"داعش".. من "أرض التمكين" إلى "غياهب الشتات"
إعداد – عمرو فاروق
الباحث في شئون التطرف والإرهاب
أعلنت خلال الأيام الماضية الولايات المتحدة الأمريكية، القضاء نهائيا على تنظيم داعش في آخر معاقله بمدينة الباغوز شرق سوريا، وانتهاء مشروع دولة الخلافة المزعومة، وخسرته جميع الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا بنسبة 100 %.
فعلى مدار 5 سنوات تقريبا، عاش التنظيم الداعشي، داخل الأراضي السورية والعراقية معتبرًا إياها بـ"أرض التمكين"، مسيطرا على ثرواتها وخيراتها.
وأحرزت قوات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة، تقدما في حربها ضد داعش الإرهابي، على المستوى الأمني، حيث فقد التنظيم العديد من قياداته ومرجعياته الشرعية العسكرية، الذين يمثلون القوة الذاتية والنواة المؤسسة للتنظيم، وأصبح دون قيادة مركزية حقيقية قوية.
لكن الكثير من التساؤلات طرحت حول مصير فلول داعش وقبلتهم المقبلة؟، وهل المعركة الأمنية حسمت التأطير الفكري والأيدلوجي لمشروع التنظيم الدموي ومخططه في إقامة دولة الخلافة المزعومة؟، ومدى إمكانية استنساخه في شكل وامتداد جديد؟.
ووفقا لخبراء معينين بملف شؤون تيارات الإسلام السياسي، فهناك عدة سيناريوهات من المرجح أن يسير فيها داعش خلال المرحلة المقبلة.
أولاً: تكتيك حرب العصابات
أول هذه السيناريوهات، هو التعايش مع فكرة التكييف الكموني، ومحاولة التخفي في التضاريس الطبيعية الصعبة داخل المناطق الصحراوية على الحدود السورية العراقية والبقع الجغرافية القريبة، مكونين جيوبا جديدة، والاتجاه لتعديل التكتيك وفق ما يسمى بـ"حرب العاصابات"، بهدف إعادة الانتشار واستغلال الأحوال السياسية، واستهداف تنفيذ سلسلة من الهجمات والتفجيرات، التي تمحنه نوعا من البروجندة الإعلامية الوجودية، وهي عودة بالتنظيم إلى سابق عهده إلى أدبيات الزرقاوي ونهجه وأسلوبه، وسياسة القتل العشوائي الانتقامي.
ثانياً: الذئاب المنفردة
السيناريو الثاني، هو تفكيك التنظيم نهائيا، والاتجاه به نحو فكرة خلايا "الذئاب المنفردة"، أوالعنقودية، وهي عناصر مؤدلجة ومهيئة فكريا، تتحرك وفق التعليمات مباشرة من البغدادي أو من لجنة مسؤولة عن تحركات تلك الخلايا سواء داخل المنطقة العربية أو أوروبا، وهي في الغالب "قيادة مركزية مختفية"، وخارج عن إطار جغرافي يقيد تحركاتها.
وسيتم الاستفادة بشكل كبير في تشكيل شبكة خلايا "الذئاب المنفردة"، من الدواعش الأجانب الذين عادوا إلى موطنهم الأوروبي، بهدف تنفيذ هجمات متوالية داخل دول الغرب بشكل عام، لاسيما أن هذه العناصر تحديدا كانت هي العمود الصلب في تشكيل التنظيم أيدلوجيا وعسكريا، ويمتلكون خبرات قتالية عالية.
إضافة أن هذه العناصر يرحج أنهم ساهموا في تهريب أموال داعش، عبر العملة الألكترونية، التي يصعب متابعتها أو تجميدها، وعبر أرصدة بنكية سرية في بنوك أوروبا، ومن ثم يمثلون محور ارتكاز في مستقبل داعش من عدمه، كما أن هذه العناصر هاجرت إلى دول أوروبية حاملة معها الجيل الثالث المسمى بـ "أشبال الخلافة"، وهم أطفال تشربوا الفكرة الداعشية، وتلقوا تدريبات عالية، وأساليب العنف الممنهج المكتسب من معايشة تجربة "أرض المعركة"، و"التكتيك الميداني"، ومن ثم يصعب اندماجهم في الحياة السلمية.
ثالثاً: الولايات الجغرافية
السيناريو الثالث المطروح حاليا، هو اتجاه التنظيم لتقوية الولايات التابعة له في نطاقات جغرافية متعددة، وبناء شبكات محلّيّة، وهياكلَ تنظيمية تمهدا لو ضع التنظيم في المشهد الدولي وتحقيق مشروع "دولة الخلافة"، وترتكز في مساحات إقليمية، تحت إشراف البغداي، أو لجنة مسؤولة عن إدارتها وفق مسمى الـ"الإدارة المسردبة"، أي المختفية.
وهذا السيناريو شبيه بطريقة إدارة تنظيم "القاعدة"، والذي أصبحت فيه الإدارة مجهولة المكانية، تتبعها مجموعة من الفروع وفق نظرية "مركزية الإدارة"، "لامركزية التنفيذ"، وهو سيناريو سيخلق كيانات وولايات وقيادات أقوى بكثير من الإدارة المهيمنة على المشهد الداخلي للكيان التكفيري المسلح.
كما أنه تم رصد عدد كبير من مسلحي داعش الفاريين من سوريا والعراق متجهين إلى دول أخرى تشهد توترا وعدم استقرار سياسي كأفغانستان والصومال وجنوب شرق آسيا، ومناطق المغرب العربي، وهي مناطق يحظى داعش بوجود ملحوظ فيها، ويسهل استغلال طبيعتها الطبيعة الجغرافية في التخفي وإعادة بناء التنظيم من جديد، مع توافر الاماكنيات المادية التي تحصل عليها داعش وقام باخفائها والتي تُقدر بـ 40 طناً من الذهب الخام، ومئات الملايين من الدولارات.
ووفقا لتقارير إعلامية فقد أجبرت سرعة انهيار داعش، الجانب الأمريكي على كشف علاقته بالتنظيم، والتحرك لنقل قيادات داعشية كبيرة بطائرات الهليكوبتر وتحت حماية عسكرية من مناطق الصراع إلى أماكن مجهولة حتى الآن سوف تظهر مستقبلا عندما تعود العمليات الدموية العشوائية من جديد.
رابعاً: البعث الجديد
السيناريو الرابع، هو دخول داعش في مرحلة التيه التنظمي، وانفراط عقده نهائيا، لاسيما أن البغدادي لا يمثل مركز ثقل وقوة داخل التنظيم.
ومحاولة انخراط اتباعه في كيانات موازية وتحالفات متعددة، وتكوين نسخة جديدة تمثل امتدادا، للفكرة وروافدها، والسير نحو إدارة منظومة "الجهاد العالمي"، لكن بقيادة جديدة، تتولى مسؤولية إعادة التأهيل والبعث مجدَّدا.
ومن المرجح أن تكون الكتلة الصلبة لهذا الكيان الجديد من عناصر "التيّار الحازمي"، هو النسخة الأكثر تكفيرا وتطرف ودموية داخل داعش، وقيادات التيار كانوا من ذوي التأثير في مجلس الشورى والقضاء العسكري داخل التنظيم.
وهذا السيناريو يطرح فكرة الانقلاب على أبو بكر البغدادي، أو والخروج عليه، خاصة أنه متاوري عن الأنظار منذ سنوات، والكثير من التقارير الإعلامية، أشارت إلى إصابته أو مقتله، ومنها وبعضها ذكرت اختبائه بين الحدود السورية والعراقية، ولم يثبت صحة هذه التوقعات في ظل مرور التنظيم بحالة من الشتات خلال المرحلة الأخيرة.
ويشير لهذا السيناريو ما طرحة أخيرًا، المرجع الداعشي، أبي محمد الهاشمي، الذي طالب عناصر وقيادات التنظيم الإرهابي، بنقض بيعتهم لقائد التنظيم الإرهابي أبو بكر البغداي، وذلك من خلال كتاب نشره خلال الساعات الماضية عبر شبكة الإنترنت، تحت بعنوان "كفوا الأيادي عن بيعة البغدادي".
اقرأ المزيد
فقد منّ الله سبحانه وتعالى عليّ بجرد كتاب " في ظلال القرآن " لسيد قطب، أحد أشهر رموز الإخوان المفلسين بعد حسن البنا،
فإنّ مَعرفةُ المرضِ العقديِّ وسبَبُه يُعينُ عَلى علاجِهِ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عند كلامه على وقوع الخلط بين معنى الاستغاثة والتوسل
في أزمنة الفتن ينشط خفافيش الظلام من خوارج العصر، ومن تشبه بهم من دعاة الافتراق، في الدعوة إلى باطلهم
استعرض الشيخ محمد بن حسن الشهري، مدير إدارة الدعوة بفرع الوزارة بمنطقة عسير، استراتيجيات الجماعات الضالة في التغرير بالشباب
إنّ احتضان قطر لمجموعة الإتجاه الإخواني وخصوصًا الاتجاه القطبي السروري الثوري يدل على أنّها تعيش في حالة ضياع وطني ودولي ناتج عن ضياع الهوية
حذر عمرو فاروق، الباحث في شؤون التطرف، من خطورة تنظيم الإخوان الإرهابي في اليمن، مؤكدًا أنهم يلعبون على كل الأطراف من أجل تحقيق مصالحهم.