وثائق "أبوت آباد".. كيف استثمر "الإرهاب" أصحاب السوابق الجنائية؟ (1)


حملت وثائق "أبوت أباد" التي أفرج عنها مؤخرًا، في أعقاب مداهمة منزل أسامة بن لادن عام 2011 قرب مدينة أبوت آباد شمال باكستان، الكثير من المفاجآت؛ وخاصة طريقة تفكير قادة تنظيم القاعدة حول أساليب التجنيد في شبكة "الإرهاب" العالمية، وعلى رأسهم أصحاب السوابق.

 

وتكشف نشرة داخلية مؤرخة في يوم الاثنين 13 ربيع الآخر 1431 هـ، تحت عنوان "تنبيه: تنشر بين الإخوة الإعلاميين، ولكن ليست للنشر العام، رسالة خاصة إلى الإخوة في ثغر الإعلام الجهادي"، بحسب وصفهم، تركيز قادة الإرهاب على مخاطبة أصحاب أصحاب السوابق الجنائية والجنح.

 

وبحسب عقل القاعدة المدبر لتجنيد أصحاب السوابق محمد عبد المجيد حسن قائد المعروف بـ "أبي يحيى الليبي"، فإنه يرى أن صاحب السوابق قد يشعر بتأنيب ضمير، مما يجعله فريسة سهلة لتنظيم "القاعدة" حيث يوفر له المخرج النفسي من هذه الحالة النفسية.

 

وتوضح إحدى الفقرات المفرغة من خطابات أبو يحيى الليبي كيف لعب التنظيم على هذا الوتر حيث يقول: "كم رأينا من الشباب الذين كانوا غارقين في بحور الغفلة، تائهين في أودية الضياع، ما كانوا يدرون ما الإيمان، ولا الصلاة، ويعيشون وسط أمتهم بقلوب ميتة، وأجساد مشلولة بلا هدف ولا همة ولا فكرة، وكأنهم ليسوا منها، فمنهم من كان ملطخًا بدنس الرذيلة، ومنهم من لا يكاد يفيق من فرط إدمانه على المخدرات، ومنهم الذي يقضي الساعات والأيام وهو يطالع مواقع المجون على شبكة الإنترنت، ومنهم الذين لا يرجون لله وقارًا ولا يعرفون لوالدين حقًا، ولا يراعون لجار أو قريب حرمة.. فما زالوا على ذلك حتى قذف الله في قلوبهم نور الإيمان برؤية وجه شهيد مبتسم، أو إصدار جهادي متقن، أو سماع كلمة تحريض عابرة، أو جلوس مع مجاهد مختف ناصح، أو بقراءة موقف بطولة وشجاعة وإقدام، فإذا به يخرج من الظلمات إلى النور، بل من الموت إلى الحياة، ليصير بعد ذلك أسداً من أسود الإسلام وبطلاً من أبطال الأمة".

 

وشكل هذا النوع من المجندين رصيدًا ثمينًا في عمليات القاعدة الإرهابية، وخاصة المجموعات "الانتحارية"، ويؤكد المنظر القاعدي ذلك بقوله: "فلا يلبث إلا قليلاً، حتى تجده قد دون اسمه في قائمة الاستشهاديين أو الانغماسيين، الذين يلاقون الموت كفاحًا صراحًا، وفي الصف الأول لا يلفتون عنه وجوههم (...) وليس كما يظن البعض من أن الدعوة لابد أن تسلك مسالك، وتمر عبر درجات ومراتب، على المرء أن يقطعها واحدة واحدة، حتى يوصف بعدها بأنه أصبح من المستقيمين أو الملتزمين، بل قد يكون صاحبها ممن عمل قليلاً وأُجِر كثيراً أسلم ثم قاتل"، بحسب قوله.

 

ويتجسد هذا النموذج القاعدي في "أبو حمزة المصري"، مصطفى كامل مصطفى 59 عامًا، الذي انتقل من كونه حارسًا لملهى ليلي إلى داعية متطرف، أحد الشواهد عما كشفت عنه الوثيقة.

 

إلا أن هذا الأسلوب في التجنيد الذي أقره تنظيم القاعدة؛ استخدمه تنظيم "داعش" بشكل أكثر حدة في تجنيد ما أطلق عليه بـ" الذئاب المنفردة"، حيث كشفت دراسة غربية أجراها المركز الدولي لدراسة التطرف أن غالبية المجندين في صفوف تنظيم "داعش" هم من أصحاب السوابق الجنائية، منوهة إلى اندماج شبكات إجرامية وإرهابية في أنحاء أوروبا لإنتاج "جهادي".

 

وأشارت الدراسة إلى أن ثلثي "الإرهابيين" الذين شملتهم الدراسة كانوا مستمرين في التدخين وتناول الكحول إلى جانب تعاطي المخدرات.

 

ومن بينهم كان إرهابي كوبنهاغن "عمر الحسين" (22 عامًا) الذي قتل شخصين بعد إعلان مبايعته لتنظيم "داعش" في 2015، والذي كان معروفاً لدى الأجهزة الأمنية ضمن أحد أفراد عصابة من المراهقين، اعتادوا سرقة المنازل وارتكاب الجرائم الصغيرة وتعاطي المخدرات.

اقرأ المزيد

سبل مواجهة استخدام جماعة الإخوان لـ"القوة الناعمة"

تكلمت في مقالات سابقة عن أساليب هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في استخدام القوة الناعمة، والتي منها: القدرة السياسية والمعنوية والتقنية والاقتصادية

المخاطر المترتبة على استخدام الجماعات المتطرفة لـ"القوة الناعمة"

تكلمت في مقالات سابقة عن أساليب هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في استخدام القوة الناعمة

داعية يحذر من أساليب الخوارج في تجنيد الشباب خلال شهر رمضان

حذر الشيخ عبدالمحسن باقيس، الداعية البارز، من الأساليب التي تنتهجها التنظيمات الخارجية وعلى رأسها تنظيم "الإخوان" الإرهابي لتجنيد الشباب في رمضان.

الأربعون الإخوانية.. أبرز الصفات التي تكشف الجماعة الفاسدة

بعد صدور بيان هيئة كبار العلماء في التحذير من جماعة الإخوان المسلمين - الإرهابية - ، نضع بين أيديكم هذه النبذة المختصرة التي تكشف لكل محب وأخ تربطنا به أخوة

جماعة المستتركين الجدد

منذ ستة قرون تقريبًا كان يوجد جماعة المستتركين، والتي مهدت الطريق للأتراك لكي يجتاحوا العالم الإسلامي بحجة تطبيق الشريعة

مكافحة التطرف على شبكات التواصل

عملت التنظيمات المتطرفة عبر العصور، على استغلال الإعلام وأدواته المتاحة في كل زمان، للترويج لأجنداتها داخل المجتمعات، فاستغل الإرهابيون

تعليقات


آخر الأخبار