عضو "كبار العلماء" يوضح موقف المسلم من الجماعات والأحزاب والفرق والتنظيمات
الشيخ سعد بن ناصر الشثري: اجتماع الكلمة من أعظم مقاصد ديننا القويم
أوضح الشيخ سعد بن ناصر الشثري، المستشار بالديوان الملكي، وعضو هيئة كبار العلماء السعودية، موقف المسلم من الجماعات والأحزاب والفرق والتنظيمات، مؤكدًا أن اجتماع الكلمة من أعظم مقاصد الدين القويم.
وقال "الشثري": "أعظم المقاصد التي جاء بها ديننا القويم أن تجتمع الكلمة ويتلاحم الناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ)، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمنُ للْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشدُّ بعْضُهُ بَعْضًا)، وكما قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)".
وأضاف: "من هذا المنطلق علينا أن نستشعر هذا المقصد العظيم الذي تجتمع به كلمتنا ومن ثم كل ما يناقض هذا المقصد فهو مخالف للشرع والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الناهية عن الاختلاف والتضاد كثيرة متعددة ومن ذلك قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وكما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، ومثل هذا في قوله جل وعلا: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ) فدل هذا على أن الاختلاف يناقض حالة الرحمة وأن الرحمة في التآلف والاجتماع والاتحاد لا التفرق والاختلاف".
وأكد عضو هيئة كبار العلماء، أن الشريعة جاءت بعدد من الوسائل لتحقيق هذا المعنى، ومن ذلك أمر المؤمنين التحلي بالأخلاق العالية؛ فإن الخلق الفاضل يدفع الناس نحو التكاتف ومراعاة بعضهم البعض الآخر، كذلك تقرير فريضة الزكاة له معان وحكم منها تآلف الناس، أيضًا أمر الشريعة بحفظ اللسان والنهي عن الغيبة قال تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضًا) من أجل اجتماع الكلمة.
وتابع: "من هذا المنطلق أيضًا أمرت الشريعة بالسمع والطاعة لأصحاب الولايات كل على قدر مسئوليته؛ الأستاذ يطاع في قاعته، والعميد يطاع في كليته، وصاحب الإدارة والوزارة حتى نصل إلى صاحب الولاية الإمام الأعظم فإنه يتقرب إلى الله عز وجل بالسمع والطاعة له".
وأوضح أن السمع والطاعة فائدته لا تعود إلى صاحب الولاية فقط؛ بل إن انتظام أحوال الأمة واجتماع كلمتها والنظام العام يحفظ بهذا المبدأ الشرعي الذي جاءت به النصوص؛ فإذا كان هناك ولاية انتظمت أحوال الناس ولم يتمكن من أراد ظلمًا بالعباد أو أخذًا لحقوقهم من تحقيق مراده المخالف للشرع ومن ثم يتمكن الناس من تحقيق العبودية إلى المولى عز وجل، مضيفًا: "إذا لم يكن هناك سمع وطاعة لصاحب الولاية فسدت أحوال الخلق، ولن يأمن الإنسان على نفسه؛ لهذا جاءت النصوص صريحة بالسمع والطاعة كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره".
ولفت إلى أن الشريعة جاءت بأن يسمع إلى الإمام ويطاع ولو كان عنده المعاصي ولديه مخالفات شرعية وأحوال فقر وشدة بأس، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع والطاعة، فقال: (ولو على أثرة منا) يعني إذا كان هناك نقص في أحوال الناس واستئثار من صاحب الولاية بما لدى الناس.
وشدد المستشار بالديوان الملكي، على ضرورة مواجهة كل ما يؤدي إلى اختلاف الناس وتضادهم وتفرق كلمتهم أيًا كان مسماه أو السبب الداعي إليه ومن أمثلة ذلك أن تكون الانتماءات سببًا في الفرقة سواء انتماء إلى قبيلة والافتخار بالانتماء إلى بلد ما؛ كذلك الانتماءات إلى أحزاب وتنظيمات توجد الفرقة وتخالف كلمتهم؛ فعلينا أن نتقرب إلى الله عز وجل بالوقوف في وجهها.
إذا لم يكن هناك سمع وطاعة لصاحب الولاية فسدت أحوال الخلق
وأضاف: "على مدار التاريخ أظهرت جماعات وأحزاب وفئات شعارات براقة انخدع بها كثير من الخلق جروا الأمة إلى مفاسد عظيمة ومن أمثلة ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أظهر بعض المنافقين دعوة إلى إقامة مسجد يؤدون فيه الصلاة ويجتمعون فيه، فكان مسجد ضرار الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدمه لأن أصحابه أظهروا شعارًا براقًا لكنهم في حقيقة الأمر سعوا إلى التفريق بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله وروسوله من قبل".
وتابع: "كذلك الخوارج الذين أظهروا عبادة ومباديء شرعية عظيمة لكنهم طبقوها في مواطن مخالفة لمراد الشارع ومقصوده؛ فأظهروا مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلوه في غير المعنى الشرعي حيث جعلوا المراد به الخروج على الولاية وعدم السمع والطاعة لمن ولاه الله عز وجل أمر الأمة؛ فأفسدوا وسفكوا الدماء وانتهبت الأموال وانتهكت الأعراض بسبب دعاية صدقها الناس على خلاف المراد منها".
واستطرد: "وهكذا في مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ورفع الله درجته؛ فإن من قام عليه أظهر مبدأ إسلامي أصيل ألا وهو الرغبة في العدل الذي أمر الله عز وجل به؛ لكنهم خالفوا الطريقة الشرعية في تحقيق هذا المبدأ فاجتمعوا وتآلفوا وانخدع بهم من انخدع بسبب هذه الدعاية المضللة والعنوان الزائف، فما كان منهم إلا جمعوا المجاميع وحاصروا المدينة وبيت عثمان حتى قتلوه رضي الله عنه؛ وكانت النتيجة توقف كافة أعمال الخير بعد مقتله رضي الله عنه؛ بل حصل من الشر والمفاسد وسفك الدماء، والتحام الجيوش الإسلامية بعضها ببعض".
ولفت إلى الفتن العظيمة التي تعرضت لها الأمة كـ"فتنة دولة الموحدين" وقد بنوا دولتهم على بدعة، وكان من قبلهم دولة المرابطين التي نفع الله بها كثيرًا وحمى الله بها بلاد الإسلام وتوقف الغزو الصليبي بفضل الله عز وجل ثم بسبب "ابن تاشفين" ومن معه بدولة المرابطين".
وتابع: "جاء هؤلاء الموحدون وأظهروا في البداية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تجاوزوا الحدود الشرعية وانتهكوا حدود الآخرين؛ ثم ادعوا أمورًا مخالفة للشرع كالعلم بالغيب والاطلاع على أحوال الخلق واستجاب لهم من استجاب وكونوا جيوشًا لمقاتلة دولة المرابطين حتى أسقطوها".
وأكد أن هذا المسلسل مازال مستمرًا يظهرون الأسماء الحسنة وشيئ من الشعائر الإسلامية من أجل أن ينخدع الناس بهم فينقادوا إليهم، مضيفًا: "لا تغتروا بمجرد الشعارات ولو أظهروا الشعارات الإسلامية".
شاهد المزيد:
اقرأ المزيد
استعرض الشيخ محمد بن حسن الشهري، مدير إدارة الدعوة بفرع الوزارة بمنطقة عسير، استراتيجيات الجماعات الضالة في التغرير بالشباب
الصحوة المراد محاربتها أو التي يسميها الإخوانيين "صحوة" ليست مرتبطة بتحريم ما حرمه الله من التبرج والسفور ومظاهر الفجور عند الرجال والنساء
كشف الشيخ نايف العساكر، مستشار في شؤون الجماعات والأحزاب المتطرفة، عن خقيقة توبة القيادات الإخوانية
عملت التنظيمات المتطرفة عبر العصور، على استغلال الإعلام وأدواته المتاحة في كل زمان، للترويج لأجنداتها داخل المجتمعات، فاستغل الإرهابيون
سرد الشيخ محمد بن حسن الشهري، مدير إدارة الدعوة والإرشاد بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة عسير، عن واقعة حقيقية تكشف أساليب التنظيم السروري