هل تنجح الرياض في تقليم أظافر إيران من الجسد العراقي؟

تمثل ميليشيات "الحشد الشيعي" أو "الشعبي"، كما يطلق عليها عراقيًا، عنصرًا مهمًا في سيطرة ملالي إيران على صناعة القرار في بلاد الرافدين؛ فطهران هي صاحبة فكرة الإنشاء والتسليح، ويخضع لقيادات من الحرس الثوري الإيراني بحجة تحرير الأراضي العراقية من عناصر "داعش"، التي كانت تحتل جزءًا كبيرًا من شمال ووسط العراق، وهي مناطق سنية بامتياز، ويرفض الإيرانيون بشدة فكرة تفكيك هذه الميليشيات أو حتى ضمها للجيش العراقي الموحد؛ حرصًا على بقائها متحررة من القرار العراقي لتعمل وفق معطيات ومصالح دولة الملالي.
"الصدر" في السعودية؟
من هنا جاءت أهمية الزيارة التي قام بها مقتدى الصدر إلى الرياض، والذي استقبله خلالها الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة السعودية في مدينة جدة، ومن أهم الإيجابيات التي أعقبت هذه الزيارة هي تلك التظاهرة الكبيرة التي تمكن أنصار الصدر من تنظيمها تحت عنوان مهم "ضمّ مقاتلي الحشد الشعبي إلى الجيش العراقي"، عوضًا عن بقائه كجيش مستقل يعمل تحت إمرة إيران وضباط الحرس الثوري.
وتكمن أهمية الزيارة في أن "الصدر" ما زال يمثل رقمًا صعبًا في الساحة السياسية العراقية، فهو يسيطر على كتلة نيابية تتكون من 34 عضوًا، كما أنه تمكن بسهولة من حشد قرابة ربع مليون شخص في التظاهرة التي دعا إليها، والتي تولّى أنصاره تنظيمها، ما يشير إلى أنّه لا يزال يمتلك قدرة كبيرة على تحريك الشارع والمناورة بأتباعه، الذين لم يتورعوا عن ترديد هتافات معادية لإيران ورموزها في العراق؛ فمجرد نجاحه في دفع هذا العدد من المتظاهرين للنزول إلى الشارع في الأسبوع الأول من شهر أغسطس يشكل إنجازًا بحد ذاته، وذلك في ضوء درجة الحرارة في بغداد في هذه الأيّام من السنة التي تقترب من 50 مْ؛ ما يجعل من الصعوبة بمكان دفع أي مواطن إلى ترك منزله فضلا عن السير في تظاهرة تضمّ حشدًا كبيرًا، وقطع مسافة عدّة كيلومترات وإطلاق هتافاتٍ.
قلق إيراني
زيارة الصدر للسعودية أثارت قلقًا إيرانيًا متزايدًا؛ فالضربة التي وجهتها الرياض لطهران كانت موجعة كونها جاءت باستقطاب التيار الصدري "الشيعي" الذي يمتلك كتلة برلمانية لا بأس بها، إضافة إلى أنه يسهم بقوات ضمن "الحشد الشيعي" الذي يتكون من ميليشيات تابعة للأحزاب والتيارت الشيعية العراقية.
وإلى جانب إيران، تسببت الزيارة في إثارة حرج كبير للشخصيات والأحزاب المعروفة بقربها الشديد من إيران، وأظهرت الضيق الشعبي المتزايد من تجربة الحكم الحالية في العراق، فظهور تيار ضمن الطبقة السياسية الشيعية ذاتها يدعو إلى إعادة صياغة العلاقة مع طهران و "التخفيف" من نفوذها وسطوتها على القرار العراقي، لم يكن أبدًا من بين خيارات طهران التي أصبحت الآن في أمس الحاجة إلى نفوذها، خاصة في مرحلة ما بعد "داعش" في العراق.
فورقة الحشد الشيعي "الشعبي" الذي جعلت منه إيران "جيشًا موازيًا" للقوات المسلّحة العراقية، باتت موضع رهانها الأكبر للحفاظ على نفوذها الكبير في العراق، فـ "الحشد الشعبي" لا يضمن لها السيطرة الميدانية على مناطق عراقية شاسعة، فحسب، بل يبدو أيضا قابلًا للاستخدام كقوّة انتخابية مضمونة لكبار قادته، وكلّهم من المحسوبين على المعسكر الإيراني، كمراكز قيادية في الحكومة أو "الحكومات" التي ستنتج عن الانتخابات المقبلة المقرر تنظيمها في ربيع 2018.
عملية انتزاع أظافر إيران من الجسد العراقي لم ولن تقتصر على حالة مقتدى الصدر المعروف بنزعته المناهضة لنفوذ الملالي في بغداد، بل لها امتدادات أخرى ومع شخصيات شيعية نافذة أخرى في الحياة السياسية العراقية.
يمثل "الحشد الشيعي" و "حزب الله" و "الحوثيون" أذرع إيران أو أسلحتها للسيطرة على القرار في العراق ولبنان واليمن على الترتيب؛ من هنا يمثل الإسراع في عملية بتر هذه الأذرع ضربة موجعة قد تقضي على مشروع الملالي في مد النفوذ الفارسي على الأراضي العربية السنية؛ فهل ينجح العرب في ذلك؟
اقرأ المزيد
تنشر بوابة "مرصد اليوم" الإلكترونية صورًا لما افتعله أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي من أحداث دامية
استعدادات مكثفة واجتماعات دورية تجريها وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية بقيادة الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل
ينتهج تنظيم الإخوان الإرهابي استراتيجية قائمة في المقام الأول على المراوغة والبراجماتية؛ فحيثما توجد مصلحة الجماعة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (قد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون عن الأمر والنهي؛ فيكون ذلك من ذنوبهم؛ فيحصل التفرق والاختلاف والشر
صباح السبت الماضي، تعرض حقل شيبة النفطي شرق السعودية لهجوم إرهابي عبر طائرة درون مسيرة
استعرض الدكتور نايف الوقّاع، المستشار والأكاديمي عضو منتدى الخبرة السعودي، الإنجازات التي حققتها المملكة العربية السعودية خلال فترة وجيزة.