سفر الحوالي ومغازلة الليبرالية الكانطية
بقلم - عبدالله بن محمد الشبانات
لقد أوضحت لك أيها القارئ العزيز في مقال سابق بعنوان حقيقة الليبرالية التنويرية وتجذّرها في الفكر الإخواني، وأتيت بعدة شواهد على هذا الأمر؛ فالإخوانيون حالهم حال الباطنية فكل جيل يأتي بانحراف أكبر وأوضح من سابقه ولا سيما أنّ انحرافاتهم تأتي على شكل قفزات من جيل إلى آخر .
ولتوضيح ما وقع فيه سفر الحوالي من طامة عظمى؛ فإني أريد أن أذكركم أن الليبرالية الكانطية تعتمد في فكرها على أمرين الأول الحرية وهي الأساس والثاني استبدال الدين بالأخلاق بزعم أنّ البشرية قد نضجت واهتدت لمنظومة خلاق موحدة وذلك تمهيدًا للموذج الحضاري الفردي بزعمهم.
وقد صرح مفكروا تنظيم الإخوان وزعمائهم بهذين الأصلين والدعوة إليهما على هذا النسق ولكن بشيئ من الشرعنة والأسلمة حتى تُقبل وها هو سفر الحوالي وبكل صراحة يؤكد في كتابه المسلمون والحضارة الغربية في صفحة (١٥٨) أنّ السياسة الشرعية قائمة على الأخلاق مع أن السياسة الشرعية قائمة على الحكم بالشريعة الإسلامية وليس على الأخلاق.
قال الله تعالى: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ) فلم يقل وأن احكم بينهم بالأخلاق فكثيرٌ من الأخلاق الحميدة موجودة في الجاهلية وعند الأمم الأخرى أصلا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا)؛ والجاهلية تحتوي على عقائد وأحكام وأخلاق سواء رديئة أو جيدة فالعقائد والأحكام مُطّرحة قال الله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون)، وأما الأخلاق فحسنها مقبول مؤكد عليه ورديئها مرفوض فكيف تكون السياسة الشرعية قائمة على الأخلاق التي هي قاسم مشترك بين الأمم ويُترك الشريعة التي نزلت من الله على هذه الأمة لتحكم بها.
ثم يقول الحوالي معقبًا في نفس الصفحة على ذلك (ولاسيما العدل) جاعلا العدل من الأخلاق وهذه مغالطة كبيرة جدًا فالعدل هو الحكم بالحق فلا يمكن لإنسان أن يعرف الأحكام العادلة الحقة ويتوصل إليها بأخلاقه بل بالوحي فالأحكام في تشريعها وأصلها الموصلة للعدل غير موكلة للأخلاق بل موكلة للوحي الذي هو الشريعة هنا في السياسة الشرعية فكيف يعرف الإنسان أنّ حكم السرقة هو قطع اليد أو أنّ حكم قتل النفس عمدا هو القتل ثم يُصار إلى الدية في حالة طلب اولياء الدم وذلك في حالات معينة فهذا هو العدل ولا يمكن أن يُتوصل إلى هذا العدل بالرؤية الأخلاقية؛ نعم طلب العدل وتأييده هو من الفطرة السليمة والأخلاق الحميدة وأما تشريعه وإقامته فلا يكون بالأخلاق أبدًا .
إنّ عبارة سفر الحوالي أنّ السياسة الشرعية قائمة على الأخلاق ولاسيما العدل عبارة براقة تُوهم من يقرأها بالثقة والشموخ ولكنه شموخ كشموخ الأصنام العظيمة في حجمها والخاوية والمخادعة في مضمونها فجميع ما يدور في كتابه هو لإثبات هذه العبارة وتأصيلها.
لقد استبدل سفر الحوالي الشريعة الاسلامية بالأخلاق في السياسة الشرعية كما استبدل أمانويل كانط الليبرالي الدين بالمنظومة الأخلاقية في الحياة مستثنيًا الإيمان الداخلي فقط.
إننا في مرحلة يحاول فيها تنظيم الإخوان إظهار جزئه المهم للغرب وتأصيله شرعًا ليثبّته وليظهر نفسه أنّه النموذج الإسلامي الأحسن والوحيد وهيهات؛ فالله متم نوره رغم أنف كل ظالم منحرف مُحرّف مبتدع.
اقرأ المزيد
فإن بعض الجهلة ردّا على الإخوان المسلمين قد ينكر مشروعية الخلافة العامة، وهذا من مقابلة البدعة بالبدعة، والخطأ بالخطأ
دحض الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن ريس الريس، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الشبهات العصرية المثارة لتشويه الدعوة السلفية
سألني أحد الأفاضل: يا شيخ محمد ..نريد حلا صريحا أمام هذه الأحداث يُخرج بعض السلفيين من الحيرة أمام هذا التهييج الإعلامي الإخواني!!
الغزو الثقافي والفكري يُعيد صياغة الأسرة المسلمة العربية بوسائله الحديثة، فتقفز على الشاشات المسلسلات الدرامية التركية وغيرها
فهذه كتابة يسيرة حول شخصية غريبة تكلم عليها جمع من أهل العلم على اختلاف مذاهبهم العقدية والفقهية
لا شك أن الأحداث الجسام على وجه الأرض، وتفاعل التكوين البشري معها يكشف عن الترتيب الحقيقي للقِيم أمام أعينهم