لنكن يدًا واحدة مع بلادنا وولاتنا علي كل مُبْطِل


بقلم - أ.د. عارف بن مزيد السحيمي

في أزمنة الفتن ينشط خفافيش الظلام من خوارج العصر، ومن تشبه بهم من دعاة الافتراق، في الدعوة إلى باطلهم، والتأليب على من وﻻه الله أمرنا، بشتى الوسائل والسبل مستغلين ما تمر به البلاد، كما هي حال بلدان العالم كافة من آثار اقتصادية مترتبة علي الوباء النازل.

 وفي الناس سماعون لهم بسبب أمرين:

الأمر الأول: جهل فئام من الناس بمنهج السلف الصالح القائم على تقرير ما وردت به النصوص الشرعية من الأمر بالاجتماع في الدين، والنهي عن التفرق فيه، والسمع والطاعه لمن ولاه الله أمرنا في العسر واليسر والمنشط والمكره.

أو جهلهم بحكمة الله تعالي الذي يقدر العافية والبلاء، ويحب من عباده تكميل عبوديتهم علي السراء والضراء وفي كل حال هم عليها.

الأمر الثاني: إتباع الهوى الذي يعمي صاحبه عن الحق المبين، ومن كان هذا شأنه فهو متشبه بعبدة الدينار والدرهم، الذين ورد فيهم الحديث: ( تعس عبد الدينار، تعس عبد غالدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي وإن لم يعطي سخط) رواه البخاري.

فاحذروا دعاة الفتنة فإن كالعقارب يدفنون أنفسهم في الرمال ويتحينون الفرص ليلدغوا من لا يعرف مكرهم.

وقد قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في أجدادهم القدماء: "وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نوع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم.

وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج: إنهم المذكورون في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)" البداية والنهاية (7/316).

وأبشركم أن مآل هذه الشرذمة إلى الذلة والصغار لأمور ثلاثة:

الأمر الأول: أن البدعة معصية، بل هي شر المعاصي بعد الشرك بالله تعالى ومن شؤم المعاصي أن أصحابها أذلاء بسبب معصيتهم لله تعالى.

قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ)، قال سفيان بن عيينة رحمه الله: "هذا في كل مبتدع إلى يوم القيامة" تفسير البغوي، (3/ 285).

الأمر الثاني: أن الظهور والغلبة على أهل الباطل بالحجة والبيان دائمًا يكون لأهل السنة.

وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) رواه مسلم.

فأهل السنة بحمد الله أصحاب غلبة على كل عدو لدين الله تعالى بسبب اتباعهم للنصوص الشرعية والآثار المرعية الآمرة بالرد على كل صاحب باطل، من مثل قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)، وقول ابن عباس رضي الله عنهما: "والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحدًا أحب إلى الشيطان هلاكًا مني فقيل: وكيف؟، فقال: والله إنه ليحدث البدعة في مشرق أو مغرب فيحملها الرجل إليَّ فإذا انتهت إليًّ قمعتها بالسنة فترد عليه"، شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللاكائي (1/55).

الأمر الثالث: أن سنة الله جارية في قطع دابر هذه الفرقة المارقة، فإنه ما خرج من الخوارج قرن إلا قطع حتى يخرج في عراضهم الدجال كما صح بذلك الحديث الذي أخرجه ابن ماجه وأحمد.

فمن رام السلامة في دينه فليثبت على منهج السلف، وليتجنب الفتن وأهلها بعدم سماع شبهات المرجفين المفسدين، ناهيك عن الترويج لها في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.

عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: "وأيم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ إنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ إنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ ولمنِ ابتُلِيَ فصبرَ فواهًا)، رواه أبو داود وصححه الألباني.

وفي الختام: أوصي طلبة العلم بالقيام بما أوجب الله تعالى عليهم من النصح لعباد الله وصد عدوان الزائغين، والاجتهاد في تعليم الناس مسائل الاعتقاد، والعناية بتدريس المختصرات العقدية المباركة لهم وتربيتهم عليها، فإن فيها الخير العظيم والسلامة في الدين.

اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرنا من شر الأشرار وكيد الفجار، وأعذنا وإياهم من كل شر دابة أنت آخذ بناصيتها إنك سميع الدعاء.

 

اقرأ المزيد

تحديات الثورة وسفاهة الثُوّار

أي ثورة في التاريخ لابد وأن تمر بثلاث تحديات

أخزم الحزبي.. قراءة فكريَّة في أطروحات حاكم المطيري

وسبب وسمي له بـ "أخزم الحزبي" ذلك لمشابهة فعله في شنشنته بـ "شنشنة أخزم

"دهاليز التطرف".. "الشهري" يكشف خبايا التنظيم السروري في تجنيد الشباب المتحمِّس

سرد الشيخ محمد بن حسن الشهري، ‏‏‏‏‏‏‏‏مدير إدارة الدعوة والإرشاد بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة عسير، عن واقعة حقيقية تكشف أساليب التنظيم السروري

"داعش".. من "أرض التمكين" إلى "غياهب الشتات"

أعلنت خلال الأيام الماضية الولايات المتحدة الأمريكية، القضاء نهائيا على تنظيم داعش في آخر معاقله بمدينة الباغوز شرق سوريا

مع كتاب "في ظلال القرآن" لسيد قطب

فقد منّ الله سبحانه وتعالى عليّ بجرد كتاب " في ظلال القرآن " لسيد قطب، أحد أشهر رموز الإخوان المفلسين بعد حسن البنا،

مكافحة التطرف على شبكات التواصل

عملت التنظيمات المتطرفة عبر العصور، على استغلال الإعلام وأدواته المتاحة في كل زمان، للترويج لأجنداتها داخل المجتمعات، فاستغل الإرهابيون

تعليقات


آخر الأخبار