آيتان في كتاب الله عز وجلّ تبطلان منهج الإخوان المسلمين
بقلم - عبد الصمد بن أحمد السلمي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعدُ: فهاتان آيتان في كتاب الله عز وجلّ تبطلان منهج الإخوان المسلمين وجميع حركات ما يسمى بـ"الإسلام السياسي" من أصله.
1. قال تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون}، سورة الذاريات (56).
وجه الدلالة من الآية: أن الله خلقنا لغاية عظيمة، وهي عبادته سبحانه وتعالى، وأعظم العبادة ومعناها الحقيقي هو إفراد الله عزوجلّ بها، وتوحيده سبحانه وتعالى؛ إذ لا معنى للعبادة من دون توحيد رب العالمين؛ قال الله تعالى عن أعمال المشركين وعباداتهم: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}، سورة الفرقان (23).
ولذلك فسّرها السلف الصالح كابن عباس - رضي الله عنه - بالتوحيد، واختاره الإمام ابن جرير الطبري؛ فقال: معنى {يعبدون}؛ أي: "إلا ليقرّوا لي بالعبودية" جامع البيان (11/ 476)، وتابعهما الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتابه العظيم "الأصول الثلاثة".
وينظر لمزيد معاني هذه الآية: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ص/ 17 - 18 ط ابن حزم).
وحقيقة دعوة حركات الإسلام السياسي من الإخوان المسلمين وغيرهم هي أن: "الله خلقنا لنحكم !!"، وهذا تحريف للحكمة العظيمة التي خلقنا الله من أجلها.
الله سبحانه خلقنا لحكمة عظيمة هي: "أن نعبده وحده لا شريك له"، وهذا هو معنى: "شهادة لا إله إلا الله"، وينظر للمزيد في تفسير معناها: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن (35 - 39 ط ابن حزم).
وأصل الفكرة الإخوانية هي من اليهود الذين يرون أنفسهم أحقّ بحكم العالم، وأن غيرهم من الأممين "الجوييم" حيوانات خلقت لتخدمهم!
ولذلك كان اليهود أحرص الناس على الحياة الدنيا وأعشقهم للخلود فيها؛ كما قال تعالى عنهم: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة}، سورة البقرة (96).
ووصفهم الله جلّ وعلا عنهم أنهم يفرّون من الموت فرارا؛ فقال: {قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين* ولا يتمنونه أبدا بما قدّمت أيديهم والله عليم بالظالمين* قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون}، سورة الجمعة (6 – 8).
هاته الفكرة أوّل من أدخلها في عصرنا الحاضر إلى بلاد الإسلام الماسوني جمال الدين الأفغاني الرافضي، وهذا الأفغاني يعتبر عبد الله بن سبأ المعاصر أو الجديد.
وعنه تلقفها الإخوان المسلمون؛ كما تجده في كتاب "التطابق بين الشيعة الرافضة وفرقة الإخوان المسلمين وصفحات من تاريخهم"، للشيخ جمال الحارثي.
قال الإخونجي زعيم المربين عندهم عبد الله ناصح علوان السوري: "والسعي إلى إقامة حكم الله في الأرض، غاية الغايات"، كتاب تربية الأولاد في الإسلام (ص/ 13).
ويقصدون بـ: "إقامة حكم الله" هنا؛ وصولهم للسلطة، لأن الحكم لله هو أن يحكم الطائفة المختارة بالعناية الإلهية "الإخوان المسلمون"، وقد كتب يوسف القرضاوي كتابا بعنوان: "الحل الإسلامي فريضة وضرورة "، ويعني بـ: "الإسلامي": الإخواني؛ ولذلك لا يعترفون بأيّ دولة تحكّم الشريعة - كالمملكة العربية السعودية - ليست بإخوانية.
ثمّ هم من خبثهم فسّروا توحيد الإلهية الذي خلقنا الله من أجله بتوحيد الحاكمية؛ أي: تحكيم الشريعة الإسلامية، مع أنهم لمّا وصلوا للحكم في مصر على يد محمد مرسي قال - صراحة -: "الشريعة موجودة في الدستور المصري من قديم، من سنة 1923!!"، وهاهم الآن يمجّدون الرئيس التركي أردوغان مع أنه يعلن صراحة أنه علماني!!
وتطبيق الشريعة يكون بالنصح لوليّ الأمر وتذكيره بذلك والتعاون معه عليه، لا على غشّه والحقد عليه والتربّص به للانقضاض عليه بالمظاهرات والاعتصامات لتغييره والانفراد بالسلطة بدله؛ قال الإمام عبد العزيز ابن باز: "إذا لم توجد محاكم شرعية، فالنصيحة فقط، النصيحة لولاة الأمور وتوجيههم للخير، والتعاون معهم حتى يحكموا شرع الله... يُتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن حتى يحكموا شرع الله في عباد الله، وإلا فواجبه النصح، وواجبه التوجيه إلى الخير، وواجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن، هذا هو واجبه، قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن باز (8/ 207).
2. قال تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}، سورة القصص (83).
وجه الدلالة: أن عبادة المسلم من صلاة وزكاة وصيام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغيرها هي أصالة لدخول الجنة والنجاة من النار، ولا يصحّ صرفها لنيل عاجل الدنيا "التمكين"؛ بل التمكين فضل من الله يؤتيه من يشاء، وفي الحديث: [من كانت الدنيا همه فرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة] رواه ابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه (رقم 3313).
وما مكّن الله للسلف من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - إلا أنهم عملوا للآخرة؛ فآتاهم الله الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [صلاح هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والشح]، رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة (رقم 3427).
وينظر في تفسير هذه الآية: التفسير الميسر لنخبة من العلماء (ص/ 359 ط مجمع الملك فهد )، وتيسير الكريم الرحمن للشيخ عبد الرحمن السعدي (ص/ 595 ط ابن حزم).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: [بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض - الراوي: وهو يشكّ في السادسة -؛ قال: فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب] رواه أحمد في المسند (رقم 21220)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 117).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - : [يقول ربكم تبارك وتعالى: يا ابن آدم تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، وأملأ يديك رزقا، يا ابن آدم لا تباعد مني؛ فأملأ قلبك فقرا، وأملأ يديك شغلا]، رواه الحاكم في المستدرك، وصححه الشيخ الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (رقم 1127).
وبين النبي - صلى الله عليه وسلّم - في حديث "تداعي الأمم" أن سبب ضعف المسلمين أمام عدوّهم الكافر هو: [حبّ الدنيا وكراهية الموت]، رواه أبو داود، وصححه الألباني في الصحيحة (رقم 958).
وقد خالف الصحويّون الإخوانيون هاته الآية بأفعالهم - وإن وافقوها بأقوالهم -؛ فتجد محاضراتهم كلها بكاء وخشوع وتذكير بعذاب القبر والآخرة، وهذا حقٌّ ومعتقد سلفي؛ لكنّ المشكلة أنه من باب: "كلمة حقّ أريد بها باطل"؛ بدليل أننا شاهدنا أولئك الصحويين من أشدّ الناس تكالبًا على الدنيا ومتاعها الزائل، واسأل عن رحلاتهم إلى تركيا لتصوير برنامج "سواعد الإخاء"، واسأل عن توريطهم شباب المسلمين في مواطن الصراع مع بقائهم هم بين أبنائهم وفي بيوتهم يلعبون ويمرحون، واسأل عن نهبهم لأموال المتبرعين باسم "نصرة قضايا الأمة"، واسأل، واسأل،...؛ يأتيك اليقين.
وقد شابههم أناس ينتسبون للسلفية - زورًا وكذبًا - وهم منهم؛ فقالوا للناس - من باب الترقيع والنقد الذاتي: "إذا أردتم التمكين في الأرض فاعملوا عمل الآخرة للدنيا، واعلموا أنّ أيّ تفريط في عمل الآخرة سيخسركم الدنيا!! وأنّ ما وقع لحركات الإسلام السياسي من انتكاسات هو بسبب شيء من تفريطهم في عمل الآخرة!!"؛ وهذا زيادة في الغيّ والضلال، وإغراق في تطبيق قاعدة: "الله خلقنا لنحكم" الإخوانية.
والصواب: أن عبادتك بجميع أنواعها كلها لله وللنجاة يوم القيامة، وما آتاك الله من فضل الدنيا من رفعة ونحوها لاستقامتك على شرعه لا يكن هو همك ولا أكبر علمك؛ بل القاعدة هنا كما هي في كرامات الأولياء: "كن طالبا للاستقامة، لا طالبا للكرامة".
قال شيخ الإسلام أيضًا: "ولهذا يوجد كثير من السالكين لا يطلبون التقرب إلى الله، وطلب رضوانه ورحمته والنجاة من عذابه، بل إنما مطلوبهم نوع من المكاشفة والتأثير، فيطلبون علما يستعلون به على الناس، أو قدرة يستعلون بها على الناس، وذلك من باب إرادة العلو في الأرض والفساد، فيعاقبهم الله بنقيض قصدهم.
وكرامات أولياء الله تجيء ضمنًا وتبعًا؛ فإنهم يقصدون وجه الله، فتجيء المكاشفات والتأثيرات تبعا لا يقفون عندها، ولا تكون هي أكبر همهم ولا مبلغ علمهم"، الرد على الشاذلي (صـ 24).
قال الله سبحانه وتعالى: {فأعرض عمن تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم}، سورة النجم (29 - 30).
اقرأ المزيد
وسبب وسمي له بـ "أخزم الحزبي" ذلك لمشابهة فعله في شنشنته بـ "شنشنة أخزم
كشفت دراسة حديثة عن أسباب حرص الجماعات الإرهابية المتطرفة على استخدام العملات الافتراضية، أهمها إخفاء هوية مستخدمي هذه العملات.
استعرض الدكتور عبدالسلام بن سالم السحيمي، رئيس الهيئة الاستشارية بالجامعة الإسلامية، أسباب الانحراف في الفكر وسبل الوقاية من ذلك
استعرض الشيخ محمد بن حسن الشهري، مدير إدارة الدعوة بفرع الوزارة بمنطقة عسير، استراتيجيات الجماعات الضالة في التغرير بالشباب
تكلمت في مقالات سابقة عن أساليب هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في استخدام القوة الناعمة، والتي منها: القدرة السياسية والمعنوية والتقنية والاقتصادية
تكلمت في مقالات سابقة عن أساليب هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في استخدام القوة الناعمة