حادثة الإفك والهجمة الإعلامية الشرسة على بلاد الحرمين الشريفين
بقلم – فضيلة الشيخ منصور العضيلة
الحمد لله رب العالمين، مالك الملك مدبر الأمر، لا يقضي قضاء لمؤمن إلا كان خير له، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فعليه السخط؛ نحمده في السراء والضراء والعافية والبلاء.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كريم النوال شديد المحال القائل: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ).
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته أجمعين، أبتلي في عرضه زوجته عائشة رضي الله عنها، وولغ المنافقون في عرضه، وآذوه فصبر، وشق على المسلمين ذلك، وعلى والدها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وانشغل المسلمون في المدينة شهرًا كاملًا.
وشاءت حكمة الله تعالى أن يعطي المسلمين في كل زمان ومكان درسًا عمليًا نموذجيًا في ضرورة تطبيق أحكامه والالتزام بما أمر الله به وما نهى عنه وهو الحذر في كل و قت من مثل هذه الحوادث لما يترتب عليها من أضرار اجتماعية بين المسلمين قد ينتج عنه انتهاك الحرمات.
ففي حادثة الإفك التي روج لها أهل النفاق الذين استمروا وازدادو، سار يديرها ويسهر عليها أساطين الشر ودهامة المكر من المنافقين ومن لف لفهم، وجندوا لترويجها ألسنة السوء من معسكر النفاق المندسين في وسط صفوف المسلمين وكان هؤلاء الأعداء في موقف المتربص المنتظر، يتصيدون المناسبات لبث حقدهم الأسود على الإسلام وأهله كلما وقفوا على خبر أذاعوه ونشروه وزادوا عليه وإذا لم يقعوا على بغيهم لفقوا خبرًا أو قلبوا الحقيقة أو فسروها على حسب زعمهم.
المنافقون ما كانوا لينشروا حادثة الإفك إلا لبث الهزيمة في قلوب المسلمين في ميدان تفوقهم وهو ميدان الأخلاق؛ لكن الله سبحانه وتعالى أراد بالمسلمين خيرًا والذي تولى كبره وقاد حملته كان هو عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين وحامل لواء الكيد؛ قال: "امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت" ثم جاء يقودها، وهي قولة خبيثة راح يذيعها بوسائل ملتوية وأراد أن يضع المكانة الخلقية للمجتمع المدني مضطرب وبلبلة وشك في نفوس الضعفاء من المسلمين وإشعال جذوة نار الفتنة بين الأوس الخزرج ولكن كان صبر رسول الله صلى والصادقين من صحبه في صبرهم فوق مستوى الأحداث وعالج الأمر بحكمة هادئة، وكان همه أن يقي المجتمع المسلم من عواصف الفتن وطواسم المكائد النفاقية؛ كما كان في هذا الحدث الخطير؛ فكشف الله الغمة وفرج الكربة وأنزل وحيه بالقرآن الكريم على رسوله الأمين بما لم يكن لأحد في الحسبان أن يقع في مثله قط في حادثة من الحوادث التي تراها النظرة العابرة على أنها حادثة فردية كان يكفي إبطالها أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤية منامية في تبرأة أطهر الطاهرات الصديقة بنت الصديق لكن الله سبحانه وتعالى أراد أن تكون هذه الحادثة درسًا تربويًا بليغًا للمجتمع المسلم، وتأديبًا للذين ساقتهم الأحداث سياقًا لا يرضاه إيمانهم برسالة الإسلام وآدابها وشرائعها.
ومن المستفاد ما يجعل المسلم يواجه الفتن ويقف أمامها كالطود الشامخ ويعالجها بصبر المؤمنين مهما قست الظروف ومهما أثيرت العواصف؛ بل على المؤمن أن يكون ثابت الجأش قوي العزم رحب الصدر يتحمل الشدائد والمحن ولا يجعل الأحداث والمحن تنال منه أو تفت من عضده.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه الله وسلم القدوة الحسنة فقد تحمل الشدائد والأذى في أبلغ آياته وأروع صوره وهو خليل الله وحبيبه وصفوته من خلقه وختم به الرسالات، وهل يطيق بشر ذلك الطعن في عرضه وشرفه؟.
وعلى المسلم أن يحمي نفسه وإخوانه من كل عائض أو تصرف شائن ولا يسمح لأي وشاية أو طعن في عرض أخيه المسلم يلوكوها مغرض أو جاهل وليحفظ لسانه، وليعلم أن الحسد والبغضاء داء وبيل وشر مستطيل يفضي إلى التنازع والتقاتل فضلًا عن أنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
إن الذي لا يجد في الناس إلا شرًا فينتحله لهم انتحالًا ويزوره عليهم تزويرًا فهذا أفاق صفيق، ومنافقو عصرنا لم يتورعوا عن فعل ما فعله السابقون بانتحال الأكاذيب والتهم، ويسعون بكل قوة في حرب الإسلام وأهله وأذية المؤمنين، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).
الاستماع إلى الخطبة عبر الرابط:
https://drive.google.com/file/d/1_26fDhCQqHXo6iYtC0a5SLe49nQrB4Kd/view
اقرأ المزيد
يشد بنا الحديث عن أهم يوم من ايام التعليم عند جميع الطلاب والطالبات ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
فمع تداول صور المطاف وهو خال من الطائفين بسبب عمليات التعقيم والحفاظ على حياة الناس وصحتهم من انتشار وباء كورونا
فإن كل ملاحظ للأحداث في الساحة الدينية في العالم الإسلامي عمومًا وفي السعودية العظمى
رسالة ود ومحبة وإخاء لمن يستشعر هذه الأيام بشيئ من الملل ويشعر بالضيق من الجلوس في منزله بسبب فيروس "كورونا" .