"السنة الأمازيغية".. بذور انفصالية وأكاذيب تاريخية ومخالفات عقائدية!
محاولات حثيثة تجريها المنظمات الأمازيغية من عام لآخر مع اقتراب يوم 13 من يناير لأجل جعل هذا اليوم عيدًا وطنيًا رسميًا باعتباره رأس السنة الأمازيغية؛ وينظم المطالبون بذلك تظاهرات تهدف في الخفاء إلى الانفصال عن باقي الشعوب العربية الإسلامية في شمال أفريقيا، وتشكيل وطن أمازيغي تسميه "تامزغا" يمتد من أقصى موريتانيا حتى واحة سيوة في مصر، كشوكة جديدة في جسد الوطن العربي والإسلامي.
حقيقة السنة الأمازيغية التاريخية
يروج الأمازيغ الكثير من الأكاذيب حول السنة الأمازيغية المسماة بـ "يناير"، وفي حقيقتها ليست سوى تقويم يولياني نسبة إلى الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر Jules César الذي اعتمده رسميًا سنة 45 قبل الميلاد.
وهذا التقويم اليولياني أخضع لسلسلة من التعديلات الفلكية بطلب من رجال الدين في مرحلة تالية بعد تحول روما إلى النصرانية واتخاذها دينا رسميًا للإمبراطورية.
وقد اعْتُمِد تقويم يولويوس قيصر لفترة تاريخية امتدت إلى غاية القرن السادس عشر، حيث تم تعويضه بالتقويم الغريغوري الذي اشتقت تسميته من اسم البابا غريغوري الثالث عشر الذي حض الفلكيين على تعديل التقويم اليولياني لعدم دقته بالقدر اللازم، وهذا التقويم الغريغوري هو التقويم المعتمد إلى يومنا هذا.
والاسم الذي يحمله هذا التقويم "ينَّاير"، ليس سوى اسم أول شهر في التقويم اليولياني الروماني.. فيناير بتشديد النون ليس اسما أمازيغيا كما يدعي البعض ممن يعملون على تأسيس ذاكرة مزورة.
و"ينَّـــاير" Yennayer ليست سوى النطق الروماني للفظة Janvier، والتسمية الإنجليزية لهذا الشهر أي January تثبت القرابة بين التسمية الرومانية والتسمية المستعملة اليوم في كل اللغات العالمية.
وتؤكد المعاجم أن Janvier الذي يقابله يناير في اللغة العربية، هي لفظة مشتقة من اسم الإله جانوس Janus إله البوابات والمداخل والإنتقالات والطرق والممرات والمخارج في الميثولوجيا الرومانية.
ويُرْمَز لهذا الإله بصورة إنسان بوجهين، ينظر أحدهما جهة اليمين والآخر جهة اليسار، مثله في ذلك مثل الباب الذي له وجه ظاهر ووجه باطن، أي أن أحد الوجهين ينظر للمستقبل والوجه الآخر ينظر للماضي، وهي نفس خاصية شهر يناير الذي "ينظر" بوجه لنهاية السنة التي توشك على الانتهاء، وبالوجه الآخر للسنة الجديدة التي توشك على البدء والانطلاق، وكل رموز هذه التسمية إذن لاتينية رومانية، فكيف يصح الحديث عن التقويم بوصفه أمازيغيا.
تزوير التاريخ من أجل خدمة المشروع الانفصالي
عمل أصحاب الدعوة إلى الاحتفال بالسنة الأمازيغية على تزوير التاريخ ليتوافق مع توجهاتهم الانفصالية، وقد تمثل ذلك في اختراع حدث تاريخي يقوم في تفصيلاته على الكذب، فاعتبروا أن السنة الأمازيغية تعود إلى حدث انتصار الملك شيشنق أو شيشونغ على فرعون مصر عام 950 قبل الميلاد، وربطوا هذا الانتصار الموهوم بهذا التقويم واعتبروه منطلقا للاحتفال بهذه السنة.
وكل ذلك عبارة عن أكاذيب وقراءة ناتجة عن الدراسات الفرنسية والأمازيغية النزوعية، التي أعطت لهذه المناسبة تسمية عرقية لتحقيق أهداف جيوستراتيجية، وتحقيق مآربهم نحو الانفصال.
و"شيشنق" هذا لا علاقة له بالأمازيغية فأصول جده الخامس ترجع لإحدى واحات الصحراء الليبية، وقد ورث وظيفة الكهانة عن أسرته التي انخرطت في السلك الديني الفرعوني.
أما الأسطورة السياسية التي اخترعها المستعمر الفرنسي والأمازيغ عن هجوم شيشونغ على مصر وانتصاره على الفراعنة، هدفها خلق نوع من العداء الوهمي بين مصر ودول المغرب العربي ككل.
والعداء يتوجه إلى مصر بالذات لأنها تعتبر داعمة للعمق العربي في المنطقة المغاربية التي يراد لها أن تسجن في عرق أمازيغي نزوعي ضيق، يقوم على العداء لكل ما له علاقة بالعرب والمسلمين.
أهداف انفصالية استعمارية
تهدف تلك الدعوات في حقيقتها إلى إلقاء البذور الانفصالية في بلاد المغرب الإسلامي، بحيث يصبح لـ"الأمازيغ" رموزهم الخاصة وتقويمهم، ولـ"العرب" رموزهم وتقويمهم الهجري الذي يرتبط برسول "عربي"، وللأمازيغ تقويمهم الذي يرتبط بـ"شيشنيق".
إن الدعوة إلى اعتماد هذا التقويم ليست مجرد دعوة إلى الاحتفال بمناسبة سنوية، وإنما مشروع انفصالي طائفي وخطوة أساسية لإعادة قراءة تاريخ بلاد المغرب الإسلامي، ومما يدلل على هذا ابتكارهم لغة أمازيغية مصطنعة تقف في وجه اللغة العربية.
وبذلك تقابل السنة الهجرية بالسنة الأمازيغية، وفي مقابل اللغة العربية تخترع لغة أمازيغية غريبة لا يعرفها أحد إلا مخترعوها، وفي مقابل المغرب الإسلامي ينادى بالوطن الأمازيغي تامزغا وفي مقابل اللغة العربية تعلم الأبجدية الأمازيغية التي تسمى "التيفيناغ".
الحكم الشرعي
وعن ﺣﻜﻢ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑـ"السنة اﻷمازيغية"، يقول الشيخ محمد علي فركوس، أحد علماء الجزائر المشهورين، إﻥَّ هناك ﻔﺮقًا ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ، فاﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺴﺎﺋﺮ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﺼﺢ ﺇﻻّ ﺑﻤﺎ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻭُﺟﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺃﺿﻴﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﺃﻣَّﺎ ﺇﺫﺍ ﺧﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﻗﺮﺏ، ﻭﻟﻤَّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﻭﺗﺨﺼﻴﺺ ﺃﻳﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺍﻹﻃﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﺟﺎﻧﺴﺖ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ ﺃﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺧﻰ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﻮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﺮﺑﺔ ﻭﺍﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻛﻼً ﻭﺷﺮﺑًﺎ ﻭﻟﻬﻮًﺍ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﺮﺍﺡ، ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﺎﺩﺓ ﻓﻘﻂ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﻟﻤﻼﺑﺴﺘﻬﺎ ﻷﻓﻌﺎﻝ ﺃﻋﻴﺎﺩ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺇﻻَّ ﻋﻴﺪﺍﻥ ﻋﻴﺪ ﺍﻷﺿﺤﻰ ﻭﻋﻴﺪ ﺍﻟﻔﻄﺮ.
ﻭيضيف في فتواه: "ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺈﻥَّ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﻔﺼﻮﻝ ﻫﻮ ﺃﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺎﺑﺌﺔ ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺆﺛﺮﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﺠﺎﺩ ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ، ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺷﺮﻛًﺎ ﺃﻛﺒﺮ، ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺇﺫﺍ ﺣﻤﻠﻨﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻈﻤﻮﻥ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﺎﺣﺘﻔﺎﻟﻬﻢ ﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻛﺎﻟﻜﺮﺯ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﻟﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﺖ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﻻﺷﻚ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﺼﺎﺑﺌﺔ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﻣﻦ ﺷﺎﻛﻠﻬﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺟﻌﻞ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﺮﻋﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻴﺪﺍ ﻣﻌﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗُﻘَﺪِّﻣُﻮﺍ ﺑَﻴْﻦَ ﻳَﺪَﻱِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ﴾ [ﺍﻟﺤﺠﺮﺍﺕ : 1]".
واختتم فضيلة الشيخ فركوس، قائلًا: "ﺇﺫ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺃﺑﻄﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺟﺪ ﻟﻸﻧﺼﺎﺭ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻳﻠﻌﺒﻮﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻭﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻧﻬﺎ ﺃﻋﻴﺎﺩﺍ ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ: (ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻗَﺪْ ﺃَﺑْﺪَﻟَﻜُﻢْ ﺑِﻬِﻤَﺎ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻷَﺿْﺤَﻰ ﻭَﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﻔِﻄْﺮِ)، ﻛﻤﺎ ﺃﻥَّ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎﻝ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻣﺎ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻬﻢ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻴﺮﺍ ﻟﺴﺒﻘﻮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻛﻞ ﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ ﻭﻛﻞ ﺷﺮ ﻓﻲ ﺍﺑﺘﺪﺍﻉ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ".
اقرأ المزيد
كشف موقع تحقيقات استقصائية بريطاني عن تمويل قطري ضخم لأنشطة الإخوان في هولندا
تبادل "ثالوث الإرهاب" تنظيم الحمدين ونظام الملالي وتنظيم الإخوان الإرهابي "الغزل" في أروقة مؤتمر تستضيفه الدوحة
ليست الحملة الأولى ويبدو أنها لن تكون الأخيرة التي تستهدف حسابات وطنية وقفت في عنفوان الأزمات تغرد بالحق وتدافع عن أهله
نفي عبدالعزيز بن سعود العسكر، المتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية، ما أشيع حول إغلاق المعاهد القرآنية في السعودية.
أشاد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، على الجهود التي تقدمها وزارة الشؤون الإسلامية
سد بيان النيابة العامة الإماراتية حول وفاة المعتقلة علياء عبد النور، بسرطان الثدي صبيحة السبت، الطريق أمام متاجرة تنظيم الإخوان الإرهابي