"أخونة التعليم".. دراسة بحثية تكشف المستور في مقررات التعليم بالمدارس السعودية


إعداد الباحثة – مشاعل العيسى

 

بعد أحداث الهشيم العربي اتهمت مناهجنا الدراسية بأنها السبب، وبدأت تظهر عبارة (أهل السنة والجماعة) فرجعت بذاكرتي لمقاعد الدراسة أقارن بين ما درست سابقاً وما تعلمته وعرفته مؤخراً فهالني كمية الأسئلة التي تتقاطع مع ما درست!.

كيف نكون على منهج أهل السنة والجماعة ولم أدرس منهجهم في باب السمع والطاعة لولي الأمر؟ و كيف أتعلم أن الإسلام دين جاء ليلغي الشرك وعادات الجاهلية وأنا لم أدرس مسائل الجاهلية؟ كنت أسمع عن الفرق والمذاهب والأفكار المنحرفة فأظنها جديدة ثم اكتشفت أنها قديمة وجدت قبل الإسلام وبعده؟ كيف لم أدرسها بالتفصيل والخطر يكمن فيها ويخرج منها؟

كيف يكون الخروج حرامًا وقد قال لي المقرر ضمنًا بأن ابن الزبير-رضي الله عنه- خرج على الخليفة الأموي وهو ما خرج؟.

كيف لي أن أبغض الخوارج وأنا قد تغنيت بـ:

أقول لها وقد طارت شعاعاً .. من الأبطال ويحك لن تراعي

فصبراً في مجال الموت صبرًا .. فما نيل لخلود بمستطاع

وفي ترجمة الشاعر الخارجي قطري بن الفجاءة كُتب: هو من الخوارج... ويوصف بالشجاعة, كيف والشجاعة خلق نبيل؟ وهم خوارج متهورون سفهاء؟! وكل ذلك وضع هكذا ولم يكتب أي تنبيه على هذا الأمر!.

كيف يمكن أن ننتقد شباب الثورات ونحن ندرس خطبة أبي حمزة الشاري (من الخوارج الشراة) وهو يحمس الشباب؟ وكنا نحفظها بحماس، (يأهل مكة، تعيّرونني بأصحابي، تزعمون أنهم شباب، وهل كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا شبابا؟ نعم الشباب مكتهلين، عمية عن الشر أعينهم، بطيئة عن الباطل أرجلهم، قد نظر الله إليهم في آناء الليل منثنية أصلابهم بمثاني القرآن ... ثم قال: الناس منا ونحن منهم، إلا عابد وثن، أو كفرة أهل الكتاب، وإماماً جائراً، أو شادّا على عضده". وها هي الثورات تمجد الشباب وتؤكد على أن ما حصل تم على أيدي الشباب.

والأدهى من ذلك أن كتبنا الدراسية حوت قصصاً لم تثبت كقصة  طلع البدر علينا، وقصة اليهودي الذي رفع رداء المسلمة وقتله المسلم, وقصة فتح عمورية و خرافة (وآمعتصماه) وخطبة طارق بن زياد التي يقول فيها: "البحر من أمامكم..."، وقصة ضرب الكعبة بالمنجنيق والتي نفاها ابن تيمية رحمه الله هذه الفرية ورد عليها حيث قال في الجواب الصحيح (5|264): «والحجاج بن يوسف كان معظمًا للكعبة لم يرمها بمنجنيق». ويقول في الرد على المنطقيين (1|502): «والحجاج بن يوسف لم يكن عدوا لها ولا أراد هدمها ولا أذاها بوجه من الوجوه ولا رماها بمنجنيق أصلا».

وقصة الحوار لذي دار بين الحجاج وسعيد بن جبير والتي لا أصل لها كما قال  الإمام الذهبي, وقصة القبطي وابن عمرو بن العاص... وغيرها الكثير الكثير من القصص التي غُرست فينا منذ الصغر, بل كان هناك نزع لجزء مهم من الحقيقة حتى في القصص الثابتة.

أما الأدب والبلاغة فلا أذكر إلا مدارس أدبية تبين لي فيما بعد أنها هي الأخرى خدعة حضارية تواطأت معها اللغة لتغسل أدمغتنا بكلمات: (النهضة والإحياء والازدهار والتجديد) وإذا بها تؤسس لحقبة من الخداع الجديد.

إن أخطر ما في الأمر هو أنه قد استقر في ذهني أن مقررات التعليم نقية جداً فكل ما تقرره ثابت، وكل شخصية تلقي الضوء عليها على سبيل المدح فما تقوله حق.

لقد كنا نستسلم لما يسمى بـ (الحتمية التعليمية)، واليوم فإن من حق العقول التي أفاقت أن تتساءل: هل ما يدرسه الجيل اليوم يهيئهم للحياة القادمة بكل صراعاتها, ويجهزهم لمواجهة الفتن المتلاحقة, ويحقق لهم الثبات على عقيدتهم, والطمأنينة على أمنهم الفكري؟ وهل ما يدرسونه اليوم  سيجعل منهم وطنيين مدافعين عن أوطانهم؟

أهمية الدراسة

تمثل هذه المبادرة الشخصية جزءاً من محاولة إصلاح التعليم من خلال التخطيط خاصة بعدما أعلنت وزارة التعليم عن خطة تطوير شاملة للتعليم في إطار برنامج التحول الوطني عام 2016م؛ (والذي يعد خارطة طريق للرؤية 2030)

مشكلة الدراسة

تتمحور مشكلة الدراسة في الإجابة عن هذا السؤال الرئيس: هل المقررات تشجع على الإرهاب و التطرف؟ وهل فيها ما يمنع من الوقوع في ذلك؟

حيث أكد أمير مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بأن التعليم مخترق ثم أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنّ عناصر من تنظيم الإخوان المسلمين اخترقت النظام التعليمي السعودي. و قال:  "إنه لا توجد دولة تقبل أن يكون نظامها التعليمي مخترقاً من جماعة راديكالية"

وبعد ثورات الحريق العربي، توجهت للمقرر الدراسي لفحص ما جاء فيه خاصة بعد بروز(داعش) على أمل أن أجد في المقررات تفاعلاً مع الواقع الذي مرت به بلادنا من الهجمات الفكرية والعملية لجماعات العنف وخاصة جماعة الإخوان ؛ حيث أن التعليم مظنة الحماية والوقاية الأولى لا يختلف في ذلك اثنان، فقمت بتحليل محتوى 77 مقرراً من مقررات التعليم في المملكة العربية السعودية للمرحلة الثانوية، للأعوام الخمسة الماضية من 1434 إلى 1439هـ وقد شملت عينة الدراسة جميع التخصصات ماعدا المواد العلمية واللغة الإنجليزية.

وتوصلت لعدة نتائج، يعنينا منها الرد على السؤال الذي أثير حول حجم اختراق الاخوان لمناهجنا الدراسية، أضف إلى ذلك خوفنا من تحقق مشروعهم (الخطة الثلاثينية للاستحواذ على التعليم) لنجيب على سؤال مفصلي: هل استحوذوا على التعليم جيلاً كاملاً؟

وقبل الحديث عن النتائج ينبغي التنبه إلى أمور:

 * أن هذا النقد ليست من قبيل البحث عن العيوب والزلات؛ بل هو من باب النصيحة التي يوجبها الدين ، و الموضوعية التي تؤكدها قواعد البحث العلمي.

* إننا عندما نتحدث عن أخونة التعليم، فنحن لا نعني اتهام مناهجنا بالتطرف والعنف، لذا فإنه ينبغي فك الارتباط بين الأخونة وبين منهج أهل السنة والجماعة التي قامت عليه هذه البلاد؛ لأن  الأخوان إنما هم عدو للسنة كما قال الشيخ الألباني _رحمه الله_

*حينما نتهم المناهج بأنها مخترقة فلا يعني ذلك أن هذا الاختراق واضح وبارز، بل إن الغموض هو الوصف المناسب لكلمة (اختراق) بمعنى أن هناك أساليب في غاية الخفاء لا تظهر إلا للمتفحص الدقيق الذي تخلى عن أي حكم مسبق.

لذا فإنه حري بنا قبل أن نستسلم للمخاوف أو للمسلمات الراسخة وتحيزاتنا الفكرية والعاطفية أن نحسم مادة النقاش بالتجربة والبرهان، وذلك بفحص المقررات وإخضاعها للبحث العلمي، للتوصل إلى معرفة مدى وجود فكر التطرف والغلو (المتمثل في منهج الخوارج عموماً والاخوان المسلمين نموذجاً ) ولننظر في الأمر من خلال أساليبهم جماعة الإخوان ، حيث أن لهم علامات يعرفون بها، منها:

1) عدم العناية بالعقيدة والتوحيد كما نص على ذلك العلامة بن باز رحمه الله.

2) الإجمال في القضايا العامة المهمة كإنكار المنكر دون شرح وتفصيل في الشروط و الضوابط.

3) التزهيد في أصل السمع والطاعة لولاة الأمر.

4) الإنكار العلني على الولاة والتحريض على الحكام، وتعظيم أخطاء الحكومة مع ستر محاسن الدولة.

5) القدح في بني أمية، ومعاوية رضي الله عنه خاصة.

6) حبهم للدولة الفارسية المجوسية ودفاعهم عنها، ولا شك أن هذا سيدفعهم للترويج للتراث الفارسي المجوسي؛ ولا نستبعد ذلك خاصة إذا عرفنا العلاقة الوطيدة بين الاخوان وإيران والخميني خاصة.

7) عدم ربط الناس بالعلماء المعروفين بسلامتهم من الحزبية (العزل القسري).

8) إدخال الناس في السياسة باسم فقه الواقع.

9) غياب معاني الوطنية في المقررات، مع التركيز على الأمة و الأممية.

10) ربط الناس بالمنهج التربوي لجماعة الإخوان من خلال تضمين المقررات لمواضيع تلمع شخصيات الجماعة وتنشر فكرهم.

11) تحريف المعاني والمفاهيم الكبرى أو تغييبها.

12) استغلال العواطف و الجنوح بها نحو الغلو والتطرف، تحت شعار البذل والتضحية بالنفس من أجل نصرة قضايا الأمة الإسلامية.

فهل ظهرت سمات هذا المنهج الإخواني في المقررات الدراسية؟ و هذا ما توصلنا إليه بعرض أبرز النتائج لدراسة بعض مقررات الثانوية في السنوات الخمس الأخيرة منها:

أولاً: عدم العناية بالعقيدة والتوحيد؛ كما نص على ذلك العلامة ابن باز (رحمه الله):

وهذه السمة لم تظهر جلية بسبب صلابة الأسس التي قامت عليها مقررات المواد الدينية، وإن كان هناك فراغ يشكل خطراً، ومع ذلك فهناك أخطاء تتعلق بالعقيدة في المقررات المرصودة، ومنها:

1) وردت عبارة فيها محظور عقدي مثل هذه المقولة: (لأن الله حاضر في كل زمان ومكان) فهذا قول باطل، وهو عقيدة الْجَهْمِيَّة والقَدَرِيَّة والْمُعْتَزِلَة (أن الله في كل مكان) وقد أفتى العلماء بأن القول بأن الله موجود في كل مكان هو قول الحلولية الملاحدة، لأن الله سبحانه وتعالى فوق سماواته، مستو على عرشه، منزه عن الحلول في مخلوقاته

2) الجرأة على القرآن الكريم والتقول على الله-عز وجل- وعدم توقير كتابه- سبحانه- ظهر ذلك في نص للجاحظ يروي فيه قصة رجل يتلاعب بآيات الله فقد ورد في القصة هذه العبارة: "فلقاه شيخ له ضفيرتان فقال:(يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج) كما قال الله (لا يعجز القوم إذا تعاونوا) فهل يليق بالمقررات الدراسية الاستشهاد بنص فيه تقول على الله؟

3) في مقرر اللغة استخفاف باسم الله (الوكيل): "فقال أحدهم عندما عُين وكيلاً في المدرسة يهنئه: (حسبنا الله، ونعم الوكيل)" فهل تليق هذه العبارة!

4) إساءة الأدب عند الحديث عن نساء النبي ووصفهن في أحد المقررات (كانت الغيرة تشغل حياتهن) فوجود الغيرة عندهن كنساء -رضي الله عنهن- لا يعني أنهن انشغلن بها بل كن منشغلات بما ينفعهن من خدمة رسول الله وتعلم العلم وبذله والإحسان للناس.

5) تكرار موضوع (الحكم بغير ما أنزل الله) و (التكفير) في كل مقررات التوحيد؛ على الرغم من أهمية إبعاد الطلاب عن مثل هذه المواضيع، فإما أن يذكر الموضوع بكل تفاصيله الصعبة والدقيقة، أو يترك لحين التخصص في الجامعة _وهو الأسلم_؛ فقد ورد في [نصيحة قيمة] للشيخ ابن عثيمين قوله حينما سئل عن الحكم بغير ما أنزل الله: "والذي أرى أولاً: ألّا يشتغل الشباب بهذه المسألة، وهل الحاكم كافر؟ أو غير كافر؟ وهل يجوز أن نخرج عليه؟ أولا يجوز؟ على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم، أو ندبهم إليها، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً، وأن يحرصوا على التآلف بينهم، والاتفاق".

6) وضع الربا ضمن مجرد المعاصي وليس الكبائر؛ رغم وجود درس يسبقه مباشرة بعنوان (الكبائر)، ولقد تردد ذكر الربا ضمن المعاصي في أكثر من موضع، بل إن الغناء سبقه في الترتيب، مما يوحي بأن الغناء أعظم من الربا!

7) تقسيم مقرر التفسير إلى أقسام محدثة ليس لها أصل:(التفسير العلمي والتجريبي) ومنها (المتعلق بالإعجاز العلمي) والكلام في هذا علاوة على عدم تحريره وكثرة الخوض فيه بالباطل  فقد حذر العلماء من الخوض فيه كابن عثيمين رحمه الله.

8) الاستشهاد بأحاديث، إما ضعيفة مثل: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" أو ما ليس بحديث مثل: "الدين المعاملة" أو مالا أصل له مثل حديث "الضعيف أمير الركب " مع عدم العناية بالتوثيق أو تخريج الأحاديث.

9) تكليف الطالب بلا توجيه ، فقد تم تكليف الطالب بأن يعبر بأسلوبه، والإفصاح عن رأيه في أمور عقدية غيبية وألفاظها شرعية وفي غاية الدقة؛ كأن يطلب منه مثلاً:

أولًا: أن يتحدث بأسلوبه الخاص عن الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالرسل دونما إرشاد إلى مرجع يستقي منه الطالب.

ثانيًا: أن يفسر بعض الآيات بالرجوع لأحد كتب التفسير دون تحديد؛ مما يعرض الطالب للأخذ من أي تفسير ولو كان فاسد الاعتقاد.

ثالثًا: أن يوفر الطالب لنفسه مقطعاً صوتياً للمشروع في وحدة الاستماع، وفي هذا خطورة فلربما يختار مقطعاً لأحد دعاة الفتنة.

10) الثناء على شخصيات وكتب كان ينبغي التحذير منها أو تركها، ومكمن الخطورة هو أن الاستشهاد بشخصية في المقرر المدرسي- الذي هو مظنة النقاء- يجعل الطالب يثق بهذه الشخصية ويبحث عنها ويقرأ لها ويتأثر بفكرها، فعلى سبيل المثال:

*الثناء على شيخ المعتزلة واصل بن عطاء مرتين، ووصفه بالفصاحة رغم أنه شديد اللثغ، وفوق ذلك هو معتزلي، قال عنه الذهبي: "إن واصل بن عطاء روى عنه جرأة على كتاب الله تعالى بسبب لثغته؛ وكان يجيز القراءة بالمعنى، وهذه جرأة على كتاب الله العزيز"

*الثناء على كتاب (إحياء علوم الدين) للغزالي، الذي حذر منه العلماء؛ وقال ابن الجوزي: أعلم أن في كتاب "الإحياء" آفات لا يعلمها إلا العلماء، وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة، وقال الطرطوشي:"لا أعلم كتاباً على بسيط الأرض في مبلغ علمي أكثر كذباً على رسول الله منه".

ثانيًا:  الإجمال والاختصار في القضايا العامة كإنكار المنكر دون شرح وتفصيل:

1) كثافة وتكرار موضوع (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) والذي تكرر في 15موضعاً، وأقحم في أمثلة مواد الأدب والبلاغة والدراسات النفسية والاجتماعية.

2) كتب في المقرر نصاً بأن تغيير المنكر:(واجب على كل فرد) وهذا غير صحيح فمن أنكر المنكر ولم يستطع تغييره فهو آثم على حسب هذه العبارة ! و( ينبغي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة) وهذا كلام فضفاض يفسره كل شخص على هواه! ويوقع الجيل في إشكالية وفوضى فكرية؛ ونحن نعلم أن النهي عن المنكر اتخذ ذريعة ووسيلة للطعن في ولاة الأمر كما جاء في وصية ابن سبأ لأتباعه من الخوارج، ويصبح الأمر خطيراً إذا لم تذكر شروط الإنكار إلا في مادة الحديث فقط وبدون تفصيل، وذلك لا يكفي؛ فإما أن توضح شروط النهي عن المنكر في كل مقرر ورد فيه أو يحال على موضع التفصيل ، أو أن يترك الكلام في هذا الموضوع الشائك في كل المقررات عدا المواد الدينية حيث يذكر بالتفصيل، مع ذكر نماذج من صور الانحراف المعاصرة في هذا الباب كالمظاهرات والثورات.

ثالثاً: التزهيد في أصل السمع والطاعة لولاة الأمر، وتم ذلك بعدة طرق، منها:

أ) الاختصار في مواضيع شائكة وشديدة الغموض على الجيل مثل: حقوق الرعية والبيعة، وحق ولي الأمر ونصيحة الحاكم، والحكم بغير ما أنزل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفكر الخوارج والغلاة... وقد برز في:

1) الاختصار في بيان خطر فرقة الخوارج (ذكرت هذه الفرقة في نصف صفحة فقط) رغم خطورتها على الأمة على مدى قرون، ولا زلنا نعاني منها، وكان الأولى بسط الحديث عنهم وتفنيد أهم شبهاتهم، وذكر صفاتهم حتى يتجنبهم النشء، أما السبئية التي ولدت الفكر الخارجي و الرافضي فقد جاءت في ربع صفحة، ثم اختفت نهائياً في الطبعات الأخيرة!

2) عدم التفصيل في درس (الولاء والبراء) ففي الموالاة لم يذكر فيها جواز الاستعانة بالأجنبي لصد العدوان، وبأن ذلك ليس من المولاة والمحبة...خاصة وأن هذه القضية هي التي أشغلت الشباب إبان غزو الكويت بسبب استعانة السعودية بالقوات الأجنبية، والغريب أن جواز الاستعانة بالأجنبي كانت قد ذكرت في طبعة 1435هـ لكنها حذفت من الطبعة 1436هـ ثم أعيدت في الطبعة الأخيرة 1439هـ، وعلى كل حال كان ينبغي ربط هذا الأمر بالواقع بذكر أهم مثال وهو(استعانة السعودية بقوات أجنبية في حرب الخليج وتحرير الكويت) مع إرفاق فتوى الشيخ ابن باز واعتماده في الفتوى على استعانة النبي بقبيلة خزاعة المشركة في حربه ضد مشركي قريش. (إن هذه الأمور من الأمور المهمة التي تسد الطريق على الخوارج الذين لوثوا فكر الشباب بشبهات حرفتهم للتكفير والخروج).

3) الاختصار في ذكر البدع الاعتقادية، ففي درس البدع ذكرت (الخوارج والمرجئة) كأمثلة فقط، وحصر البدع في بدع العبادات، رغم أن الخروج باللسان والسلاح والاعتصامات والمظاهرات هي من البدع المنتشرة في هذا العصر، وكذلك نقض البيعة والتحريض على الحكام والانتقاد العلني هو من البدع، فلماذا تم إغفال هذا الأمر الخطير؟! ومقررات التوحيد على بدع العبادات (الصلاة والحج والعمرة والميقات فقط)!.

ب) المغالطة في بعض المعاني بالتمييع والتمويه أو البتر، من خلال:

1) قصر معنى (الحكم بغير ما أنزل الله) على الحاكم والقاضي بينما هو عام في كل من تولى الحكم بين اثنين كما قال شيخ الإسلام.

2) عند الحديث عن البيعة في مادة التاريخ وردت عبارة: (الانتخاب والشورى تعكس حق الأمة ودورها في اختيار حكامها، وهذا ما جسده قول أبي بكر: "إن الله قد رد عليكم أمركم فأمروا عليكم من أحببتم" واقتبس هذا الكلام من موقع إسلام ويب من كتاب (التعددية السياسية في الدولة) للقيادي الاخواني صلاح الصاوي! وهذا الكلام خطير وهو عين ما ينادي به أصحاب فكرة (الملكية الدستورية)؛ وفيه مغالطة شرعية؛ فالحاكم أو السلطان أو الإمام في شريعة الإسلام هو مَن يحكم ويلزم له السمع والطاعة، سواء كان وصوله للحكم بالاستخلاف أو المشورة أو التنازل أو التوريث والملك أو الغلبة، وسواء توفّرت فيه صفات الإمامة أو لم تتوفر. (استخدم كتاب لصلاح الصاوي كمرجع لمادة علم الاجتماع 1436هـ للصف الثالث ثانوي).

3) البتر في بعض الدروس الشائكة، مثلاً: في شرح معنى السمع والطاعة عند الأمر بالمعصية وردت عبارة: (فإذا أمر الحاكم بمعصية فلا سمع ولا طاعة) أين بقية التفاصيل المهمة؟ لماذا  لم يتم التوضيح والتنبيه إلى وجوب الإبقاء على السمع والطاعة في المعروف، وأن هذا الأمر بالمعصية لا يسوغ الخروج على الحاكم.

4) تضخيم بعض المعاصي وجعلها أخطر من البدع، وهذا فيه تدليس على الطلاب، قال ابن تيمية: "وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب" فقد طُلب من الطالب في نصح من يرسل رسالة بلوتوث سيئة، وكتابة رسالة يوجهها لمن ابتلي بالمعاصي مثل: سماع الغناء، من يقع في الغيبة... ولم يطلب منه في المقررات جميعها نهياً عن البدع، وهذا التركيز جعل المجتمع يضخم المعاصي أكثر من البدع الاعتقادية والعملية.

5) في شرح حديث العرباض  بن سارية رضي الله عنه: (وهو من أعظم أحاديث السمع والطاعة) تم التقليل من الموضوع الرئيس (السمع والطاعة لولي الأمر) حيث اهتم الشرح بالموعظة وآدابها وأوقاتها فجاءت الفقرات الأربع الأولى عن الموعظة، أما السمع والطاعة ففي الفقرة الخامسة، فاعتنى الدرس بقول الصحابي أكثر من قول النبي صلى الله عليه سلم !

ج) بتر أجزاء من التاريخ، و محو تاريخ الخوارج:

1) حذف تاريخ الخليفتين عثمان وعلي -رضي الله عنهما- وإخفاء عصرهما بكامله من مقرر التاريخ 1439هـ والانتقال مباشرة إلى العصر الأموي، مع ذكر تفاصيل حروب أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ففقدنا الحديث عن بداية الخوارج، والنهروان، فهل هذا الحذف متعمد؟ ربما، خاصة وأننا نعلم بأن عثمان عدو الخوارج، وأن قتال علي للخوارج أمر لا ينبغي إظهاره عند الحزبيين. 

2) عدم التفصيل في بيان حال الخوارج وخطورتهم وأفعالهم الشنيعة عبر التاريخ، فقد تجاهل التاريخ وجود أكثر من 12حركة من حركات الخوارج وثوراتهم في الدولة الأموية فقط، كما لم تذكر فتنة (ابن الأشعث) والذي قد يسهم شرحها في توعية الجيل.

3) لم تذكر تفاصيل (ثورة الزنج) في العصر العباسي رغم ما فيها من عبر ودروس، كما لم تذكر فرقة (الحشاشين) رغم سوء أفعالهم واحترافهم القتل والاغتيالات والتي دوخت الدولة العباسية 22 سنة، وكذلك لم يذكر القرامطة وما أحدثوه في العالم الإسلامي، كما لم تذكر فتنة خلق القرآن والتي هي نموذجاً في التعامل مع الحكام والصبر عليهم.

4) إيراد عبارة خاطئة، وهي: (صلاح الدين غير ما كان في نفسه من الفساد فغير الله على يديه ما كان من قومه).

5) لم يذكر في تاريخ الدولة السعودية صراحة بأن نجد كانت (مستقلة) ولم تخضع للحكم العثماني أبداً. (وهو مهم للرد على اتهام السعودية بالخروج على الدولة العثمانية).

6)  تجاهل ذكر تفاصيل مجازر الدولة العثمانية في الجزيرة العربية، والاختصار في ذكر الأضرار التي تسببت بها حملة محمد علي باشا.

7) تجاهل  ذكر مقولات أئمة الدولة السعودية وملوكها عن فلسطين، والاكتفاء بذكر قول السلطان العثماني عبد الحميد! رغم نص كل ملوكها بدأ بالمؤسس رحمه الله وحتى خادم الحرمين سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله على أن فلسطين قضيتهم الأولى.

رابعًا: الجهر بالنصيحة مع الولاة والتحريض على الحكام، وتعظيم أخطاء الحكومة مع ستر محاسن الدولة، وتم ذلك من خلال القصص:

لقد استشهدت المقررات بعدد من القصص، لكن الملاحظ أن التركيز فيها كان على (ولاة الأمور والحكام والأمراء والوزراء والسلاطين) وإظهارهم بمظهر الظالم أو الجاهل أو الجبان والضعيف أو الكاذب أو الساذج، وقد برزت هذه القصص في 55 موضعاً من مقررات اللغة، وهذا لا شك له أثره في صنع صورة نمطية سيئة عن الأمراء والولاة وترسيخ فكرة فسادهم وحدهم. وقد تنوعت على النحو التالي:

أ) هناك قصص تحرض على الخروج على ولاة الأمر أو التمرد عليهم ونصحهم علناً، والتقليل من هيبتهم بالتحريض الصريح عليهم والتشجيع على الثورة والعصيان والتأصيل للإنكار العلني والاعتصامات، والتقليل من شأن ولي الأمر وتشجيع الجرأة عليه في 12 موضعاً، مثل:

1) مدح موقف عمر بن الخطاب_ رضي الله عنه_ من شروط صلح الحديبية، ورده على النبي بعبارة: (لقد سطر الفاروق أروع المواقف التوكيدية وكان واضحاً في الحق) فهل الرد على النبي وضوحاً للحق؟ وهل فاتهم ندمه على هذا؟ (ولقد تكررت هذه العبارة في طبعة 1439هـ).

2) إيراد هذه العبارة: (أبو العلاء الحضرمي قاد الجيش دون موافقة الخليفة) ثم الإخبار بأنه انتصر! وعلاوة على أنها لا تقدم فائدة، فهي تشجع على التمرد والعصيان وعدم الاستئذان من ولي الأمر عند الجهاد (كما أن الطالب قد يعتقد أن ذلك حجة للخروج لمواطن الصراع دون الرجوع للحاكم، مادام قد فعل هذا الفعل صحابي ومن قادة المسلمين).

3) ذكر قصة العز بن عبد السلام وإنكاره على الحاكم علناً؛ رغم أن فعله لا يحتج به ومخالف للشرع، إلا أن الدرس ظل يثني عليه بأنه ينهى عن المنكر ولا يخاف في الله لومة لائم، وكتب في المقرر: (انكاره على الصالح اسماعيل) وكأن المقرر يقرّ هذه الأعمال المخالفة للسنة! (ومن المعروف أن الحزبيين يستشهدون بالعز بن عبد السلام كثيراً).

4) الاستشهاد بقول العز بن عبد السلام للسلطان قطز (إذا أحضرت ما عندك وما عند حريمك وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي المحرم اتخاذها وضربته سكة ونقداً وفرقته على الجيش ولم تعلم بكفايتهم، في ذلك الوقت اطلب القرض وأما قبل ذلك فلا، فامتثل الجميع لقوله) أليس هذا تحريضاً وإثارة للشعب على أولياء الأمور؟

5) ورود هذه العبارة: (وفساد المجتمعات كثيراً ما ينشأ من فساد أكابره وزعمائه البارزين لأن هذه الطبقة هي التي تستطيع أن تصلح ما فسد وتقوم ما أعوج).

6) ورود هذه العبارة في محاضرة: (أن سبب ضياع الأمة هو ملوكها وكبرائها) فحصر سبب تأخر الأمة في الملوك وهذا فيه صرف للذهن عن الخونة والمنافقين وبقية الناس، بل إن ضياع أي أمة إنما يأتي من الخونة والمترفين الفاسقين.

7) بروز التحريض العلني في البيت الرابع لبشار بن برد وهو يصف جيشاً:

إذا الملك الجبار صعر خده            مشينا إليه بالسيوف نعاتبه

وجاء الشرح في ص 39 أسوأ من البيت نفسه: (إنه هو وقومه لا يعاتبون الملك الجبار الظالم بالكلام وإنما بالسيوف والحرب) أليس في هذا ثناء على الخروج على الحاكم بالسيف؟!! ولقد تم حذف هذا البيت من الطبعة الجديدة 1439هـ

8) إيراد مقاطع ثائرة من قصيدة "سرنديب " للبارودي، وأخطر ما وضع منها: 

يقولُ أُناسٌ، أنِّني ثُرتُ خـالِعاً... وَلَكِنَّنِي نَادَيْتُ بِالْعَدْلِ طَالِباً...أمرتُ بِمعروفٍ، وأنكرتُ مُنكراً...وذلك حكم في رقاب الخـلائق...فمثل هذه الأبيات تشحن النفوس وتجعلها تثور بدعوى النهي عن المنكر.

9) وضع قصة تشجع على (الاعتصامات وقطع الطريق) بعنوان (جلوس الغرباء) وأن المرء إذا أراد بيتاً فعليه بالاعتصام أمام باب الدار ثم يأخذه بقوته، وتكررت هذه القصة في موضع آخر في نفس المقرر.

10) الاستشهاد بقصة من كليلة ودمنة (الأسد والثور) وقد انتشرت في قوقل تحت عنوان (الحقوق) وتوحي بأن الثورات والغوغاء لا تؤثر على الشعب وإنما الملوك والحكام.

 جاء فيها: "فإن شاء الملك بعثني وأقام بمكانه حتى آتيه ببيان هذا الصوت, فانطلق دمنة إلى المكان الذي فيه شتربة. فلما فصل دمنة من عند الأسد، فكر الأسد وندم على إرسال دمنة، وقال في نفسه: وأصبت في ائتماني دمنة، وقد كان ببابي مطروحًا، وقد أبطلت حقوقه من غير جرمٍ... ودخل دمنة على الأسد فقال له: ماذا صنعت؟ وماذا رأيت؟ قال: رأيت ثورًا هو صاحب الصوت الذي سمعته. قال: فما قوته؟ قال: لا شوكة له. فقال الأسد: لا يصغرن عندك أمره: فإن الريح الشديدة لا تعبأ بضعيف الحشيش، لكنها تحطم طوال النخل وعظيم الشجر"

والذي دعاني للتفكير بهذا الشكل هو أنه قد كُتب في المقرر صراحة بأن اختيار كليلة ودمنة لغرض (تكثيف الوعي السياسي) وكلنا يعلم أن كتاب كليلة ودمنة كتاب فارسي سياسي, وليس مجرد قصص عابرة.

ب) تم الاستعانة بقصص ومقولات (لم تثبت) تحث على التحريض على الحكام والتقليل من شأنهم، مثل:

1) قصة المرأة  البرمكية التي خاطبت هارون الرشيد و دعت عليه لأنه سجن ابنها... وكأن الهدف هو الجرأة على ولي الأمر

2) قصة فتح عمورية، وخرافة المرأة التي صرخت (وامعتصماه!) وبأن الروم أهانوا امرأة مسلمة فجهز لها المعتصم جيشاً" وهذه القصة لا أصل لها، وللأسف فقد أخفى المقرر القصة الحقيقية؛ وهي أن الروم اعتدوا على مدينة زبطرة (مسقط رأس أم المعتصم) فجهز جيشاً للانتقام من البيزنطيين.

3) قصة ضرب ابن عمرو بن العاص للقبطي، وقول عمر لابن العاص: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ اضرب ابن الأكرمين) وهذه القصة ضعيفة سنداً ومتناً، واهية منكرة

خامسًا: التحامل على بني أمية في المقررات والإساءة لمعاوية _رضي الله عنه_ خاصة

لقد ظهر التحامل على بني أمية في المقررات ورميهم بالظلم والطغيان، رغم أن عهد بني أمية كان أزهى العصور، وفيه أعظم الفتوحات، وفيه اعتز العرب والمسلمون، وكانت خلافتهم أقرب للسنة ممن جاء بعدهم. وفي نفس الوقت أثنت على بني العباس، وأبرز الأمثلة:

1) التحامل على الخليفة عثمان -رضي الله عنه- وإخفاء عصره من مقرر التاريخ 1439هـ، وإذا عرفنا مدى بغض الأخوان لعثمان وطعنهم فيه زال العجب.

2) في درس الأوقاف ذُكر وقف لعمر بن الخطاب، وتم تجاهل وقف عثمان والذي لازال موجودًا حتى يومنا هذا.

3) وردت هذه العبارة عند الحديث عن العصر الأموي:" الخليفة الأموي يرشح أحد أولاده وإخوانه لولاية العهد رغم أن هذا المنهج في تولي الخلافة يختلف عما كانت عليه في عصر الخلفاء الراشدين..."

4) وردت عبارة: "يقصد بالعصر الأموي بوقت إعلان معاوية نفسه خليفة وامتد فيها حكم بني أمية بالثورات تسعين عاماً" أليس فيها فتوحات عظيمة ونهضة علمية؟

5) التحامل على الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان -رضي الله عنه- ففي درس يشجع الطلاب على (الجرأة على ولي الأمر) تحت مسمى الإبداع في اللغة خصصت ثلاث من القصص للإساءة للصحابي معاوية رضي الله عنه... يقول عبد الله بن المبارك: "معاوية عندنا محنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزراً  اتهمناه على القوم، يعني الصحابة"  فهل يحق لنا اتهام مناهجنا بمخالفة السنة؟

6) التدليس في مقرر التاريخ عند ذكر طريقة تولية معاوية_ رضي الله عنه_ يزيد الخلافة، فقد وردت عبارات غريبة وهي: (تم اختيار الخلفاء الراشدين الأربعة عن طريق الشورى والانتخاب، حيث كانت تتم البيعة الأولى الخاصة ثم البيعة العامة في المسجد، إلا أنه عندما آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان تغير نظام الشورى بتولي ابنه يزيد الحكم، وبذلك ظهر النظام الوراثي الملكي) وهذه العبارة فيها إيحاء بنقد النظام الملكي، كما أن هناك مغالطة تاريخية، فالخلفاء لم يعينوا كلهم بالشورى كما توهم العبارة. كما أنه ليس صحيحاً ما ذكر من أن معاوية رضي الله عنه لم يستشر أحداً؛ والحقيقة أن معاوية-رضي الله عنه- استشار أهل الشام، فاقترحوا أن يكون الخليفة من بعده من بني أمية، فرشح ابنه يزيد، فجاءت الموافقة من مصر وباقي البلاد، فعزم على أخذ البيعة لولاية ابنه، بعد أن شاور كبار الصحابة وسادات القوم وولاة الأمصار، وجاءته الوفود بالموافقة وبايعه الكثير من الصحابة، بل إن الذي دعا معاوية لذلك، إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس، باتفاق أهل الحل والعقد عليه.

7) إيراد أبيات عبد الله الرقيات والذي يذم فيها بني أمية وفيها ما يثير العصبية، مثل:

أنا عَنكُم بَني أُمَيَّةَ مُزوَر        رٌ وَأَنتُم في نَفسِيَ الأَعداءُ

سادساً: النزعة الفارسية في المقررات (فرسنة المقررات)

الغريب بروز النزعة الفارسية في بعض الدروس، فأكثر من يستشهد بأقواله هم من كبار الشعوبيين أو ممن كان فارسياً أو أن ولاءه للفرس، فمثلاً:

1) أكثر الشخصيات الأدبية وجوداً هما الفارسيان: بشار بن برد ثم ابن المقفع.

2) في مادة الحديث كان أول استشهاد على (الحديث الموضوع) هو: "إن أبغض الكلام إلى الله تعالى الفارسية، وكلام أهل الجنة العربية" وهناك ما هو أولى بتقديمه.

3) تكرار قصيدة الشاعر العربي البحتري في مدح وتمجيد ملوك آل ساسان وإيوان كسرى في سبع مقررات، رغم أن في شعر البحتري ما هو أولى منها؟! 

4) إيراد قصيدة لابن الرومي في مدح أخواله الفرس.

5) إيراد نص لابن العميد يحذر فيه (ابن بلكان) من عصيان البويهي والدولة البويهية  فارسية رافضية.

6) إيراد أبيات شعر لأبي الحسن الأنباري لابن بقيَّة (أحد وزراء عز الدولة  بختيار بن معز الدولة بن بويه، و من أعيان الدولة البويهية

7) إيراد أبيات لشاعر آل البيت المتعصب (محمد بن هاشم الخالدي) يمدح الوزير المهلبي (في الدولة البويهية الرافضية) والخالدي ينسب الى الخالدية (من قرى الموصل)، وبالبحث في تاريخ هذا الشاعر نجده قد سب الصحابة، ‍‍‌وله قصيدة في كربلاء جاء فيها: يُطّل ما بينكم دم ابن رسول    الله وابـن الـسفاح سـافحه

فكيف يستشهد لشاعر المتعصب في مقرر يقدم للطلاب؟! ولماذا لم ينظر لتاريخه و توجهه الديني والفكري مسبقاً؟

سابعًا: عدم ربط الناس بالعلماء المعروفين بسلامتهم من الحزبية، بل وعدم العناية بأقوال الصحابة، وربط الناس بالإخوان وتضمين مفكريهم وأفكارهم المقررات، وهو ما يسمى بـ(العزل القسري) من خلال ما يلي:

1) في درس (الحكم بغير ما أنزل الله) تم تجاهل مصدر تفسير آيات الحاكمية (التي هي مادة التكفير) وهو ابن عباس -رضي الله عنه - وجيء بتفسير التابعي (عطاء بن رباح) وكان ينبغي الإيعاز للصحابي الجليل ابن عباس ليثق  الطالب في مصدر التفسير.

2) عدم  الإشارة  إلى تفسير آية المتشابه في سورة آل عمران إلى أنها في (الخوارج) بتفسير الصحابي، ومعلوم أن تفسير الصحابي مقدم على أي تفسير.

3) لا يوجد دروس خاصة بأئمة الهدى قديماً وحديثاً، سواء الأنبياء أو العلماء ولا حتى الصحابة ولا الإمامين البخاري ومسلم، أو أصحاب المذاهب الأربعة!

4) تم التركيز على عدد من الأدباء دون غيرهم، فانحصر الاستشهاد في الغالب على: (بشار بن برد، وابن المقفع، والجاحظ، وابن الرومي، وإيليا أبو ماضي)، وكلهم قد جرحهم العلماء، وقد تم الاستشهاد بفكرهم وأشعارهم في 90 موضعاً، أما البحتري الشاعر العربي فأكثر الاستشهاد به جاء في مدح الفرس وإيوان كسرى وملوك آل ساسان، وفي المقابل تجاهلت المقررات الكثير من عمالقة الأدب في العالم العربي عرفوا بسلامة المنهج والمعتقد وروعة النظم.

5) تم الاستشهاد بأقوال لشخصيات كان  ينبغي فحص توجهاتها الفكرية والعقدية مسبقاً، ويمكن تصنيفهم كما يلي:

* من ثبت انتماؤهم لحزب الإخوان الإرهابي المحظور مثل: يوسف القرضاوي في درس (الوقت في حياة المسلم) وفي مقطع عن (الحوار بالتي هي أحسن) أو بالقيادي الإخواني الصاوي.

*تكليف الطالب بالبحث المكتبي لشخصيات من الاخوان المسلمين أو من لهم عداء مع السعودية أو الدعوة السلفية؛ ففي مادة المكتبة للصف الثاني الثانوي طلب من الطالب البحث عن هذه الشخصيات: جمال الدين الأفغاني (ملهم الإخوان) ومحمد علي باشا (عدو دولة التوحيد السعودية) ومحمد إقبال (الذي يقر بوحدة الوجود ويسيء الادب مع الله)، والشاعر التركي (ناظم حكمت) ومن الغريب أن يطلب من الطالب السعودي البحث عن شاعر تركي وبلدنا مليء بالأفذاذ! وقد جاء الحديث عنه وهذا الشاعر في مقرر آخر للغة تحت عنوان الإبداع والغريب أنه أحد أعضاء جمعية الاتحاد والترقي ومن المشاركين في حركة أتاتورك.

*تضمين المقررات لشخصيات دار حولها كلام؛ منهم من يتهم بالاشتراكية أو الوجودية أو كان ملحداً أو معتزلياً  أو علمانياً...

ثامناً: إقحام الطالب بأمور تتعلق بالسياسة:

إقحام الطالب في أمور السياسية, ففي بعض الدروس كلام عن السياسة وحتى الخطب سياسية مشحونة بالغضب والحماسة والأشعار سياسية حماسية, مما يشعرك بأنها موضوعة لهدف, فما هو الداعي لوجود أمور السياسة في المقررات رغم أن العلماء حذروا العامة وأوصوهم بترك السياسة لأهلها وحثوا على عدم إشغال الناس بها!

ففي المقرر يسأل الطالب حول أمور ليس من الواجب أخذ رأيه فيها مثلا:

1) لو طلب منك إعادة توزيع مقاعد دائمة العضوية في هيئة الأمم المتحدة, ما الدول التي تضع؟

2) سؤال الطالب عن أداء مجلس الشورى وهل حقق طموحاته وماذا ينتظر من المجلس؟ (وكأنها تجريء الطالب على النقد لمؤسسات الدولة).

3) ما طبيعة العلاقة السياسية؟ والسياسة  مصالح لا صداقة وإذا كنت تريد أن تتابع نتائج زيارة أحد السياسيين السعوديين لدولة أخرى؟  

4) اختر العنوان لأفضل كتاب يناقش قضايا المسلمين الراهنة ومن ضمن الخيارات (أمة في خطر، النداء الأخير!).

5) إيراد مقال لعز الدين الفراج يتكلم فيه عن التاريخ والسياسة.

6) هناك موضوعات في الأدب تصف الإنسان بأنه (حيوان سياسي).

7) وضع صورة تصف الحوار المسلح والحوار السياسي.

8) وردت عبارة (الوعي السياسي لدى مجتمعنا).

9) وضع عبارة عن (الساحر السياسي المعاصر) وفي نفس الصفحة وعقب هذه القطعة مباشرة تم وضع عبارة للملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- والسؤال: ألا يخشى أن يظن الطالب بأن الكلام السابق يقصد به الملك عبدالعزيز ؟ وكيف ترك هذا الأمر بلا مراجعة وتدقيق؟

10) إقحام الطلاب في أمور ليست من التعليم ولا تفيد الطالب, مثلاً: الطلب من الطالب تقديم الحلول في أزمة البطالة والسكن: (يواجه المجتمع السعودي أزمة حقيقية في مجال عدم امتلاك السكن لفئة كبيرة من المجتمع, في رأيك ما الحلول الإبداعية لحل مشكلة السكن في المملكة العربية السعودية).

11) هناك دروس كاملة وطويلة ومفصلة عن التنظيم غير الرسمي في مقرر (إدارة الأفراد والعلاقات الإنسانية) ونفس الكلام أعيد بنصه في مقرر (علم الاجتماع) وهذا (التنظيم غير الرسمي) يحتوي على كلام  يشجع على التنظيمات غير الرسمية التي لها قادة وتنظيمات وقد تستقل عن الدولة, أو تقوم بعملها, وفي هذا الأمر خطورة؛ ولا ننسى أن الاخوان لهم خبرة في إنشاء التنظيمات التي تخل بأمن الدولة, وأرى بأنه ما من داعٍ  أصلاً لوضع مقرر كامل بهذا الاسم.

تاسعًا: غياب معاني الوطنية في المقررات، مع التركيز على الأمة والأممية:

قبل طبعة 1439هـ غابت الوطنية من أغلب المقررات حتى من مادة التربية الوطنية نفسها، مما يشعر القارئ بأنه يقرأ مقررات لدولة أخرى! ولم توضع في المقرر أية قصائد وطنية، وتم تجاهل الوطن ورموزه التاريخية ورجاله الشجعان وغيبت منجزاته في المقررات بما فيها التربية الوطنية.

ثم طرأ تحسن في المقررات لعام 1439هـ فظهرت الوطنية في 35 موضعاً، وإن كانت جمل مستهلكة، كما رصدت عبارات للتحذير من الجماعات المنحرفة في تسعة مواضع، وأيضاً بعبارات مستهلكة.

ومع ذلك ظلت سيرة الملك عبد العزيز مؤسس هذا الكيان بعيدة في المقررات على مدى أربع سنوات إلا أربعة مواضع، رغم أن أجيالنا بحاجة إلى معرفة هذا البطل، ولو أن قائداً مثل الملك عبد العزيز في دولة أخرى لجعلوا منه أسطورة تخلد في المقررات جميعها، لكنه ظُلم في مناهج البلد التي أسسها!

كما لم يذكر في المقررات دور الدولة في حفظ الأمن ولم يتم استعراض القوة العسكرية وقوة الجيش، كما لم تتطرق لدور الدولة في العناية بأسر الشهداء- بإذن الله- ولم يتم التطرق إلى جهاد الدولة في سبيل الله والرباط على الحدود، رغم أننا نحارب في جبهتين، وكان ينبغي ضرب جهاد السعودية وحروبها مثالاً.

أما بالنسبة لصورة الكائن الغريب الذي وجد بجانب صورة الملك فيصل -رحمه الله- في مقرر الدراسات الاجتماعية والوطنية في طبعة 1439 فإن الصورة كانت موجودة في نفس المقرر في عام 1436هـ وفي مقرر الاجتماعيات عام 1435هـ بمعنى أنها ليست جديدة مما يؤكد أنه تم إقحام الكائن عام 1439هـ عنوة

عاشرًا: بروز فكر شخصيات من الخوارج والإخوان في المقررات وظهورهم علناً:

1) تم رصد وجود ثلاث وعشرين (23) شخصية إخوانية ضمنت في المقررات الدراسية السعودية. و هذا العدد لا يشمل المتعاطفين معهم (وتم التأكد من موسوعة الإخوان المسلمين).

2) الاستناد على مراجع من كتب مفسرين عليهم ملحوظات منهم الاخواني مناع القطان، وكان ينبغي الاكتفاء بكتب التفاسير المعتبرة عند أهل السنة.

3) الاستشهاد بخطبة كاملة لقطري بن الفجاءة رأس الخوارج يذم فيها الدنيا ويبغض العيش فيها.

4) تكرر الاستشهاد بأبيات للطرماح بن حكيم، وأبيات لحطان بن المعلى وبيت شهير لقطري بن الفجاءة

فصبراً في مجال الموت صبراً       فما نيل الخلود بمستطاع

وقد تكرروا كلهم في مقررين مختلفين.

الحادي عشر: تحريف المعاني والمفاهيم الكبرى:

هناك خطأ وتحريف لبعض المعاني والمفاهيم، والتي ربما يترتب على فهمها خطورة كبيرة، مثل: مفهوم (الخلافة والقوة والشورى والتغيير، والعلمانية) وقد جاءت على النحو التالي:

1) تحريف معنى الشورى، وجعله موازياً للانتخاب العام.

2) عُبر عن منهج وأصول اعتقاد أهل السنة في المقرر بعبارة (الخصائص التفصيلية لأهل السنة) وهذه التسمية تهون من شأن السنة، وتسميتها بـ(المنهج وأصول الاعتقاد) هي المعتمدة.

3) تحريف مفهوم (القوة) والاحتجاج بقول النبي (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) وجعلها في الصدع بالحق وقوة التعبير والرأي؛ بينما يفسرها العلماء بأنها (قوة الإيمان) ولا عجب أن خرجت جماعة جديدة سمت نفسها بـ (الصدع بالحق) مادام المقرر يحرضهم على ذلك ويعده من الأفعال التوكيدية للثقة بالنفس.

4) ذكر في المقرر بأن الدعوات العلمانية إنما هي: القومية والطورانية وهذا خداع للطالب، وكان ينبغي تسمية الشيء باسمه، فالعلمانية هي اللا دينية، فلماذا يضلل الطالب بمعلومات مغلوطة؟

5) عدم ظهور المعنى الشامل للفتن، فلقد أتى درس الفتن بمعنى (الابتلاء والشدة).

6) تسمية الدولة العثمانية بالخلافة العثمانية؛ رغم أن شروط الخلافة لا تنطبق عليها.

7) التلاعب في الألفاظ وتسمية الأشياء بمسميات سياسية، وأخطر ما في الأمر أن يكون ذلك في المقرر الدراسي، مثل كلمة: (معارضة) في هذه العبارة: (كان من الطبيعي أن يظهر الشعر السياسي وبخاصة في العراق التي تركزت فيها المعارضة السياسية للحكم الأموي) وكلمة (معارضة) من ألفاظ اليسار الغربي، وهي في حد ذاتها تعني التمرد، والمعارض إنما هو خارجي، فلماذا توضع هذه المسميات المميعة؟ ولماذا يضرب صفحاً عن المسميات الشرعية؟ 

8) تسمية بعض الأمور بغير اسمها مثلاً: يطلق على مقاومة الاحتلال الصهيوني، والاحتلال الفرنسي للجزائر كلمة (ثورة).

(إن كل دولة لا تقبل بأن توضع في مقررات الطلاب كلمات موحية بعكس ما تريد، فلقد ثار اليهود لأن وزارة التعليم في إسرائيل قد أجازت مقرراً في الجغرافيا (موجهاً للطلبة العرب في الصف الثالث الابتدائي) ينص على أن المواطنين العرب طردوا من منازلهم وصاروا لاجئين لأن قراهم هدمت أثناء الحرب) وأن العرب يصفون ماحل بهم باسم (النكبة) وصارت كلمة (النكبة) محل جدال ونقاش حاد ووصفت العبارة في المقرر بأنها معادية للصهيونية، ووصفها رئيس حزب الليكود نتنياهو بأنها تهدم القيم الصهيونية، ووصفها البقية بأن قرار فسح المقرر بالقرار المخزي، وأنه تهور، وأنه من التدخل السياسي...و وصفوا ما حصل بالنكبة، رغم أن المقرر وصف ما حدث من الروايتين جميعاً اليهودية والعربية).

الثاني عشر: استغلال العواطف والجنوح بها نحو الغلو والتطرف، تحت شعار البذل والتضحية بالنفس من أجل نصرة قضايا الأمة الإسلامية، وذلك من خلال:

1) التركيز على معانٍ تتعلق بالرجولة والشباب وشحنهم ، والأخطر هو تحريضهم على التضحية وبذل النفس، فقد برزت في (عشرة مواضع)، بعضها مقالات طويلة (فمن غير المعقول أن تحتل ثلاثة مواضيع 22 صفحة من مقرر مكون من 108 صفحة، عن الشباب وتحريضهم على البذل والتضحية وتحميلهم المسؤولية).

أما محمد البهي فقد وضع له في المقرر مقال (الشباب والحياة) قال في آخره ( فيا أيها الشباب اجعلوا سعيكم نحو القوة إلى القوة الحق والإيمان به, واجعلوا ميلكم إلى التضحية والفداء في سبيل هذا الحق وفي سبيل الداعي إليه, إن الحياة مرة واحدة  فأولى بها أن تكون في نصرة الحق, ونصرة قائده وأنتم الذين تضربون المثل في التضحية عن يسر وعن رضا".

(إن عبارة: إن الحياة مرة واحدة فاجعلها لله) هي من أقوى العبارات التي تدفع الشباب إلى الموت في العمليات الانتحارية، وقد سمعت بإذني في اعترافات من التحقوا بداعش ما يتطابق مع هذه المقولة تحديداً.

أما أحمد أمين فمقالته التي وضعت في المنهج كانت عن (الرجولة في الإسلام) جاء فيها: "وهذا عمر كان يقول: يعجبني من الرجل إذا سيم خطة ضيم, أن يقول: لا, بملء فيه, ويضع الخطط لتمرين الولاة على الرجولة فيكتب اليهم :اجعلوا الناس في الحق سواء قريبهم كبعيدهم وبعيدهم كقريبهم, ويعلمهم كيف يسوسون الناس: لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تجمروهم, ولا تبقوهم في أرض العدو فتفتنوهم ولا تمنعوهم حقوقهم  فتكفروهم ...كان هذا العصر مظهراً للرجولة في جميع ميادين الحياة، تقرأ تاريخ المسلمين فيملئوك روعة، وتعجب كيف كان هؤلاء البدو- وهم لم يتخرجوا في مدارس علمية ولم يتلقوا نظريات سياسية حكاماً وقادة لخريجي العلم ووليدي السياسة" و الدرس جاء في خمس صفحات, بينما في مقررات  مصر والجزائر جاء  في نصف صفحة، وتم انتقاء أفضل جزء منه وهو: (الرجولة صفة جامعة لكل صفات الشرف: من اعتداد بالنفس واحترام لها و شعور عميق بأداء الواجب مهما كلفه من نصب... ) كما أن هذا المؤلف له كلام سيء في معاوية رضي الله عنه.

2)  امتلأت المقررات بكلمات الإحباط واليأس والحزن والبكاء والدموع والتذمر والنحيب حتى في الأعياد، فجاءت مقررات الأدب والنحو متخمة بالقصص الحزينة والأشعار المؤلمة وعبارات تبغض في الحياة، بل وفيها تمني الموت، كما تقوم على إبراز مآسي المسلمين وآلامهم بلغة حانقة حزينة تحمل الشباب المسئولية، وقد ظهرت هذه التعبيرات عن المشاعر السلبية في أكثر من 58 موضعاً من المقررات.

3) التركيز في المقررات على قضية الفقر، وظهرت مفردة (الفقر) في 16 موضعاً

4) الفن الشعري الذي غلب على الأدب والبلاغة هو الحماسة والقتال، يليه الرثاء والبكاء والنحيب أو أبيات تشجع على الموت وتزهد في الحياة، بل وحتى العبارات جاءت تشجع على القتال والتمرد، وندر وجود شعر الحكمة، وخلت تقريباً من منظومات أدبية في التعليم والأخلاق والفضائل؛ رغم كثافة وجودها في تراثنا.

5) الاعتماد على لغة الترهيب والتخويف من غير أن يقابله ترغيب أو تشويق.

6) التركيز في المقررات على الظلم والمظلومية و(لغة الحقوق) وقد ظهرت في 42 موضعاً! مع تعميم مبدأ (حرية الرأي) وحرية النقد من غير تفصيل ومن غير استثناء، ونحن نعلم أن أهم الحريات التي تسببت في مشاكل أمنية وسياسية إنما جاءت من المطالبات بحرية الرأي، حتى أن بعض الموقوفين وأصحاب الجرائم الإرهابية يسميهم البعض (سجناء الرأي) ومن الأمثلة على ذلك: 

*تكرار مقال المنفلوطي في الحرية المطلقة للنقد وبدون حدود ولا قيود  

*تكرار مقال عن حرية التعبير لمرزوق بن تنباك

*انظر إلى هذين البيتين لأحمد شوقي في قصيدة (نكبة دمشق):

   إذا ما جاءهم طلاب حق     يقول: عصابة خرجوا وشقوا

    بلاد مــات فتيتها لتحيا       وزالـوا دون قومهم ليبقوا

إن شاباً يقرأ مثل هذه الأبيات سوف لن يفكر في ظروف ذلك الزمان، لكنه سيربط بينها وبين ما يقال عن الخوارج (خرجوا وشقوا عصا الطاعة)، كما أنه سيحرص على الموت لتحيا أمته؛ وهذه المعاني هي عين ما ينادي به الخوارج القعدة.

نتائج أخرى:

1) خلو المقررات من أهم الأخلاق الكلية، والقيم الأساسية العظمى التي جاء الإسلام لتثبيتها، فلا تجد التركيز إلى على القيم التي تخدم الثورات كقيمة العدل وحرية الكلمة والتصرف، والمؤلم حقيقة أن هو أن المقررات حثت على بعض الرذائل وزينتها  (وسأفرد لها مقالاً خاصًا).

2) معظم المخالفات تركزت في مواد اللغة العربية في الدراسات الأدبية والبلاغية ثم التاريخ والدراسات النفسية والاجتماعية، أما مواد الدين فلم يرد فيها أخطاء وإنما نقص ينبغي استيفاؤه.

3) الاستشهاد في مواد اللغة والدراسات النفسية والاجتماعية والوطنية والأسرية بكتاب (معاصرين أحياء) وهذا أمر لا ينبغي في المقررات بالذات لأنهم سيكونون موضع القدوة، فمادام المرء من الأحياء فإنه لا يؤمن عليه من الفتنة... ومن الأمثلة على ذلك (الاستشهاد بكتابات وعبارات لكل من: محمد راتب النابلسي، وعبد الله الغذامي، وزياد الدريس، إبراهيم القعيد، ومرزوق بن تنباك، عبد الكريم بكار، وعبد الرحمن العشماوي، وكثير من المعاصرين وخاصة الكتاب في وسائل الإعلام) خاصة وأن تراثنا يزخر بشخصيات عظيمة رحلت.

4) الإحالة إلى مصادر مشبوهة، أو غير مؤكدة، كـ (العقد الفريد) الذي مليء كذباً و(الأغاني) و(المستظرف في كل فن مستطرف) أو مصادر غير معروفة بالتوثيق كالإحالة إلى الصحف، أو إلى مواقع الانترنت مثل: إسلام ويب، وإسلام أون لاين، أو الإحالة إلى مجلات كمجلة البيان أو إصدارات الندوة العالمية للشباب الإسلامي.

5) الإيحاء بالصورة: ظهرت بعض الصور التي قد ترمز لدلالات لا تتوافق والغرض من التعليم؛ وفيها ما يشجع على السلوكيات المنحرفة مثل وضع صورة (شيشة) وقيل للطالب تحتها: (قم بتمثيل الدور)! أما مبحث الأدب العربي الحديث فعبر عنه بصورة رجل يلبس طربوش (رمز الحقبة التركية) أما غلاف مادة التاريخ في ط 1439هـ وضع وسطه (جامع السلطان أحمد في اسطنبول) كما لا تزال صورة (قبة الصخرة) على أنها صورة لـ(المسجد الأقصى).

ملخص لعدد التكرار لأهم الأفكار في المقررات خلال أربع سنوات


الخلاصة:

1) لم تبرز في المقررات تحولات وعدت بها وزارة التعليم في إطار برنامج التحول الوطني، والتي ساهمت بها عام 2016م وأعلنت عن خطة تطوير شاملة للتعليم.

2) أجريت بعض التعديلات على طبعة عام 1439هـ فيما يخص المواد الدينية والتاريخ والدراسات الوطنية، بينما بقيت كما هي عليه منذ عام 1436 في مواد اللغة وفنونها والدراسات النفسية والاجتماعية، بل ظهرت تشبه ما قبلها حد التطابق.

3) المواد الدينية قوية ومؤصلة تأصيلاً علمياً متوافقاً مع القرآن والسنة وفهم السلف، وليس فيها ما يشجع على التطرف والتكفير، ولكن في المقابل ليس فيها ما يمنع من التطرف بوضوح وشفافية.

مقترحات وتوصيات:

لا بد من الاعتراف بضعف قدرة وزارة التعليم على التصدي للفكر الضال، ولابد من العمل على حل هذه المشكلات عن طريق التعليم، ومن أهم المقترحات ما يلي:

1) وضع خطة استراتيجية للمنهج الدراسي تستلهم أهدافها من رؤية 2030 تقرر تدريس مقررات جديدة مثل (مقرر الأخلاق) و(التربية الإعلامية) و(الأمن الفكري) لأهميتها في التوعية والتحصين.

2) عمل خطة إنعاش عاجلة بإرسال ملحق خاص بـ(منهج أهل السنة والجماعة في السمع والطاعة ولزوم الجماعة وبالتفصيل) للمرحلة المتوسطة والثانوية، وإلزام المدارس بتدريسه واختبار الطلاب فيه، أو تضمينه في اختبارات: (قياس، والتحصيلي، واختبارات القبول في الجامعات)

3) دعوة وزراء التعليم العرب لحلّ أزمة العقيدة في المقررات والمناداة بالحل الفكري قبل الأمني عبر إدخال ملخص منهج أهل السنة والجماعة لمقررات هذا الجيل، وتفنيد شبهات الخوارج، والتحذير من الفرق والأحزاب.

4) الحرص على سد الثغور التي ينفذ منها أهل البدع إلى الشباب، بتعبئة الفراغات والبسط في العلم الشرعي وليس القبض فيه والاختصار، والعناية بالتفاصيل في أمور عقدية قد تستغلها الفرق والأحزاب لتجنيد الشباب ضد بلدانهم.

5) البعد عن العموميات التي قد يفهم منها عكس مقصدها وقد تستخدم في أغراض أخرى، وخاصة حينما يتعلق الأمر بقضايا كبرى مثل: الجهاد أو التكفير أو إنكار المنكر.

6) تقديم تفسير الصحابة على تفسير التابعين، والاعتماد على تفسير العلماء الثقات، وانتقاء الآيات التي تختارها الفرق المتطرفة وتحريرها من التأويل المزيف.

7) إنشاء وحدة تنقية لجميع المقررات، وليس الدينية فحسب، تشرف عليها هيئة كبار العلماء، وإحالة تأليف مقرر الحديث لمجمع  السنة النبوية.

8) تخليص التاريخ من الكذب، وتصفية التراث من الآثار المكذوبة عن السلف أو القادة أو الخلفاء.

9) الدقة في اختيار القصص والحرص على أن تكون ذات فائدة وتحمل قيماً نبيلة، والدقة في استخدام المفردات، والتنبه للكلمات التي يكتب بها المقرر (مقرر الجغرافيا لثالث ابتدائي في إسرائيل مرّ على 30 مدققاً قبل إقراره).

10) حذف قصائد الحماسة والقتال واستبدالها بقصائد مفيدة تتضمن القيم والأخلاق الفاضلة وتعليم العلوم.

11) إشاعة روح التفاؤل والسعادة والابتعاد عن لغة الحزن واليأس والقنوط، وتهيئة الطلاب للحياة وليس الموت.

12) الحرص على مدلول الصور التي تصاحب الدروس والعناية بما يمكن أن توحي إليه

13) الاستشهاد بقدوات حقيقية ماتت وهي على منهج الحق، واختيار الكتابات الرصينة والمفيدة لهم.

14) توثيق النصوص والأحاديث النبوية، والإحالة إلى مصادر أصيلة وموثوقة.

15) تضمين مفردات التربية الوطنية في جميع المناهج الدراسية بحيث تصبح جزءًا من المناهج الدراسية جميعاً.

16) كتابة أسماء واضعي المقررات وتحديد كل شخص مسؤول عن أي معلومة، والمحاسبة في حالة الخطأ الذي لا يغتفر.

17) طلب تقرير مفصل من وزارة التعليم يثبت تحقيقها لما جاء في خطة التحول الوطني لرؤية 2030م.

18) التركيز عند بناء المناهج على نظريات التعلم الحديث، خاصة نظرية (التحصين) لمنع حدوث الإقناع المضاد.

19) إنشاء لجنة رقابية على مستوى عالٍ من الاحترافية وحريصة على تطبيق الأمن الفكري، مع الرسوخ في العلم الشرعي واللغة العربية.

إن أهم مقترح هو (إنشاء هيئة فكرية تتولى صنع المناهج الدراسية للتعليم العام والتعليم الجامعي) يشرف عليها هيئة كبار العلماء، ومرتبطة بخادم الحرمين الشريفين -حفظه لله-، وأن تكتفي وزارة التعليم بالعمل التنظيمي والإداري فقط).

وأخيرًا.. "فإذا كان المهم البناء في المستقبل... فإن الأهم منه الآن: وقف الهدم".

تنويه هام:

الدراسة شملت تحليل محتوى 77 مقررًا من مقررات التعليم في مقررات التعليم في المملكة العربية السعودية للمرحلة الثانوية, للأعوام 1435- 1436- 1438 -1439هـ.

 

اقرأ المزيد

داعية يحذر من أساليب الخوارج في تجنيد الشباب خلال شهر رمضان

حذر الشيخ عبدالمحسن باقيس، الداعية البارز، من الأساليب التي تنتهجها التنظيمات الخارجية وعلى رأسها تنظيم "الإخوان" الإرهابي لتجنيد الشباب في رمضان.

الأربعون الإخوانية.. أبرز الصفات التي تكشف الجماعة الفاسدة

بعد صدور بيان هيئة كبار العلماء في التحذير من جماعة الإخوان المسلمين - الإرهابية - ، نضع بين أيديكم هذه النبذة المختصرة التي تكشف لكل محب وأخ تربطنا به أخوة

مجالات استخدام الجماعات المُتطرفة للقوة الناعمة.. "الإخوان" أنموذجًا

تكلمت في مقالٍ سابق عن أساليب هذه الجماعات المُتطرفة في استخدام القوة الناعمة

الدكتور عبدالسلام السحيمي يوضح أسباب الانحراف في الفكر وسبل الوقاية

استعرض الدكتور عبدالسلام بن سالم السحيمي، رئيس الهيئة الاستشارية بالجامعة الإسلامية، أسباب الانحراف في الفكر وسبل الوقاية من ذلك

"داعش" و"البيتكوين".. كيف استغلت الجماعات المتطرفة العملات الافتراضية لنقل أموالها؟

كشفت دراسة حديثة عن أسباب حرص الجماعات الإرهابية المتطرفة على استخدام العملات الافتراضية، أهمها إخفاء هوية مستخدمي هذه العملات.

جماعة المستتركين الجدد

منذ ستة قرون تقريبًا كان يوجد جماعة المستتركين، والتي مهدت الطريق للأتراك لكي يجتاحوا العالم الإسلامي بحجة تطبيق الشريعة

تعليقات


آخر الأخبار