"التاريخ يقول".. دور "آل سعود" في التصدي لشركيات الدولة العثمانية
إعداد - هيام عبده مزيد
سلطنا الضوء في وقت سابق على فصول مخفية في تاريخ الدولة العثمانية التي أصابها الضعف بسبب التصوف والبدعة، ما جعلها تقدم تنازلات كبيرة إلى أوروبا آنذاك، وخلال السطور المقبلة نستعرض انتشار الأضرحة والمزارات القبورية في اليمن والآستانة والعراق والهند والحجاز خلال العهد العثماني حتى ظهور "آل سعود" ودور الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية في القضاء عليها.
ففي اليمن يذكر الشوكاني ـ رحمه الله ـ في كتابه (الدر النضيد صـ28) أن كثيرًا من العوام في زمانه وبعض الخواص ـ أيضًا ـ غلوا في الصالحين حتى صاروا: "يدعونهم تارةً مع الله وتارةً استقلالاً، ويصرخون بأسمائهم ويعظمونهم تعظيم من يملك الضر والنفع ويخضعون لهم خضوعاً زائداً على خضوعهم عند وقوفهم بين يدي ربهم في الصلاة والدعاء".
ويقول ـ رحمه الله ـ (صـ93) : "اعلم أن ما حررناه وقرَّرناه ـ من أن كثيرًا مما يفعله المعتقدون في الأموات يكون شركًا ـ قد يخفى على كثيرٍ من أهل العلم، وذلك لا لكونه خفياً في نفسه، بل لإطباق الجمهور على هذا الأمر، وكونه قد شاب عليه الكبير، وشبَّ عليه الصغير وهو يرى ذلك ويسمعه، ولا يرى ولا يسمع من ينكره، بل ربما سمع من يُرَغِّب فيه ويندب الناس إليه".
وأما في الآستانة عاصمة السلطنة العثمانية فقد كان هناك أربعمائة وواحد وثمانون جامعاً لا يكاد يخلو جامعٌ فيها من ضريح!
وفي بلاد الهند فحدث عن بحر الشرك ولا حرجٍ، هذه الأرقام والإحصاءات التي ذكرتها خاصةٌ بالحواضر والمدن الكبرى حيث يفترض وجود العلم والعلماء، وأما في القرى والأرياف والبوادي فالأمر أشدُّ وأطمُّ، ومن أراد المزيد من ذلك فليراجع كتاب (الانحرفات العقدية في القرن الثالث عشر والرابع عشر).
ويكفي المرء أن يعلم أن الأمراء والوجهاء والأثرياء في ذلك الوقت كانوا يتسابقون على الصَّرف ببذخ على المشاهد الشركية. وكانت هذه النفقات تُعد من أعظم مآثر الأمراء والسلاطين!
وأما مكة المكرمة، فقد ذكر المؤرخ محمود فهمي المهندس المتوفى سنة (1311هـ) في كتابه (البحر الزاخر): أن النجديين بعد دخولهم لمكة هدمُوا فيها ما يزيد على ثمانين قبة فاخرة مبنية على قبور وأضرحة منسوبة لآل بيت النبوة.
وقد صنف علامة العراق محمود الآلوسي كتابًا عنوانه (القول الأنفع في الردع عن زيارة المدفع)، وسبب تصنيفه لهذا الكتاب أن أهل بغداد كانوا يتبركون بمدفعٍ قديمٍ من بقايا العثمانيين! وقد ذكر الشيخ محمد بهجت الأثري في كتابه (أعلام العراق صـ 145) أن الناس "كانوا يعتقدون في هذا المدفع اعتقاد الجاهلية في اللات والعُزَّى ومناة الثالثة الأخرى"!.
تصدي الإمام "سعود" لانتشار الأضرحة في أرض الحجاز
وبعد فراغ الدعاة و"آل سعود" من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين، وجنوب الجزيرة، وكاتبوا علماء الحرمين سابقًا ولاحقا، فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب، واتخاذها على القبور، ووجود الشرك عندها، والسؤال لأربابها، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة متوجهًا إلى جهة الحجاز، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة، وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود، الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي، ونازلهم بقوة أرسلها إليه الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم، وساعدوه حتى استولى على الطائف، وأخرج منها أمراء الشريف، وأظهر فيه الدعوة إلى الله وأرشد إلى الحق، ونهى فيها عن الشرك وعبادة ابن عباس وغيره مما كان يعبده هناك الجهال، والسفهاء من أهل الطائف.
ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز، وجمعت الجيوش حول مكة، فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة، ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال، واستولوا على مكة في فجر يوم السبت ثامن محرم من عام 1218 هـ وأظهروا الدعوة إلى دين الله وهدموا ما فيها من القباب التي بنيت على قبر خديجة وغيره، فأزالوا القباب كلها، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، وعينوا فيها العلماء المدرسين، والموجهين، والمرشدين، والقضاة الحاكمين بالشريعة، ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220 هـ بعد مكة بنحو سنتين، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقراؤهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال، وواسوهم وعلموهم كتاب الله، وأرشدوهم إلى الخير، وعظموا العلماء وشجعوهم على التعليم والإرشاد، ولم يزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226 هـ.
ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز، لقتال "آل سعود" وإخراجهم من الحرمين، لأسباب كثيرة وهذه الأسباب هي أن أعداءهم، وحسادهم، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم، وأن تقضي على أطماعهم، كذبوا على الشيخ وأتباعه وأنصاره، وقالوا: إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنهم يبغضون الأولياء، وينكرون كراماتهم وقالوا إنهم أيضًا يقولون كيت وكيت، مما يزعمون أنهم يتنقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وصدق هذا بعض الجهال، وبعض المغرضين، وجعلوه سلما للنيل منهم والجهاد لهم، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم، فجرى ما جرى من الفتن والقتال، وصار القتال بين القوات المصرية والتركية ومن معهم، وبين آل سعود في نجد والحجاز، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل.
المصادر:
كتاب (الانحرفات العقدية في القرن الثالث عشر والرابع عشر).
الإمام الشوكاني كتاب (الدر النضيد).
العالمة محمود الآلوسي كتاب (القول الأنفع في الردع عن زيارة المدفع).
محمود فهمي المهندس كتاب (البحر الزاخ).
الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز (الدولة العثمانية).
اقرأ المزيد
ظل المسلمون يرون في فتح بلاد الفرس منالاً صعبًا مقارنة بالدولة البيزنطية، إلا أن أبو بكر الصديق رضي الله عنه وجه جيشًا إلى أطراف العراق بقيادة خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، لإخضاع القبائل العربية التي كانت تقيم جنوبي نهر الفرات حتى انتصر على الفرس واستولى على الحيرة والأنبار.
أكد الدكتور سلطان الأصقه، المؤرخ الكويتي، أن بيوت العاهرات انتشرت في العالم الإسلامي في عهد سلاطين الدولة العثمانية.
أكد الدكتور مهدي مراد العزيزي، الباحث المصري، أن عبدالحميد الثاني السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، أكبر خائن في تاريخ الإسلام.
فجر المؤرخ الكويتي، الدكتور سلطان الأصقه، مفاجآت مدوية حول شخصيات تاريخية يحاول الإعلام التركي تصديرها والترويج لها خلال المرحلة الحالية
"لم يقاس أهل مصر شدة مثل هذه، ولم يقع لأهلها شدة أعظم من هذه الشدة قط"؛ هكذا وصف المؤرخ المصري محمد ابن إياس في كتابه "بدائع الزهور في وقائع
كشفت المؤرخة هيام عبده مزيد عن فصول جديدة في سجل خيانة "آل عثمان" الحافل بالغدر والخيانة