على خطى المؤسس.. بيعة الملك سلمان وولي عهده


 بقلم – فضيلة الشيخ منصور العضيلة

 

الحمد لله الوهاب خالق الناس من تراب ومسبب الأسباب واوضح الطريق إليه لاولي الالباب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته اجمعين، قال تعلى: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا".

 

وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"، وعن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة، والنصح لكل مسلم".

 

بايع المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعة الأمر أهله وتفويض الأمور إليه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه في أحلك الظروف فيقول أحدهم سمعًا وطاعة؛ قال لعبد الله بن أنيس وهو في جمع من الصحابة قم يا عبد الله واقتل خالد الهذلي فقام عبدالله وهو يسمع عن خالد الهذلي من شجعان العرب وهذا الرجل كان قد جمع شجان العرب في عرفة ليدربهم ويذهب بهم إلى المدينة ليقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله بن أنيس: صفه لي يا رسول الله، قال: إذا رأيته وجدت له قشعريرة، قال: فخرجت متوشحًا سيفي حتى وقع عليه ببطن عرنة في عرفة فقتله وعاد برأسه.

 

 وكان الصحابة رضوان الله عليهم سباقين في طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، واندرج المسلمون على ذلك من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر، من بايعوه أقاموا له بالسمع والطاعة والمنشط والمكره وعلى عثرة عليهم كما علمهم نبيهم صلى الله عليه وسلم.

 

البيعة ليست شعارات أو أهازيج فقط.. البيعة طاعة وصدق ووفاء وعهد.. البيعة عمل وعطاء.. البيعة نماء وتضحية.. البيعة إخلاص إلى الوطن ودفاع عنه بكل ما يملك.. البيعة محبة وبناء ودفاع عنه ورموزه في جميع المجالات.. البيعة تقديم مصالحه على كل المصالح، هذه هي البيعة الحقيقية، لم للشمل واجتماع على الخير ونبذ الفرقة والاختلاف.

 

ومن نماذج البيعة الصادقة في هذا العصر ما قاله الباحث العربي محمد جلال كشك في موسوعته السعوديون والحل الإسلامي، هذا الباحث ظل 3 سنوات في أواخر القرن الماضي يجوب جزيرة العرب وينقل وقائع وحقائق عن الذين جاهدوا مع الملك عبد العزيز رحمه الله في توحيد الجزيرة العربية ومعاركه.

 

وهو باحث متجرد وينقل وقائع وحقائق بصدق وإنصاف وعدل مشافهة، قال: والحق أنني بقدر ما تكشفت لي خلال الدراسة عظمة وجسامة التضحيات التي قدمها السعوديون بقدر ما وقفت مندهشًا أمام عبقرية الملك عبدالعزيز رحمه الله وقوة وصدق اتباعه وقوة تحملهم في هذه الصحراء؛ فلقد ترسخوا على منهج واضح مستمدًا من الكتاب والسنة آمالهم نشر دين الله والأمن والطمأنينة والسكينة.

 

وقال عن الملك عبدالعزيز رحمه الله: عملاقًا وطنيًا عربيًا مسلمًا، حقق إنجازًا وطنيًا عربيًا إسلاميًا يفوق أي إنجازًا من نوعه، وتبع هذا الباحث كثيرا من العرب والغربيين في نقل تلك الصور الناصعة على طبيعة قوم جبلوا على الوقوف عند أمر الله ونهيه، وعن الصدق في إخلاصهم وولائهم لولي أمرهم وحرصهم على جمع الكلمة، وظل أبنائهم على هذه السجية المباركة مع أبناء الملك عبد العزيز رحمه الله إلى عصر إمامنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.

 

قال عدد من الباحثين ومن عاصروا الملك عبد العزيز رحمه الله اتخذ استراتيجية عسكرية إسلامية فذة  اجتمع تحت رايته قبائل العرب في جزيرة الإسلام، وظلت المملكة العربية السعودية في عهد مؤسسها ترفرف عليها رايات الأمن والاستقرار، وتشق طريقها نحو الرقي والتقدم في ميادين مختلفة، وكان هاجس الأمن مما يشغله حتى قال أحد الغربيين: حقيق أن يلقب بـ"مهدي زمانه" لأن الشخص الواحد يسافر بالأموال العظيمة في أي وقت شاء لا يخشى إلا الله، وكذلك الناس تسير مواشيهم في البراري ليس لها راع لا تخشى السرقة.

 

والمتأمل في سيرته رحمه الله أن من أعظم أسباب نجاحه بعد توفيق الله ما كان يتحلى به من صفات التدين والكرم والشجاعة وقوة الإرادة والحرص على المشورة وسرية الحركة والتمويه على الخصوم ووعيه للتاريخ وحسن اختياره للرجال وعمق معرفته بقومه، وإتقانه فن الإعلام الحربي، والتفاف قبائل العرب حوله، كالتفاف السوار بالمعصم والنجوم بالقمر والجنود بالعلم، ومن حرصه تلمس هموم إخوانه المسلمين وخاصة قضية فلسطين؛ فلقد كان من السباقين في نصرة الأقصى.

 

أيها القراء الأكارم.. إنما تنعم به بلاد الحرمين الشريفين بالأمن الوافر والاستقرار والطمأنينة من بركات هذا الإمام المبارك ودعوة سرت بليل وتقبلها الله بقبول حسن، فنسأل الله تعالى أن يجزيه خيرًا عن أمة محمد وان يجعل مثواه الفردوس الأعلى وأن يتم علينا الأمن والأمان.

 

وإننا في هذا العام  1440 في السنة الرابعة من بيعة إمامنا خادم الحرمين الشريفين متع الله بأيامه وكتب على يديه النصر والعزة والتمكين لأمتنا الإسلامية؛ نحمد الله العلي القديرعلى نعمة الأمن والأمان التي تنعم بها كافة أرجاء المملكة التي سخر الله لها رجال أوفياء نذروا أنفسهم في الدفاع عن دينهم ووطنهم وفقًا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والأخذ بالأسباب ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة، ثلاثة أعوام على بيعة إمامنا مليئة بالإنجازات على مختلف الأصعدة تتسم بالشفافية ومحاربة الفساد وكفاءة الاقتصاد الوطني في مسيرة التنمية والتطوير لتحقيق رؤية المملكة والتصميم على مواصلة العمل نحو التنمية الشاملة والمتوازنة.

 

نسأل الله العلي القدير أن يديم على هذا الوطن وأوطان المسلمين أمنه واستقراره وأن يحفظ إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وأن يحقق لهم ما فيه صلاح البلاد والعباد وما يعملانه لخدمة الأمة الإسلامية.


اقرأ المزيد

التعامل مع أهل الكتاب

الحمد لله الذي خلق الخلق أجمعين ورفع منهم من استقام على صراطه المستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله القوي المتين

كلمة عن نشر البكائيات بسبب الإغلاق المؤقت للمطاف

فمع تداول صور المطاف وهو خال من الطائفين بسبب عمليات التعقيم والحفاظ على حياة الناس وصحتهم من انتشار وباء كورونا

كلمة الملك "سلمان" بين "الرحمة" و"الشفافية"

الكلمة التي ألقاها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح والإمام العادل سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله

الاعتصام بالله وبذل الأسباب.. أسس شرعية وأصول مرعية لمواجهة "كورونا"

يتردَّد كثيرًا في مجالس النّاس هذه الأيام حديثٌ عن مرض يتخوَّفون منه ويخشون من انتشاره والإصابة به ، بين حديث رجلٍ مُتَنَدِّرٍ مازح، أو رجلٍ مبيِّنٍ ناصح،

علماء حاربوا الإرهاب منذ زمن

إن الجهود التي قام بها علماء الإسلام ودعاة السنة لنصرة دين الله عزوجل كثيرة لا يكاد يحصيها بشر

الإرهاب وطرق المواجهة

تسعى كل دول العالم إلى الحفاظ على أمنها الوطني والإقليمي والدولي، وقد أصبح العالم، لا سيما في وقتنا الحاضر

تعليقات


آخر الأخبار