لماذا تحاربون الإخوان وتتركون اليهود والنصارى؟
بقلم - الشيخ سالم باجابر
إمام وخطيب جامع الأميرة شيخة بنت عبدالعزيز
"سلم منكم اليهود والنصارى والليبراليون ولَم يسلم منكم إخوانكم ".. كلمة يرددها دون أن يعيها، يسمعها كثيرًا ولا يتأملها فأعجبته؛ فقالها لكل من يخالف جماعة الإخوان ويبين عوارهم وخطرهم .
سألني ذات مرة لماذا الكلام في هذه الجماعة وبهذا التركيز؟، هل هم أعداء للسنة وأهلها حتى تشنون عليهم هذه الحملات؟، أليس لهم ربٌ يحاسبهم؟؛ أليست الجنة والنار بيد الله يدخلها من يشاء؟، فأجبته على سؤاله بعدة نقاط :
أولاً: تلبسهم بلباس أهل السنة وهم ليسوا من أهل السنة ولا يحبونها؛ والواقع يشهد بذلك من نصبهم العداء لدولة التوحيد إما تصريحًا أو تلميحًا أو دعمًا لمن يكيد بدولة التوحيد وأهل السنة عمومًا، ويوجد مقطع صوتي لـ"العلامة لألباني" رحمه الله عندما سئل عن جماعة الإخوان: هل هم من أهل السنة، فقال: هُم لا يحبون السنة، فكيف يكونوا من أهلها .
وهنا ممكن أن يسأل شخص كيف تقول أن جماعة الإخوان ليسوا من أهل السنة؟، فأقول إن أغلب الناس المتعاطفة مع هذه الجماعة لم يقرأ شيئًا عنها ولم يقرأ كتبهم ولم يسمع عن أصول هذه الجماعة أي شيء ولو في أصلٍ واحد من أصولهم وهو الخروج على الحاكم المسلم، والذي أوهموا أتباعهم فيه أن المسألة خلافية بين العلماء ويستدلون بفعل الحسين بن علي والزبير رضي الله عنهم، ولا يذكرون للناس أن هذا كان اجتهادًا منهم وأن العلماء قد أجمعوا بعدما رأوْا فسادَ هذا الفعل على عدم الجواز على الحاكم المسلم ولو كان ظالمًا، ونقل الإجماع ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى وغيرهم.
قَالَ الإمَامُ أَحْمَد بنُ حَنْبَل: «أَجْمَعَ سَبْعُونَ رَجُلاً مِن التَّابِعِينَ وأَئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَأَئِمَّة السَّلَفِ وفُقَهاء الأَمْصَارِ، عَلى أنَّ السُّنّة التي تُوُفّي عَلَيْهَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ـ وَذَكَر مِنْهَا: والصّبر تحتَ لِوَاء السُّلطان عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ عَدْلٍ أو جَوْرٍ، ولا نَخرُج عَلَى الأُمرَاء بالسَّيْفِ وَإنْ جَارُوا»، جَلاءُ العَيْنَيْن في مُحاكَمَةِ الأَحْمَدَيْنِ، نُعمان بن مَحمُود الأَلُوسِي (226).
ونقل الإجماع جمع ليس المجال هنا لحصرهم .
ثانيًا: شدة عدائهم لأهل السنة، ولَك أن تتأمل كيف يقفون مع مشاكل الدولة التي تمثل أهل السنة في هذا الزمان موقف العداء وكيف يقفون مع دولة تركيا الصوفية العلمانية الذي أقر رئيسها بالعلمانية موقف المدافع عن كل مصائبها ويبررون لها كل خطيئة، وإذا لم يجدوا تبريرًا، قالوا من بقايا أتاتورك العلماني ولا يستطيع إزالة هذا المنكر بالسهولة التي تتصورها؛ رغم أن أردوغان يقول نحن نسير على خطى أتاتورك، وهناك رسالة لطيفة للأخ الشيخ صبري المحمودي يُبين فيها أوجه المقارنة بين منهج الإخوان والعلمانية وبين منهج أهل السنة والجماعة، وكيف تتوافق هذه الجماعة في مبادئها مع مبادئ العلمانية التي يتشدقون بمحاربتها أمام البسطاء والمغفلين .
ثالثًا: منهجهم المنحرف وتمييعهم لمسائل العقيدة التي جاء النبي صلى الله عليه وسلم لنشرها، وفِي دفاعهم عن علمانية أردوغان وتركيا خير شاهد فقد مكثوا سنين يتظاهرون بمحاربة العلمانية؛ ولما جاء أردوغان بعلمانيته قالوا لابد من التفريق بين العلمانية المتشددة والمسالمة، وأين هذا التفريق سابقًا فقد كانت كلها كفر، وأيضًا من نظر لهيئة علماء المسلمين الذي يترأسه القرضاوي هداه الله وكفانا والمسلمين شره الذي جاء لسحب البساط عن هيئة كبار علماء المملكة، رئيسه إخواني أشعري ونائبه الأول إباضي والمعروف عن الإباضية من كتبهم أنهم يسبون عثمان وعلي، ونائبه الثاني شيعي اثنى عشري ولا يخفى على عاقل مذهب بعض المتشيعين من سبهم وطعنهم في أبي بكر وعمر وتقديسهم لعلي والأمين العام للهيئة محسوب على السنة سلمان العودة صاحب الفكر الخارجي الداعي للثورات في العالم العربي سوى بعض الدول التي يواليها .
رابعًا: مما يجعل الناس المصلحين يكثرون الحديث عنهم شدة انخداع الناس بهم؛ فهم يلبسون على الناس بالحرص على السنة ومصلحة الإسلام وغيرها من المزاعم فوجب التنبيه من خطرهم أكثر من غيرهم من اليهود والنصارى والرافضة لأن خطر اليهود والنصارى واضح جلي لجميع الناس، ولا يخفى حالهم على أحد، وأما المبتدعة كالإخوان وأمثالهم من الصوفية والتبليغيين فقد يحسن الناس بهم الظن، وكما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (٢٨ / ٢٣٢): (فساد اليهود والنصارى ظاهر لعامة المسلمين فأما أهل البدع فإنه لا يظهر فسادهم لكل شخص).
خامسًا: هناك مبدأ سيئ لديهم وهو الذي تم بناء وإنشاء هيئة علماء المسلمين التي يترأسها القرضاوي على هذا المبدأ وهو نجتمع في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه فيجتمع الصوفي والأشعري والإباضي والرافضي مع بعض لأن هناك مبادئ يتفقون عليه وهو الله واحد ونبينا محمد وديننا الاسلام ويختلفون في أمور أخرى لا يتطرقون لها البتة ولو كانت عقيدة كفرية .
هناك تنبيه أحببت الإشارة إليه؛ قد يأتي إليك أحدهم ويقول إن علماء الأمة قد أثنوا عليهم خيرًا مثل ابن باز وغيرهم من العلماء رحمهم الله فأقول نعم قد تجد من بعض العلماء الصادقين ثناء عليهم قبل أن يظهر لهم حالهم وفسادهم لأنهم بشر لا يعلمون الغيب، ولأنهم صادقين فإنه لما ظهر لهم أنها جماعة فاسدة بادروا بالتحذير منها ولم يخشوا في الله لومة لائم .
وليس الكلام فيهم أو فيمن يدعمهم من الدول والسياسيين أمر تتوق النفس للكلام فيه فالسياسة لها أهلها وحكام المسلمين لهم السمع والطاعة في غير معصية ولا يجوز الكلام فيهم والتحريض عليهم لكن لما التبس الحق بالباطل وظهر الباطل على أنه الحق وجب التنبيه لذلك، واّلله المسؤول أن يصلح حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأن ينصر سنة نبيه ويعلي كلمته.
اقرأ المزيد
إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ
عندما ننظر إلى جهود الفِرق الباطنية غربية كانت أم شرقية نجد أنّها تتجه إلى ضرب المُكَوِّنات المجتمعية
من فطرة الله أنّ المجتمع البشري يتكون من عدة أجزاء وأعضاء وذلك لتحقيق سنة التكامل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم الدين
للديمقراطية طرح ثقافي في السياسة ينطلق من المذهب الفردي المعادي لرابطة الجماعة، وهذا الطرح يؤسس للخروج على ولي الأمر ويسوغه
نجد لكل دعوة منحرفة على وجه الأرض عناصر وعوامل نشطة متغيرة تؤثر على سير هذه الدعوة أو تلك وتحرف وتُحرّف مقصدها وعنوانها الكبير والذي في الغالب يكون ظاهره الحق.