعة_وهذا ديدنه لانه دخيل على اي مجتمع_ وهذه المخادعة هي أنّه إدّعى أنّ الإنتخابات لإختيار ولي الأمر حق لعامة الناس ويجب أن يمارسوها وذلك لينزع الإختصاص من أهل الشوكة، أو على الأقل ليُضْعِف سيطرتهم على اختصاصهم وليسهل عليه اختراق هذه الوظيفة والتأثير عليها، وذلك لأمرين:
الأوّل: سهولة التحكم بوظيفة أهل الشوكة إذا نزعت منهم و أوكلت للعامة أو على الأقل إذا أُضعف ارتباطها بأهل الشوكة.
الثاني: عجز العامة عن ممارسة هذه الوظيفة عندها تنفرج فرجة للمعارضة ذات الاتجاه الفردي الديمقراطي و الّتي تختلف وتغاير العامة و أهل الشوكة في أساسهم الذي قاموا عليه من دين وثقافة وقيم يستطعيون من خلال هذه الفرجة التحكم في تنصيب الإمام والتأثير على ذلك على أقلّ تقدير.
إذاً فالعامة ليس لهم شأن في هذه الوظيفة لأنّها لا توافق طبيعتهم ولكن المذهب الفردي الديمقراطي يضرب بيدهم وتتكلم بلسانهم وهو من وراء ذلك وهذا فعل المنافقين لذلك وجه النبي صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه في الحديث الصحيح بقوله: "يا عثمان إن الله تعالى مقمصك قميصا,فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه".
لماذا!.. لأنه ليس من وظيفة الناس(العامة) القيام بهذا الطلب أو هذا الإجراء ولم يقم به إلّا هؤلاء الذين يريدون منازعة أهل الشوكة ولا يريدون أن يخرجوا على حقيقتهم بل يلبسون ثوب العامة أو الشعب سمهم ما شئت ففعلهم فعل المنافقين.
إن الانتخابات لا تصلح أن تتوجه لإختيار ذوي السلطات التقديرية عموما و أوّل هذه السلطات الولاية العامة أو ما دونها كولاية القضاء أو الحسبة في الدولة لأنّه لا يمكن أن ينتخب الناس بهذه الإنتخابات الهشة من يقرر لهم الحقوق و يفصل بينهم وذلك أنّ المُنتخَب (بضم الميم وفتح الخاء) سيُجامل من انتخبوه دوناً عن الذين عارضوا انتخابه أو انتخبوا منافسه أو ربما كان هذا المنافس عدوّا له وكل هذا بناء على أنّ الدولة الديمقراطية دولة ذات تعددية حزبية فتنتقض هنا صحة الانتخاب سواء في الإمامة أو في القضاء أوالحسبة لوجود المآزة من جهة و المنافسة و المعادة من جهة أُخرى مع أنّه إذا صَحّت الإنتخابات في رئيس الدولة صحت على من دونه عقلا وهذا محال، لأنّه في الفلسفة الديمقراطية ليس للقضاء حضور بشكل أساسي.
وبما أنّ أهل الشوكة أتوا نتيجة انتخاب اجتماعي طبيعي تتوجه لهم إرادة المجتمع في أنّهم هم من ينصب الإمام أمّا الانتخابات الإجرائية (صناديق الاقتراع )فهي عملية ممسوخة هشة متفككة لو تمت من غير تدخل أهل الشوكة فيها على أقل تقدير فلن تصل الدولة إلى استقرار الحكم ابدا وذلك ان النظام الديمقراطي في جانبه العملي ينقض نفسه بنفسه فأيقونة الإنتخابات إجراءات ونتائج مخوّنة من قبل أيقونة الأحزاب وهذه الأخيرة أي أيقونة الأحزاب إذا فُعّلت واقعيًا كما هي فلسفيا فلن ترضى إلّا بإمام منها كل حزب على حده فلا يمكن أن يشكلوا أهل شوكة أبدا وذلك لافتراض اختلافهم أصلا وإلّا لما سُمّوا أحزاب وحسب الفلسفة الديمقراطية لا تتكون دولة سوية في نظر الديمقراطيين من حزب واحد بل لا بد من التعددية الحزبية.
فعقلا على هذا الأساس لن يستقر الأمر أبدا فيلجأ الديمقراطيون إلى التخلي عن مبدئهم الكبير وهو الحرية ويلجأون إلى مكونات ليست أصيلةً في فلسفتهم أبدا ألا وهي المحاكم الدستورية؛ فإنك لا تجد حضورا أساسيًا للمحكمة الدستورية في الفلسفة الديمقراطية (نظريا) وهي أيضًا مُخوّنة فإذا كانوا يُخونون الأيقونات والمكونات الأصيلة في فلسفتهم كالانتخابات والأحزاب فيما بينهم فكيف بالمكونات خارج فلسفتهم وحتى لو لجأوا إلى المحكمة فإنها لا تقضي بانتهاء الأمر ولا تقضي بإسكات المعارضين أبدا وهذا الضعف في المحاكم الدسترية واضح في الدول الديمقراطية بل ربما تتحول المعارضة إلى إجراءات عملية من الحزب المُعترض تخالف طرح الفلسفة الديمقراطية كالإتفاق مع بعض أركان الجيش إذا كان الجيش يمثل جزء من أهل الشوكة بعد ان أضعفتهم العملية الديمقراطية للإطاحة بالرئيس المُنتَخب أو بأيّ مؤامرة أُخرى، وهنا نجد الخلل الوظيفي حاضرًا واضحًا كالشمس في رابعة النهار.
فعلى هذا نجد الديمقراطيين وبسبب الخلل الوظيفي الذي احدثته العملية الديمقراطية يلجأون في كثير من الأحيان الى اهل الشوكة مرة اخرى بسبب ضعف من قام على العملية الديمقراطية عن ادارة دفة الحكم ويلجأون الى اهل الشوكة او البقية الباقية منهم اذا كانوا تجارا او عسكريين على وجه الخصوص بعد ان تم اختراقهم.
إننا في دولة مصر مثلا نجد أهل الشوكة هم أهل الجيش أوّلاً ثم علماء الأزهر ثم كبار التجار وهذا طبيعي ومتكرر في عدة بلدان غير مصر لذلك لا يستقر أمر مصر وهنا أضربه كمثال إلّا عن طريق أهل الشوكة وهم هنا الجيش فإنهم أهل الحل والعقد في مصر فللجيش مكانة عالية في نفوس أهل مصر تشكلت عبر مئات السنين من المماليك مرورا بمحمد علي باشا على الأخص و أبناؤه من بعده… إلخ.
إضافة لما سبق فإنّ اختيار أهل الشوكة بمجموعهم متحقق ولا تزوير فيه لأنّه مُخرج طبيعي نابع من فئة طبيعية في المجتمع لا تتم طاعة الإمام إلّا بطاعتهم كما وصفهم ابن تيمية رحمه الله بذلك.
أمّا الانتخابات فلضعفها واهترائها يدخل التزوير المباشر في صناديق الاقتراع بل إن نشوب حريق مثلا في مكتب الاقتراع وصناديقه قد يسبب فتنة بين الأحزاب و ينجرّ ذلك على عامة الناس، فكيف يتم اختيار مكون صلب وهو الإمام (رئيس الدولة) بإجراء هش او رخو مخترق لن تكون النتيجة فيه لصالح أحد أبدًا.
فعقلا وشرعا لا يقوم الصلب على أساس من الرخو والهش أبدًا؛ فينتج عن هذا الخلل الوظيفي اختيارات ليست صحيحة أبدًا فيكون كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم (كورك على ضلع) فالورك عضو ثقيل في الجسم لا يقوم ولا يستقيم على الضلع الذي هو عضو رقيق في الجسم مقارنة بالورك.
إنّ الديمقراطية في سيرها كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى فلا هي قدمت للعامة الحق المزعوم وجعلتهم أهل شوكة وهذا مستحيل ولا هي أبقت أهل الشوكة على طبيعتهم ونسيجهم الموحد بل عطلت أو أضعفت وظيفتهم الطبيعية وأوجدت كينونات محدثة كالأحزاب المتناحرة التي لايمكن أن تشكل أو تقوم بدور أهل الشوكة لانتفاء الأُسس الطبيعية عندهم والتي تقوم عليها فئة أهل الشوكة.
إنّ الانتخابات حيلة من المذهب الفردي لكسر طوق الجماعة المنتظمة الطبيعية فهي عدوه الأوّل، ومن أهم مواقع القوة فيه أهل الشوكة والإمام فأتوا بفلسفة ما يسمى ظلمًا وزرًا حق الانتخاب والاختيار للعامة، مع أنّ الحق لا يقرر إلّا إذا كان لصاحبه ارتباط مباشر وأصيل بمحل الحق وهذا لا يصدق إلّا على أهل الشوكة ومجتمعين أيضًا لا آحادهم مفترقين ولا يصدق على العامة هذا الأمر لأنّه ليس من مصلحتهم وذلك لأنّهم مادة التنمية والمستفيدون منها فإذا كان لهم حق في اختيار الإمام (رئيس الدولة) انتفى عنهم أن يكونوا مادة التنمية وصاروا أهل الشوكة، والتنمية إذا سحبت منها مادتها توقفت و إذا قلت مادتها تعثرت وضعفت وانهار المجتمع بعامته وأهل شوكته فكل جزء من المجتمع وكل طبقة لها دورها الذي خلقت من أجله فسبحان الله.
إن مقصود الاتجاه الفردي الأوّل والأخير من العملية الديمقراطية هو تفريق أهل الشوكة وإضعاف قوة حضورهم مجتمعين وجعلهم جماعات صغيرة و استغلالهم بل ربما وصل التقزم فيهم إلى أن يكونوا في بعض الحالات آحادا أي أفرادا كما يحدث في بعض الدول الأفريقية في أهل شوكتهم وهم رؤساء القبائل بالأخص أو ما حدث في دولة اليمن من هذا التشرذم لأهل الشوكة وسيطرة الحوثي الدخيل بعقيدة الاثناعشرية الفارسية واستغلاله لهم بعد ضعفهم و تمزقهم.
إن ضعف أهل الشوكة أو حلول التيار المعارض للأمة في دينها وثقافتها وقيمها في محل أهل الشوكة ضياع للمجتمع وتوقف للتنمية مما يعني إنهيار البُنى التحتية معنوية كانت أو مادية بسبب الصراع.
لقد أدرك المذهب الفردي أنّ قوة المجتمع تكمن في أهل الشوكة وعرف أنّه لابُد لكل مجتمع من أهل شوكة لا تتم طاعة الإمام إلّا بطاعتهم وهم غير عامة الناس فكان مما أتى به المذهب الفردي هذه الفلسفة الديمقراطية وأدواتها التي نبعت منها ومن فلسفتها وأوّلها طريقة اختيار الحاكم ليضرب هذه المؤسسة الصلبة والتي لا تكون الا بأفراد مجتمعين، لأنّ الفرد من أهل الشوكة لا يمثل أهل الشوكة إذا تحرك منفردا فإنّه يمثّل نفسه وفرديته وهذا ما يريده المذهب الفردي الليبرالي الإبليسي بفكرة الديمقراطية والانتخابات خصوصًا.
إن من المفارقات العجيبة أنّ المنظمات والكيانات التي تحاول جاهدة ضرب طوق المجتمع بمعاولها التي تدعو للفكر الديمقراطي إمّا بكفها عن فعل معين أو بفعلها لفعل معين لا تخضع نواتها لمثل هذه العمليات الديمقراطية على حقيقتها ونأخذ أربعة أمثلة هنا، المحفل الماسوني والفاتيكان و تنظيم الملالي وتنظيم الإخوان.
فاختيار الرئيس الحقيقي للمحفل أو اختيار البابا أو المرشد الإيراني أو المرشد الإخواني لا يتم بانتخابات شعبوية مع أنّ أتباع كل منظمة منها بالملايين من البشر وهذه الملايين تتبع وتؤيد وتؤمن بهذه المنظمات الأربع فلماذ لا يكون انتخاب رؤسائها من هذه الملايين؛ لكنك تجد كل رئيس من رؤساء هذه المنظمات يتم اختياره من قبل نخبة خاصة تمثل النواة الصلبة لهذه المنظمة او هذا الكيان وليس من عامتهم مع أنّ أتباعهم الذين يؤيدونهم ويضحون من أجلهم بالملايين فأين حق هؤلاء الملايين في الإقتراع لإختيار رئيسهم أو مرشدهم حسب الفكر الديمقراطي الذي تدعمه هذه المنظمات وهذه الكيانات فكل هذه المنظمات وهذه الكيانات تقر بالديمقراطية وتدعمها وتنادي بها في العالم إذاً هم لا يعترفون بالعملية الديمقراطية على الحقيقة إذا كانت هذه العملية متوجهة لكياناتهم التنظيمية وذلك لسببين:
الأوّل: أنّهم يعرفون السنة الإلهية التي طبع الله عليها المجتمعات.
الثاني: معرفتهم أنّ العملية الديمقراطية تفكك أيّ مجتمع وتضرب طوقه بضربها لأهل الشوكة و إخلائهم من وظيفتهم الطبيعية أو على الأقل إضعاف أداء أهل الشوكة وبالتالي سيضعف أداء الإمام لأنّه سيكون في يد العامة وهذه صورة ظاهرية معكوسة للوضع السوي الفطري وهذه نتيجة خطيرة.
إنّ أصحاب هذه المنظمات يدركون أنّه عند تطبيقهم لهذه الديمقراطية على حقيقتها داخل منظماتهم فسوف تنهار عندها من الذي سيقوم بدور الترويج لخرافة الديمقراطية ويثبتها داخل المجتمعات خصوصا المجتمعات التي تدين بالإسلام لأنّ الشريعة الإسلامية هي الوحيدة من بين الأديان الموجودة الآن تعطي تصورا جليّا و أحكاما واضحة للمنتظم السياسي أو للمنظومة السياسية فلم تتركها عبثاً فكيف يشرّع لك الدين كيفية دخول الخلاء والخروج منه وكيفية قضاء الحاجة والتطهر ولا يشرّع لك أمر الرئاسة و الإمامة و أحكامها مع أنّ ما يعرض لها من العوارض اكثر مما يعرض لهذه الآداب فبحان الله كيف ذهلت العقول السويّة عن هذا الأمر فالله المستعان.ا.هـ
نخلص فيما سبق إلى عدة أمور مهمة منها:
أوّلاً: أنّ المجتمع يتكون من عدة أعضاء ولكل عضو اختصاص ومهمه.
ثانيًا: أنّ أهل الشوكة مكون أصيل مهم من مكونات المجتمع وهم الذين لاتتم طاعة الإمام إلّا بطاعتهم وهذه من أهم وظائفهم.
ثالثًا: أنّ الإخلال بوظيفة أيّ مكون من مكونات المجتمع يسبب خلل وظيفي للمجتمع وتعطل للتنمية وظهور للفتن.
رابعًا: أنّ الأدوات الديمقراطية وعلى رأسها الأحزاب والانتخابات تنازع أهل الشوكة اختصاصهم ووظيفتهم الطبيعية.
خامسًا: أنّ الانتخابات إجراء رخو هش لا يصلح إلّا للاستأناس والاستطلاع ولا يصلح للتقرير أو الاختيار.
سادسًا: سبب كون الانتخابات لا تصلح للتقرير ذلك أنّها عُرضة للطعن والتشكيك في كل مرحلة لها مما يدل على أنّها إجراء رخو هش سهل الاختراق ولا يقوم الصلب على الرخو أبدًا.
سابعًا: أنّ أهل الشوكة بحكم سنة التدافع سوف يحاولون ممارسة وظيفتهم برغم وجود الإنتخابات لكنهم سيضعفون وتقوى المعارضة المخالفة لهم وللعامة في الثقافة والقيم.
ثامنًا: أدرك المذهب الفردي الليبرالي مدى قوة وأهمية أهل الشوكة في الحفاظ على طوق الجماعة ولحمتها فعمد إلى كسر هذا الطوق بالعملية الديمقراطية.
تاسعًا: لا تجد هذه العملية الديمقراطية المزعومة تتم على حقيقتها في المنظمات العالمية الكبرى مثل المحفل الماسوني أو الفتيكان أو تنظيم الملالي أو تنظيم الإخوان مع أنّهم يقرونها بل يدعون إليها في المستويات التي دونهم.
اقرأ المزيد
أوضح الشيخ وجب بن علي العتيبي، المستشار بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، مفهوم السلفية الحقة المتمثلة في التمسك بالكتاب والسنة.
دحض الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن ريس الريس، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الشبهات العصرية المثارة لتشويه الدعوة السلفية
سألني أحد الأفاضل: يا شيخ محمد ..نريد حلا صريحا أمام هذه الأحداث يُخرج بعض السلفيين من الحيرة أمام هذا التهييج الإعلامي الإخواني!!
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ
رد الشيخ يوسف بن عيد، الباحث في الأمن الفكري، على فتوى الدكتورعبدالله بن محمد المطلق بإجازة إمامة المرأة لزوجها في صلاة التطوع في المنزل.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم الدين