وثائق "أبوت آباد" تكشف.. طهران الملاذ الآمن لجماعات التطرف والإرهاب
تنظيم القاعدة تمكن من البقاء على قيد الحياة بدعم من المخابرات الإيرانية
واصلت وثائق "أبوت آباد" كشف ألغاز علاقة النظام الإيراني مع كافة التنظيمات الإرهابية المسلحة، بدءًا بالجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية، وصولاً بحركتي "حماس" و"الجهاد"، وانتهاءً بتنظيم القاعدة.
وخلال مطالعة إحدى وثائق "أبوت آباد"؛ لأحد عناصر تنظيم القاعدة يقيم في طهران، استعرض "براغماتية" النظام الخميني في تعامله المبكر مع الجماعات "الجهادية" المتطرفة، خلال ما وصفه بـ "السنين العجاف" التي تلت مواجهة الأمن الجزائري للجماعة الإسلامية المسلحة، وكذلك ملاحقة الجماعة المقاتلة في ليبيا ما بين العام 1995 و1997.
وأضاف: "زاد الإحباط والضغوط على الحركة الجهادية في كل مكان، وتقاربت هذه الإحباطات زمنيًا مع أحداث كبيرة أخرى، منها طرد حكومة السودان للإخوة على رأسهم الشيخ أسامة وجماعته، والجماعة الليبية المقاتلة وغيرهم".
واستطرد: "المقصود هنا أن هذه الفترة وهي على وجه التقريب سنوات 1997-2000، كانت شديدة على الإخوة جداً من كل الجماعات الجهادية العربية، خصوصًا قبل التعرف على طالبان، ولجوء الأكثرية إليها.. حاولت الكثير من الجماعات إيجاد ملاذات وملاجئ لقياداتها ولأفرادها، وقد سبق إليها الإخوة المصريون من الجماعة الإسلامية، فذهبوا إلى إيران واستوطنوها كي يرتاحوا ويكونوا قادرين على العيش بهناء نوعًا ما، ويمارسوا بعضًا مما يمكنهم من العلم لبلدهم وقومهم".
وتابع: "تكلموا مع الدولة الإيرانية وتفاهموا معها على الإقامة عندهم بشكل رسمي، مستغلين التناقض والتنافر بين إيران ومصر، وكانت لهم تجربة في ذلك، قالوا عنها فيما بعد (أعني إخوة الجماعة الإسلامية مثل الشيخ محمد شوقي الإسلامبولي وأبي حازم مصطفى حمزة، وأبي ياسر وغيرهم)".
وأوضح أن "من بين الجماعات التي فرّت إلى إيران وفكروا في التعامل وإقامة علاقة مع النظام الإيراني كانت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وكان رأي الأخ أبي عبدالله الصادق وجماعة من القيادات هو الإقدام على ذلك للحاجة الشديدة، ولأن النظام الإيراني علاقته سيئة بنظام القذافي، كما هي سيئة بالنظام المصري، لكن كان رأي اللجنة الشرعية وعلى رأسها الشيخ أبو المنذر ومعه الشيخ أبو يحيى وغيرهما، عدم جواز ذلك إلا في حال الضرورة".
وقال: "لم نصل إلى حال الضرورة بعد، مع أن أبا عبدالله الصادق وغيره يقولون إنها كانت ضرورة".
إلا أن رفض اللجنة الشرعية بحسب كاتب التقرير لمسألة اللجوء إلى إيران، لم يمنع قيادات الجماعة من ابتعاث بعض عناصرها إلى طهران، خلال فترة تواجدها في تركيا قائلاً: "في السنة بين 1998-1999 كانت قيادات الجماعة متمركزة في تركيا، وبعثت بعض الإخوة إلى إيران أحدهم من القيادات وهو أخ أعرفه جيداً من أحبابي، وهذا الأخ من الكوادر الموهوبة، وتعرف في مدينة قم على بعض الإخوة العرب، هناك منهم جزائريون وتونسيون وغيرهم ممن يدرسون هناك، وهم يعيشون في إيران من زمن، وإخوة آخرون ممن دخلوا إيران أيضاً من الليبيين والمصريين، وعلى معرفة بأناس من حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيين ويقيمون في إيران، والمعارف والعلاقات يجر بعضها إلى بعض".
كشف كاتب التقرير أنه وعقب إعلان الملا محمد عمر الانسحاب من قندهار، وتسليمها لمجلس القبائل في 21 رمضان 1422، إثر الضربات الأميركية التي أعقبت عمليات الحادي عشر من سبتمبر، جاءت أوامر قيادات تنظيم القاعدة بالانسحاب إلى مدينتي خوست وجرديز، وهناك عقد كل من سيف العدل، وأبو مصعب السوري، وصاحبه أبو خالد السوري، وأبو الليث الليبي، وأبو عبد الرحمن الكندي، وآخرون لم يسمهم لدراسة الحلول، فكان من ضمن المقترحات كما ذكر: "الاتصال بحزب الله في لبنان، وذكر بعضهم أن حزب الله فعلاً أرسل مندوبًا لا أدري أين وصل ومع من تكلم، بلغني أنهم جاؤوا أو أرسلوا عن طريق بعض القيادات الأفغانية، وعرض المساعدة لإيواء الإخوة، وكان من ضمن الأفكار التي طرحت فكرة من الأخ أبي مصعب السوري، حيث اقترح أن يتولى هو الاتصال بالنظام العراقي كان آنذاك نظام صدام حسين، وذكر أنه يعرف بعض الشخصيات القديمة المرموقة في نظام صدام، ممن عرفهم أثناء إقامته في العراق أوائل الثمانينات من القرن الماضي، أثناء جهاد الإخوة في سوريا وتجربة حماة، وأنه يمكن الاتصال بهم وتجديد العلاقة، وأنه يتوقع أنهم يساعدون بإيواء الإخوة".
وأضاف: "حينها، واجهتنا مشكلة كبيرة وهي: كيف نفعل بهذا العدد الكبير من الإخوة وأين نؤويهم؟ ولا شك أنها مسؤولية كبيرة جدًا".
وقال القيادي في تنظيم القاعدة: "بعد سقوط الإمارة الإسلامية في أفغانستان، وانسحاب الطلبة والإخوة المجاهدين المهاجرين العرب وغيرهم، توجه معظم الإخوة المهاجرين إلى باكستان، وتوجه قسم آخر إلى إيران رأسًا، فمن توجه إلى باكستان من مكث فيها، ومن ذهب إلى إيران كذلك، وكنتُ أنا شخصيًا ممن خرج إلى وزيرستان ثم إلى كراتشي، وبقينا فيها حوالي 3 أشهر، ثم جاءنا أمر من الإخوة بالتوجه إلى إيران، وكانت أوامر القيادات هكذا، سواء قيادات القاعدة أو الجماعة المقاتلة أو غيرهم كثير، فدخل جمهور كبير من الإخوة إلى إيران، بعضهم بتأشيرة رسمية أخذوها من القنصلية الإيرانية في كراتشي، وبعضهم دون تأشيرة أصلاً. وجاء دخول الإخوة إلى إيران على دفعات متعددة".
ووفقًا لما ورد في الوثيقة، تم تفويض أبي حفص الموريتاني من قبل القيادات في تلك المرحلة بـ "قيادة الأزمة"، وكان أول الوافدين إلى طهران بصحبة مجموعة أخرى من القيادات المتوسطة والصغرى في القاعدة، إلى جانب عدد آخر من عناصر الجماعات الأخرى كالجماعة المقاتلة بقياداتها والجماعة الإسلامية المصرية وبقايا جماعة الجهاد المصرية، والجماعات الشامية كجماعة الزرقاوي وغيرهم.
الشروط التي اشترطها الإيرانيون من أجل الإقامة "أمنية فقط"
وأوضح: "كان التفويض الذي عند أبي حفص هو أن يتولى التفاهم مع الإيرانيين ليسمحوا لإخواننا بالعبور والإقامة بداية في إيران، وما علمته بعد ذلك من إخوة كانوا قريبين من أبي حفص، ومن أوائل من دخلوا إلى إيران أن الإيرانيين في البداية رحبوا، وبالفعل حددوا نقاطاً وشروطاً مع أبي حفص الذي اعتبروه مسؤولاً على الإخوة جميعا".
وتابع: "من ضمن الشروط التي اشترطها الإيرانيون ألا يستعمل الإخوة الهاتف نهائيًا، أي يمتنعون عن الاتصالات الهاتفية، لأن أميركا تراقب الاتصالات، وأن يسكنوا في بيوت يؤجرونها، لكن لا يعلمون أي نشاط ولا تحركات وتجمعات تلفت الأنظار، والحاصل أنها كلها كانت شروطا أمنية، ووافق أبو حفص والإخوة على ذلك".
وعن طبيعة تعامل الاستخبارات الإيرانية مع عناصر التنظيمات المتطرفة والوافدين الجدد إلى طهران قال: "كانت معاملة الإيرانيين من الاستخبارات وغيرهم للإخوة معاملة طيبة، بل كانوا في الغالب يبتسمون في وجوه الإخوة ويعبرون لهم عن محبتهم ويعتبرونهم أبطالاً، وبالنسبة للأفراد العاديين في الاستخبارات أو البيشج وغيرهم، فهؤلاء كانوا صادقين في محبة الإخوة، وكانوا ينظرون إليهم كأبطال ضربوا أميركا فعلاً، ووجدنا في الشيعة الرافضة من يحبنا ويحترمنا جداً، جلس الإخوة في إيران، وكان معظمهم في مدينة زاهدان".
على خلفية عدم التزام عناصر تنظيم القاعدة ومقاتلي الجماعات الإسلامية الوافدين إلى طهران ببنود الاتفاق المبرم بينهم وبين جهاز الاستخبارات الإيراني والحرس الثوري، وعجز أبي حفص عن السيطرة على عناصره، عمد النظام الإيراني إلى إنشاء مجمعات سكنية مخصصة، بهدف عدم تسرب معلومات عن تواجدهم في طهران، وقال: "ما حصل أن إخواننا لم يلتزموا بالاتفاقات، ولم يكن أبو حفص قادرًا على السيطرة عليهم، فقد كانوا من جنسيات مختلفة وأشكال وأنواع من البشر، وكان فيهم المستعجلون والفوضويون فلم يلتزموا بشرط استخدام الهواتف والموبايلات، ولا بشروط التحرك اللافت والتجمعات، فاشتروا السيارات وأخذوا يتحركون كما يحبون ويتجمعون، وصارت لهم في مدة وجيزة شبه مضافات، وحركة لافتة جداً في المدينة، وتحدثوا مع الإخوة في الشيشان بشكل مباشر".
وأكمل: "في هذه المرحلة استطاع أخونا أبو حفص أن يرتب لكثير من شباب الجزيرة "السعودية وغيرها" أن يسافروا ويرجعوا إلى بلدانهم، أو يمشوا إلى بلدان أخرى مثل سوريا وغيرها، وكان عناصر المخابرات الإيرانية متعاونين جداً ويساعدون في تسفير أي أخ يريد السفر".
وأضاف: "فجأة أطلق الإيرانيون حملة مداهمة، وقبضوا على الإخوة من القاعدة، وكثير منهم كانوا شباباً عاديين من الجزيرة والكويت، وغيرها من بلدان المغرب العربي، وقليل من القاعدة القدامى المعروفين، ونجا بعض الإخوة من الحملة ممن كانوا في بيوت غير معروفة، كانت هذه الحملة الأولى في زاهدان، حيث كان الإخوة في البداية يتصرفون في زاهدان كأنهم في بيشاور أيام 1989 و1990".
وجاء تبرير الحرس الثوري لهذه الحملة وفقاً لما ذكر: "أن الإخوة فوضويون وأنهم لم يلتزموا بالشروط والعهود، وقالوا إن الأميركيين قد سجلوا الكثير من اتصالاتكم، وأتوا بها إلينا واحتجوا بها علينا، وأننا نؤوي إرهابيين، والآن أخباركم طلعت وفشت وهذا خطر علينا".
فكان من نتائج هذه الحملة، تفرق عناصر الجماعات المتطرفة بين عدد من المدن الإيرانية فكان: "الكثيرون منهم قصدوا طهران، وأصفهان، وشيراز، ومشهد، وبندر عباس، وغيرها، وصار الجميع يستأجرون بيوتاً عن طريق إخواننا الموثوقين من أهل السنة، ممن هب كثير منهم لخدمة إخوانهم، وكان الإخوة يزوّرون الوثائق، وهو أمر بسيط جداً في إيران، كما أن الإيرانيين كانوا يخيرون الأخ ويسألونه: "أين تريد أن تسافر، اختر مكاناً تسافر إليه وجهز نفسك"، وإذا لم يكن عنده أوراق (جواز سفر) يقولون له دبر لنفسك جوازاً: اذهب إلى الزنقة الفلانية في طهران واشتر جوازاً وهي زنقة مشهورة في وسط العاصمة طهران، ومعروفة بأنها مأوى التزوير والمزورين للجوازات والبطاقات وكل الأوراق، وهذا كله الذي أقوله لكم ثابت وصحيح، لأن الكثير منهم خرجوا ثم عادوا، كان أحسن خيارات الإيرانيين إما بلدك أو باكستان أو العراق أو ماليزيا، وكانت تركيا أيضا خياراً لا بأس به".
عناصر الجماعات المسلحة تلقت معاملة حسنة من النظام الإيراني
تضمنت الوثيقة وفقًا لما جاء فيها من تفاصيل شرحًا وافيًا عن طبيعة تعامل النظام الخميني مع عناصر الجماعات المسلحة قائلا: "المعاملة منهم كانت حسنة جدًا وفي غاية الاحترام، عندما يقبضون على الإخوة يعاملونهم بكل احترام، لدرجة أنهم يعتذرون منهم ويقولون لهم دائما: نحن مضطرون للقبض عليكم لمصلحتنا ولمصلحتكم، ونحن نعاني من ضغوط كبيرة جدًا، كما تعرفون، ونحن نحبكم وغير ذلك، وكانت المعاملة محترمة جدًا.. لا ضرب، ولا إهانة، ولا كلمة توجع، ولا غير ذلك، ولم يحققوا مع الإخوة أو مع معظمهم أي شيء يسمى تحقيقًا، كانوا فقط يجلسون مع كل أخ جلسة يعملون له ملفًا ويسألونه عن اسمه وبلده وعمره والمعلومات العامة، ووضعوهم في سجون محترمة إلى حد ما، بل في بعض الدفعات الأولى وضعوا الإخوة في فنادق، يعني شبه إقامة جبرية فقط، حتى يسفروهم، وقع هذا في البداية مع إخوة ليبيين وغيرهم، وبعضهم من معارفي الشخصيين، ويقدمون لهم أكلاً جيداً، ولم يعتدوا على أحد، ولا أخذوا أموالاً من أحد، إلا الأموال التي يجدونها مخزنة في البيوت، عندما يقتحمون المنازل وعندما طالب بها الإخوة كانوا يقولون لهم: هذه نصرف عليكم منها".
اقرأ المزيد
احتفاء كبير لقنوات وإعلام تنظيم الإخوان الإرهابي مع أول ظهور لحركة عزم، بالتزامن مع تقارير إخبارية أعدتها قناة الفتنة "الجزيرة القطرية"
حذر عمرو فاروق، الباحث في شؤون التطرف، من خطورة تنظيم الإخوان الإرهابي في اليمن، مؤكدًا أنهم يلعبون على كل الأطراف من أجل تحقيق مصالحهم.
تكلمت في مقالٍ سابق عن أساليب هذه الجماعات المُتطرفة في استخدام القوة الناعمة
استعرض الشيخ محمد بن حسن الشهري، مدير إدارة الدعوة بفرع الوزارة بمنطقة عسير، استراتيجيات الجماعات الضالة في التغرير بالشباب
بعد صدور بيان هيئة كبار العلماء في التحذير من جماعة الإخوان المسلمين - الإرهابية - ، نضع بين أيديكم هذه النبذة المختصرة التي تكشف لكل محب وأخ تربطنا به أخوة