"القادسية" وقادسية "سلمان".. بطولة شجعان وأبطال اليمن
بقلم – فضيلة الشيخ منصور العضيلة
الحمد لله ولي المتقين ولا عدوان إلى على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله قائد الغر المحجلين صلى الله عليه وسلم وصحابته أجمعين قال تعالى: "إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"، "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا".
أما بعد..
في العام الرابع عشر من الهجرة وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الفرس طاقاتهم ضد المسلمين؛ فقال عمر: "والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب"، وأعلن النفير العام وأرسل جيشًا بقيادة الأسد في براثنه سعد بن أبي وقاص وأمده بألفي يماني وألفي نجدي؛ ولما وصل العراق كان قوامه ثلاثون ألفًا منهم تسعة وتسعون بدريًا وأكثر من ثلاثمائة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
إلى أن وصلوا الفرات وطلب رستم قائد كسرى من سعد أن يرسل لهم رجلًا نكلمه ويكلمنا؛ فأرسل لهم ربعي بن عامر على فرسه الصغير وهذا شيئ تهان به الخيول؛ وقد زين رستم مجلسه فتفاجئوا برجل واحد فقط وأسلحة متواضعة على فرس صغير.
ظل راكبًا حتى داست فرسه الديباج والحرير ثم نزل وربطها في قطع من الحرير مزقها، وأقبل على رستم؛ فقالوا له ضع سلاحك، فقال: "أنتم دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت"، فقال رستم: أئذنوا له؛ فأقبل رضي الله عنه يتوكأ على رمحه فوق النمارق.
قال رستم: ما جاء بكم، فرد ربعي بن عامر رضي الله عنه: إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، قال: أمهلوني حتى أخبر سادتنا وكبراءنا، فقال: لكم ثلاث وهذا موعود الله، قال أنت سيدهم، قال: لا ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم.
فاجتمع رستم بقادته، فقال: هل رأيتم أعز وأرجح من كلام هذا الرجل الأعرابي، فقالوا ماعاذ الله أن تميل إلى شيئ من هذا وتدع دينك إلى هذا، ما ترى من ثيابه، فقال ويلكم لا تنظروا إلى الثياب وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل ويصونون الأحساب والأنساب، وذكروا عنه أنه قال: إن العرب أهل بأس وشجاعة، وهو يعلم تمام العلم أن قبيلة من العرب "بنو وائل" هزموهم شر هزيمة في يوم "ذي قار"، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ"، فكيف لو تداعت العرب، وقد تعلم من هذا الدرس أن همة العرب كالجبال وهم قد دخلوا في دين الله.
وظلت هذه المعركة ثلاثة ليال انتصر المسلمون
بها انتصارًا عظيما، وكان للفرس سبعة عشر فيلًا تتقدم لإرعاب جيش المسلمين، ولكن
المسلمين تغلبوا على فيلة الفرس وحسبك بالقعقاع بن عمر التميمي، وكيف دوخ الفرس
وجعلهم شذر مذر وصبر المسلمون صبرًا عظيمًا إلى أن كتب الله لهم النصر وحسبك بأبي
محجن الذي أقبل وأدبر وشق صفوف الفرس وألهب الحمية في الجيش وأرعب الفرس.
وفي يوم القادسية بعض نساء المسلمين يحملن
قلوبًا أقوى من قلوب الرجال، ويتمتعن بصبر نادر لا تجد له نظيرًا عند الصابرين
الراضين بقضاء الله وقدره ويملكن حكمة تفوق ما عند الحكماء والبلغاء الذين رزقهم
الله صدق الإيمان وجميل البيان ومن تلك النساء تماضر بنت عمرو المعروفة بالخنساء
وكانت تسكن في إقليم نجد وهي من أشهر شعراء الجاهلية وقدمت أربعة من أبناءها عمرة وعمرو ومعاوية ويزيد في معركة القادسية،
وقد حثت أبناءها الأربعة على القتال دفاعًا عن الدين والوطن حيث تنقل لنا الروايات
الموثقة أنها وقبل بدء القتال أوصتهم فقال يا بني لقد أسلمتم طائعين وهاجرتم
مختارين ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو إمرأة واحدة ما خنتم أباكم ولا فضحتم
خالكم...؛ إلى أن قالت: فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين فغدوا إلى قتال عدوكم
مستبصرين وبالله على أعداءه مسنتصرين؛ فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها وجعلت
نارًا على أوراقها، فتيمموا وطيسها وجابلوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا
بالغنم والكرامة وفي دار الخلد والقيامة.
وفي هذا العصر خلال عاصفة الحزم قادسية العرب في الحديدة، قادسية سلمان ضرب إخوننا باليمن أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة والتضحية هؤلاء الذين قال عنهم نبيكم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم رجال أهل اليمن هم خير الرجال وهم خير أهل الأرض، وهم أنجع طاعة والشرعة في أهل اليمن واليمن يمان والحكمة يمانية.
منهم رجل بأمة كنا نقرأ في التاريخ عن الخنساء أنها قدمت أربعة من أبناءها في سبيل الله وهذا البطل قدم أربعة من ابناءه لتطهير اليمن من الرجس الذي ألم بها، ولما جاء أفراده في اللواء يعزونه في أبناءه قال كلكم أبنائي؛ لك الله يا أخينا اللواء مفرح أفرح الله قلبك بالنصر المبين وعوضك الله في الدنيا والآخرة أي صبرًا هذا.
أي صبرًا هذا.. أربعة من فلذات أكباده أمام عينيه؛ لكنه نظر بثاقب البصيرة أن اليمن مختطف واليمن يستحق التضحية بالمال والولد، لك الله.. لك الله، كان حقًا على كل عربي وأخص أهل اليمن أن يقبل رأسه.
أيها القراء الكرام.. لقد أفلس الحوثي وافتقد زمام الأمر وفرق الله شمله وأخذ يتخبط قبل الوقوع، انتظروا شيخًا في حرف سفيان وقتلوه في المسجد خوفًا منه وجمعوا عددًا من الصبية في حجة ورموهم بالرصاص لأنهم رفضوا الالتحاق بالجبهات كما يزعمون، وارتكبوا الموبقات في اليمن فلا عندهم مروءة الجاهلية ولا أخلاق الإسلام حسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا توجهتم إلى أحفاد بلال بن رباح إخوتنا وأحبتنا في السودان؛ فقد ترجل الأبطال وقدموا تضحيات مشرفة أسود تزأر في الميدان أبطال وقت اللقاء قلوب نقية طاهرة صادقة.
وإذا توجهتم إلى أبناء العمومة في الخليج أبطال قدموا صور مشرفة وتضحيات باسلة وعزيمة قوية وبطولة نادرة في أرض الميدان.
لقد اختلط الدم العربي في اليمن ليخرج لنا العزة والكرامة والنصر وليثبت إلى العالم أن اليمن عربية عربية، وأنها تنبذ كل دخيل عليها؛ ولذلك قدم إخواننا في اليمن تضحيات تاريخية ليطهر من الرجس الذي ألم بها (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
إنها القادسية يا سادة.. إنها العاصفة المباركة وحان وقت قطاف الثمر وتتويج ذلك النصر بحول الله وقوته فأبشروا وأمنوا خيرًا وثقوا بالله وتوكلوا عليه وأصدقوا مع الله يصدق معكم.
الحديدة دخلت التاريخ ترجل الأبطال بقوة وعزيمة وثبات، دخلوا من باب النصر يستجلبون النصر ويطلبونه من الله سلاحهم التكبير وثقتهم بالعليم الخبير وفر أنصار الشيطان من الميدان لأن قلوبهم خاوية رأوا السلاح يتكلم والأفعال تؤكد واختفت تلك الشعارات البراقة والخطب النارية وانكشف الغطاء واتضح زيف تلك المسيرة الشيطانية وانقشعت تلك الغشاوة عن السذج والمغفلين.
من صبر ظفر ومن توكل على الله كفاه ومن كان الله معه لا يخيب سعيه ولا يضل سؤله؛ فالصبر الصبر والثبات الثبات فبيارق النصر تلوح في الأفق وفرج الله قريبح أقرب مما تتصورون.
الاستماع إلى الخطبة:
اضغط هنااقرأ المزيد
إن ما يشهد به ويشاهده شعب المملكة العربية السعودية والعالم أجمع من جهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز
يتردَّد كثيرًا في مجالس النّاس هذه الأيام حديثٌ عن مرض يتخوَّفون منه ويخشون من انتشاره والإصابة به ، بين حديث رجلٍ مُتَنَدِّرٍ مازح، أو رجلٍ مبيِّنٍ ناصح،
فمع تداول صور المطاف وهو خال من الطائفين بسبب عمليات التعقيم والحفاظ على حياة الناس وصحتهم من انتشار وباء كورونا
الحمد لله الذي خلق الخلق أجمعين ورفع منهم من استقام على صراطه المستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله القوي المتين
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد ﷺ وعلى آله وصحبه الأخيار الطيبين رضي الله عنهم أجمعين
رأينا في الأيام الماضية مروقًا خراجيًّا لعماد المبيض ودعواه "كذبًا" وهو جالس على "كنبة" سعيد الغامدي في لندن أن الدولة السعودية