خلل عقدي عند الإخوان المفلسين قليل من تنبه له
بقلم - عبد الصمد بن أحمد السلمي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنّ مَعرفةُ المرضِ العقديِّ وسبَبُه يُعينُ عَلى علاجِهِ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عند كلامه على وقوع الخلط بين معنى الاستغاثة والتوسل من لدن بعض المنتسبين للعلم: «وأريد أن أعرف من أين دخل اللبس على هؤلاء الجهال؟ فإن معرفة المرض وسببه يعين على مداواته وعلاجه، ومن لم يعرف أسباب المقالات - وإن كانت باطلة - لم يتمكن من مداواة أصحابها وإزالة شبهاتهم». الاستغاثة في الرد على البكري (صـ 115 ).
وإن من أعظم الخلل العقدي عند جماعة الإخوان المفلسين هو جعلهم رسالة الرسل عليهم السلام من أولهم إلى آخرهم كانت بسبب توحيد الحاكمية، وليس توحيد الألوهية والعبادة، وهو ما يسميه بعض الباحثين بالتفسير السياسي للإسلام، فقد جعلوا معاني الوحيين من الكتاب والسنة أداة يطوّعونها حسب ما يهوون لخدمة حزبهم وجماعتهم؛ فيفسرونها تفسيرا باطنيا - بكلّ معاني الكلمة -، وهذا الخلل العقدي نبّه عليه الباحثون السلفيون كثيرا وأفادوا وأجادوا جزاهم الله خيرا.
وهناك خلل عقدي آخر عند الإخوان المفلسين قليل من تنبّه له، وهو: جعلهم الدنيا هي دار الجزاء، والآخرة فرع عنها، وبالتالي إيجاب فعل الأصلح على الله سبحانه وتعالى، كما تقوله المعتزلة القدرية، وأن الإنسان لا بدّ أن يجازى على أفعاله في الدنيا، فمن يسعى للكرسي لا بدّ أن يحكم!
وهاته العقيدة هي في الحقيقة عقيدة اليهود، قال الباحثون في العقائد والأديان : « ومن نظر أدنى نظرة في كتاب اليهود : التوراة والكتب الملحقة بها؛ يجد أنّ الوعود الواردة فيه مقابل الأعمال الصالحة والإيمان بالله؛ تدور حول المتعة الدنيوية من انتصار على الأعداء وكثرة الأولاد ونماء الزرع، إلى غير ذلك، كذلك الوعيد الوارد على المعاصي والكفر كلُّهُ يدورُ حول انتصار الأعداء عليهم وسبيِ ذرارِيهم وموتِ زرعهم ومواشيهم، إلى غير ذلك من العقوبات الدّنْيَوِيَّةِ؛ ممّا يدلُّ على عدمِ إيمانهم باليوم الآخر - حسب التوراة والكتب الملحقة بها -. » بنو إسرائيل في القرآن الكريم ( صـ/ 141 - 143 )، اليهودية واليهود، د. عليّ وافي (صـ/ 49 - 50 )، اليهودية، أحمد شلبي ( صـ/ 195 ) نقلا عن كتاب : دراسات في اليهودية والنصرانية لسعود بن عبد العزيز الخلف (صـ/ 98 ).
والصواب هو: أن الأصل أن الآخرة هي دار الجزاء، والدنيا دار ابتلاء، وقد تتخلف بعض الفروع في الدارين لحكمة ربّانية أرادها سبحانه وتعالى.
وهذا الخلل العقدي وإن لم يقله أكثر الإخونجية بلسانه صراحة؛ فأفعاله وتصرفاته تدلّ على ذلك دلالة واضحة، ومن ذلك - وهناك غيرها -:
- دعوتهم الصريحة للصراع مع القدر الربّاني من أجل التمكين = الكرسي؛ قال حسن البنا: « لا تصادموا نواميس الكون فإنّها غلابة، ولكن غالبوها، واستخدموها، وحوّلوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض » الرسائل (صـ/ 161 )، ومثله يقول سيد قطب فى كتابه معركة الإسلام والرأسمالية (صـ 61): «ولا بد للإسلام أن يحكم، لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية ... الخ كلامه )، وقوله: (لا بدَّ) هنا قدرية كونية، لا شرعية، بدليل أنه قال: (أن يَحْكُمَ)، والصواب: ( يُحَكَّمَ).
- تكلمهم عند سقوط حكم المخلوع محمد مرسي بعبارات واضحة في الاعتراض على القدر؛ لأن الحلم الذي كانوا يخططون له عبر 90 سنة ذهب أدراج الرياح، كما قال فوزي السعيد: (من شك في عودة محمد مرسي فهو يشكّ في الله )، وإخونجي آخر يحلف بالطلاق ثلاثا أن محمد مرسي سيرجع، وآخر يصعد إلى أعلى العمارة ويخاطب رب العالمين: (يا رب إنتا عملت كده فينا ليه؟!)، تعالى الله عن ضلالهم.
- قيام الكثيرين منهم بالانتكاسة عند خسارتهم رهان السلطة، وفي الحكمة: [من يصارع القدر يصرعه]، فالعامي منهم يحلق لحيته ويعود للتدخين ومعاكسة الفتيات، والمثقف والشيخ يتنازل عن ثوابته شيئا فشيئا حتى يصبح ليبراليا، كحال سلمان العودة وعائض القرني وأشباهم؛ لأن السعي خلف الكرسي يجعلك تتنازل إرضاء للجماهير، ورضا الجماهير قدر رباني، فهو سبحانه يفعل ما يشاء، و [من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ].
تعاملهم بالتكفير والتفجير ضدّ كل من يقف في وجه وصولهم إلى الكرسي، وهذا جعلهم إرهابيين من الدرجة الأولى [يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان]، فالتكفير والتفجير الذي يسمونه جهادا عندهم ليس مرتبطا بالشرع، بل متقيد بالمصلحة القدرية = الكرسي، ولذلك يرتكبون الشناعات في جهادهم المزعوم؛ لأن الغاية تبرر الوسيلة، وهذا أدلته واضحة لكل شخص.
- تكالبهم على دورات التنمية البشرية والطاقة الفيدانتية المهاريشية، وصرفهم الأموال والطاقات في تدريسها للشباب، وهاته الدروات مبنية على التكذيب بالقدر، وكيفية مصارعته للتغلب عليه، من باب "أنت تصنع مستقبلك بنفسك"، والمستقبل عند الإخونجية = الكرسي، ويفلسف الإخونجي صلاح الراشد هذه الباقعة في الصراع مع القدر للوصول إلى الكرسي بطابع التنمية البشرية المهاريشية قائلا: « كن رقيقا لطيفا في مداعبة القدر، تودّدْ له، إن القدر يتفاعل مع العقل على المستوى العالي » قانون الجذب (صـ/ 133 )
وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اقرأ المزيد
حذر عمرو فاروق، الباحث في شؤون التطرف، من خطورة تنظيم الإخوان الإرهابي في اليمن، مؤكدًا أنهم يلعبون على كل الأطراف من أجل تحقيق مصالحهم.
عملت التنظيمات المتطرفة عبر العصور، على استغلال الإعلام وأدواته المتاحة في كل زمان، للترويج لأجنداتها داخل المجتمعات، فاستغل الإرهابيون
وسبب وسمي له بـ "أخزم الحزبي" ذلك لمشابهة فعله في شنشنته بـ "شنشنة أخزم
أعلنت خلال الأيام الماضية الولايات المتحدة الأمريكية، القضاء نهائيا على تنظيم داعش في آخر معاقله بمدينة الباغوز شرق سوريا
سرد الشيخ محمد بن حسن الشهري، مدير إدارة الدعوة والإرشاد بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة عسير، عن واقعة حقيقية تكشف أساليب التنظيم السروري
استعرض الدكتور عبدالسلام بن سالم السحيمي، رئيس الهيئة الاستشارية بالجامعة الإسلامية، أسباب الانحراف في الفكر وسبل الوقاية من ذلك